وفاء عواد
  • الزمان: يوم الجمعة 1 كانون الأول، الساعة الثالثة ظهراً، وإلى أجل غير مسمّى.

  • المكان: قلب بيروت المقاومة، أول وآخر الاحتمالات.. في مكان قريب من حيث انطلقت يوماً عام 1982 مكبرات صوت العدو الإسرائيلي “لا تطلقوا النار.. إننا راحلون، راحلون”.

  • الحدث: أكثر من مليون معارض لبناني يرفعون لاءاتهم في وجه حكومة لاشرعية.

  • التفاصيل: في عاصمة أرادتها “الأكثرية” مشلّعة، تختبئ فيها خلف شعارات وعبارات أضحت كالطبل الأجوف في أعراس الفتنة، أصرّت المعارضة على المواجهة الحقيقية في الساحات الحقيقية، أرادت أن تبحر في ذاكرة جموع لبنان الواحد العلماني لتخرج منها بضوء يعطيها الهوية والحضور، فقرّرت أن تضع نقطة التعب والقرف من الطارئين على الانتماء في نهاية ديوان التمرّد.
    كانت مفكرة الحكومة خالية تماماً من هذا الموعد. لم تكن تنتظرهم، فجاؤوا دفعة واحدة تحت لواء أرزة واحدة، وبحماية رب واحد، يتراصّون وسط الحصار المفروض قبل اكتمال الدائرة، يومئون بابتساماتهم الخفيّة إلى زمن تصير فيه خريطة الوطن مسافة ملغاة التضاريس من دون حواجز مذهبية وطائفية، وترسم عيونهم تفاصيل الوطن المثقل بالوعود الموؤودة.
    هم عشاق هذه الأرض، يحملون نبضها وعداً بالقيامة. تقاطروا من مقالع لبنان ودساكره، جنوباً وجبلاً وشمالاً وبقاعاً. عبروا المسافات من مداخل كل الوطن، من خلية الى خلية، معلنين بدء العصيان في بيروت المقاومة التي تعرف ذاكرتها من أحبها.. ما خانوا انتماءهم الى الوطن، فأبوا أن يتركوه تحت وطأة التنين.
    آمنوا بأن طعن الحرية، باسم الحرية، هو أقسى من العبودية نفسها.. ومن أجل وقفة عز فقط، رفضوا الانحناء والتحوّل الى “شهود زور” على عتبات حكومة مهترئة وعروشها المتساقطة.. ارتفعوا فوق مسيرة الضجيج، معلنين لحظة البداية.

  • الخاتمة: ماذا بعد؟.. بعد ساعات أو ربما بعد أيام، ستعتاد “الأكثرية” هذه الظاهرة “الوهمية” وتصدّق الصورة اللاأسطورية بمعناها كما هي لعلّها تحرك في داخلها الخيبة الكبرى، وستقرأ أن الأحرار إذ يطرحون شعار الحرية فهم يفتحون الأبواب أمام الماضي والحاضر والمستقبل.
    وبعيداً عن الحشد “الاستعراضي” وأرقامه، ستدرك هذه “الأكثرية” وتصدّق أنه فصل الخصب يحزم أمتعة الخريف في أوان العواصف، وسيكون البدء المتواضع لعمارة الآتي!