تقدّم النائبان بلال عبدالله وجورج بوشكيان، أول من أمس، باقتراح قانون معجّل مكرّر لإضافة فقرة جديدة إلى المادة الخامسة من المرسوم الاشتراعي الرقم 144 (تاريخ 1959) تنص على استفادة «المؤسسات التي تمارس صناعة الأدوية من حسم ضريبي يعادل 90% من الضريبة المتوجّبة على أرباحها الناتجة عن صناعة الأدوية المرخّصة من وزارة الصحّة العامة، سواء كانت هذه الأرباح ناتجة عن عمليات بيع هذه الأدوية في الداخل أو عن عمليات تصديرها إلى الخارج».في الأسباب الموجبة، يستند معدّا الاقتراح إلى عاملين يوجبان دعم الصناعة الوطنية، أولهما ما كشفته الأزمة المالية الأخيرة وما رافقها من كوارث في سوق الدواء لناحية «الدور الذي لعبته المصانع الوطنية في التخفيف عن المواطن عبر توفير بدائل له في مقابل ما فعلته الشركات المستوردة للأدوية». والثاني يتعلّق بالكلفة التي تتكبّدها الصناعة المحلية بسبب «ضعف الحوافز، إذ إن المادة الخامسة (موضوع التعديل المقترح) تضمّنت حوافز لتشجيع قطاع الصناعة في لبنان، لكنّ الزمن تجاوزها منذ أُقرّت عام 1980». أضف إلى ذلك، المعايير المكلفة المفروضة على صناعة الأدوية التي تواجه منافسة قوية من شركات عالمية تؤمّن لها دولها حوافز تمكّنها من الاستمرار. ويلفت عبدالله إلى تجارب دول تعطي الأولوية لصناعاتها الوطنية «ويمكننا أن نفعل الأمر نفسه بإعطاء الأفضلية لصناعة الدواء المحلي، ما ينعكس أيضاً خفضاً للفاتورة الدوائية وزيادة في فرص العمل». ولكن ما هي الانعكاسات المباشرة؟
على المدى المنظور، لن يكون لهذا الحسم تأثير مباشر على الأسعار، بحسب نقيبة مصانع الأدوية في لبنان كارول أبي كرم، إذ إن أسعار الأدوية «تصدر عن جهة محدّدة، وأساساً لا نضيف هذه الأعباء على الأسعار لكي تبقى مناسبة للمواطن». لذلك، فإن ما يمكن أن يؤدي إليه هذا الحسم هو «خفض الأعباء عن كاهل القطاع وتشجيع الاستثمارات الجديدة وزيادة خطوط الإنتاج وتوسعة المحفظة الدوائية للصناعة المحلية». وهذا ينعكس على المدى الأبعد بزيادة الكميات والأصناف من الأدوية الوطنية، وتحديداً تلك التي تعالج الأمراض المزمنة، والتي وصل حجم تغطيتها مع الحوافز السابقة إلى «30% من حجم السوق الإجمالي وحوالي 85% من الأدوية المزمنة والأساسية الأكثر استهلاكاً».
في المبدأ، يساهم هذا القانون، بحسب المعنيين به، في زيادة حجم الصناعة الوطنية في السوق المحلية والتخلص من الأزمات التي تؤدي إلى انقطاع الدواء بين فترة وأخرى. غير أن هناك خشية من أن يشكّل القانون ممراً لفتح استثمارات فقط، من دون تغذية السوق بالكمية والحجم المأمول منه. ويستند أصحاب هذه المخاوف إلى تجارب سابقة، حين «أعطيت المصانع الوطنية محفّزات كثيرة، أهمها القرار الوزاري برفع الدعم عن الأدوية المستوردة وتحويله إلى الأدوية الوطنية البديلة (الجينيريك)». صحيح أن هذه الخطوة أدّت إلى إنعاش الصناعة وافتتاح مصانع أدوية جديدة، آخرها ثلاثة يجري العمل على تجهيزها، وتوسعة مصانع أخرى، إلا أنها فتحت الباب على تساؤلات عما إذا كانت هذه المحفّزات قد انعكست في السوق، في ظل شكوى شبه دائمة من انقطاع بعض أصناف الأدوية المحليّة، وعما إذا كانت ستُستغلّ لتعزيز التصدير وزيادة أرباح المصانع، من دون أن يلمس المواطنون نتيجة لها.