أطلقت وزارة الصحة مناقصة عمومية لتلزيم شراء أدوية تشمل أصناف أدوية الأمراض السرطانية والمستعصية التي تتخطّى أسعارها الـ 200 دولار. عملياً، تنهي الوزارة بذلك مرحلة الدعم السابقة، لتصبح هي الشاري، لا الراعي أو «الخزنة» التي تدفع المال فقط. كذلك تتجه إلى وضع ضوابط تتعلق بسوق الدواء، لناحية تحديد الأصناف والكميات التي يحتاج إليها، والحصول عليها بأسعارٍ مناسبة، وذلك على غرار ما تفعل صناديق ضامنة أخرى، كالمؤسسات العسكرية التي تحصل على أدويتها بأسعار تشجيعية. ومن المفترض أن تقوم الوزارة بتوزيع الأدوية عبر المستودع المركزي للأدوية في الكرنتينا.كما دخل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ببعض أصناف الأدوية السرطانية والمستعصية التي يستفيد منها مرضاه، جنباً إلى جنب مع الوزارة، استناداً إلى معيار أساس، وهو أن تشمل تلك التي يُتوافق عليها ضمن البروتوكولات الطبية المعتمدة في الوزارة.
استناداً إلى هذه المناقصة، ينتهي العمل بآلية الدعم التي ساهمت طوال سنوات الأزمة في مراكمة المال في جيوب المستفيدين مقابل حرمان المرضى من أدويتهم، وتصبح آلية شراء الدواء استناداً إلى لوائح معدّة مسبقاً. وبحسب مصادر في الوزارة، «استفدنا من نظام تتبع الأدوية لمعرفة الأصناف التي نستهلكها والكميات التي نحتاج إليها». وأوضحت أن «اللوائح أعدّتها لجنة بناءً على دراسات وخلصت إلى اعتماد نموذج موحّد للأدوية الموصى بها عبر منظمة الصحة العالمية وأصناف أخرى جديدة ومتطورة أدخلت لتغطية كل البروتوكولات».
أهمية المناقصة أنها «تفتح الباب إلى ما نحتاج إليه»، وستعمل على «تشحيل» الفاتورة مما لا يلزم. فعلى سبيل المثال «إذا كان هناك مثلاً أربعة أو خمسة مورّدين يستوردون الدواء نفسه، فإن آلية الشراء الجديدة سترسو على مورّد واحد يأتي بالدواء بأفضل سعر». وفاعلية هذا الأمر أن «المناقصة ستحثّ الوكلاء والشركات على إعطاء أسعار تشجيعية». وإلى حين تغيير آلية الشراء، يبقى العمل بالآلية المعمول بها حالياً عبر حلقة الدعم. وتواجه هذه الآلية اليوم تعسّراً، إذ يرتبط توزيع الوكلاء للدواء في السوق بعد صرف الأموال اللازمة. ولكن بسبب البيروقراطية تتعطل هذه الآلية. وبدلاً من أن تأخذ العملية أربعة أسابيع كي تنتهي «البرمة» بين وزارتَي الصحة والمالية والمصرف، «تأخذ فترة 8 أسابيع وأحياناً عشرة»، بحسب أندريه فاضل، أمين سر نقابة مستوردي الأدوية وأصحاب المستودعات. ويقع مرضى السرطان والأمراض المستعصية ضحية هذا التأخير الذي تخطّى شهرين ونصف شهر في الآونة الأخيرة، لافتاً إلى «أننا قبضنا جزءاً من فواتير هذا العام قبل أسبوع فقط». وإن كان الأخير يؤكد أن «لا تقطع الأدوية الأساسية، وإن كنا نخاطر في بعض الأحيان بسبب تراكم الديون»، إلا أن ذلك لا ينسحب على البقية. ولذلك، بالنسبة إلى هؤلاء «المناقصة أفضل من آلية الدعم، غير أن المشكلة تكمن في القبض، وخصوصاً أنه سيكون هناك فترة ثلاثة أشهر ما بين الفوترة والقبض، ونحن نعمل على إيجاد طريقة للحل».