قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، استبعاد وزير «مجلس الحرب»، بيني غانتس، من عملية اتخاذ القرار بشأن المفاوضات الدائرة في قطر، للتوصل إلى صفقة تبادل أسرى. وإذ أثار ذلك استياء المحيطين بغانتس، فإنه لن يفضي، في المرحلة الحالية على الأقل، إلى انسحاب زعيم «المعسكر الوطني» من حكومة الطوارئ، وفقاً لما كشفته صحيفة «إسرائيل اليوم». وبحسب معلّق الشؤون العسكرية في الصحيفة، يوآف ليمور، فإن نتنياهو أطلع أعضاء «الكابينيت» على قراره خلال الجلسة التي عقدت مساء الإثنين، مشدداً على أن «التوجيهات للوفد لن يحددها، من الآن فصاعداً، سوى هو ووزير الأمن يوآف غالانت»، خلافاً لما حدث سابقاً، حيث كان الثلاثي نتنياهو - غالانت - غانتس يقرّر بخصوص هذه التوجيهات بناءً على توكيل «مجلس الحرب».والواقع أن العلاقة بين نتنياهو وغانتس باتت، في الأيام الأخيرة، في «أسوأ صورة لها» منذ بدء الحرب، طبقاً للمصادر المقرّبة من غانتس، والتي تعرب عن اعتقادها بأن «نتنياهو يريد إبعاد رئيس «المعسكر الوطني» عن مراكز اتخاذ القرار، ما يشكّل مخالفة للاتفاق الذي انضم على أساسه الأخير إلى حكومة الطوارئ في بداية الحرب»، والذي بموجبه وافق الطرفان على أن يكون غانتس شريكاً كاملاً في إدارة المعركة وسيرها، بما يشمل إدارة المفاوضات لإطلاق سراح الأسرى. وينقل ليمور عن المصادر نفسها قولها إن «نتنياهو يواصل الانشغال بالسياسات التافهة خلال الحرب، عندما تكون القضايا المصيرية مطروحة على الطاولة، وعلى رأسها مسألة المختطفين».
وإذ «شارك غانتس فعلياً، مساء الإثنين، في المصادقة على التفويض الممنوح للوفد الإسرائيلي الذي سافر إلى قطر»، فإن استبعاده من المفاوضات هو أحد التغييرات التي أدخلها نتنياهو في اللحظة الأخيرة، قبيل سفر الوفد المفاوض، برئاسة رئيس «الموساد»، دادي برنياع، إلى الدوحة. كما غيّر نتنياهو في التفويضات التي مُنحت للوفد؛ بحيث بات على الأخير إظهار مرونة أقل. وبحسب مصدر مطّلع على الموضوع، فإنه «بات واضحاً أن نتنياهو يفعل ذلك تلبية لرغبة ممثلي اليمين المتطرف في الحكومة»، وإن «غمامة كبيرة من الشكوك تخيم حول ما إن كان فعلاً معنياً بالتوصل إلى صفقة». أما استبعاده غانتس، فقد يكون هدفه أيضاً الضغط على الأخير لكي يسمح لشريكه السابق في الكتلة، رئيس حزب «أمل جديد»، المنشق جدعون ساعر، بالانضمام إلى «كابينيت الحرب»، وخصوصاً بعدما هدد ساعر بأن لدى نتنياهو أياماً معدودة لضمه، وإلا فسينسحب حزبه من «الكابينيت» الموسّع، باعتباره بمثابة «ديكور» أثبت محدودية تأثيره في صنع القرارات.
وفي هذا الإطار، نقلت الصحيفة عن مصادر في «اليمين الوطني» (اسم حزب ساعر الجديد)، قولها إنها «متأكدة من أن عدم ضمّ ساعر إلى الكابينيت المصغّر إلى الآن، تقف من خلفه زوجة نتنياهو، سارة»، مذكّرةً بالعلاقات المشحونة التي سادت بينهما، بالإضافة إلى هجوم نجل نتنياهو، يائير، على ساعر أكثر من مرّة عندما انشق الأخير عن «الليكود» قبل سنوات، ونجح في الفوز بأصوات من القاعدة الانتخابية للحزب. ووفق المصادر، فإنه «في الأحاديث المغلقة، أوضح (وزير المالية، بتسلئيل) سموتريتش، أنه تخلّى عن مطلبه الانضمام إلى المجلس، وهو يفضل انضمام ساعر الذي يقود خطاً يمينياً متشدداً». وبحسب التقديرات، فإن «الأغلبية المطلقة في محيط نتنياهو تؤيد انضمام ساعر»، كونه سيمنح نتنياهو «حصانة» في حال استقالة غانتس، باعتبار أن لدى زعيم «اليمين الوطني» أربعة أعضاء، ما سيجعل الحكومة عملياً مكونة من 68 عضواً في حالة كهذه. وبالعودة إلى سارة، فإن رفضها نابع من انعدام الثقة بساعر، والخشية من أن يؤدي انضمامه إلى زعزعة الحكومة، وبالتالي تفككها وتقديم موعد الانتخابات.
ووفقاً لـ«إسرائيل اليوم» أيضاً، فإنه في جلسات مجلس الحرب المصغّر، كان هناك إجماع بين جميع الوزراء (غالانت، غانتس، غادي آيزنكوت، رون ديرمر، وكذلك أرييه درعي الذي يشارك في الاجتماعات) وجميع رؤساء الأجهزة الأمنية (رؤساء الأركان، الشاباك، الموساد، إضافة إلى منسق الأسرى والمفقودين، نيتسان ألون)، على أنه من الممكن المضي قدماً في الصفقة. لكن «نتنياهو تجنّب ذلك، وقرر نقل القرار إلى الكابينيت الموسع». ولذا، أعربت المصادر عن خشيتها من أن الاستراتيجية التي ينتهجها رئيس الوزراء «يمكن أن تعرّض المفاوضات للخطر، وأنه في مثل هذه الحالة سيحمّل حماس المسؤولية، باعتبار أن مطالبها المبالغ فيها أدت إلى فشل المحادثات».
العلاقة بين نتنياهو وغانتس باتت، في الأيام الأخيرة، في «أسوأ صورة لها» منذ بدء الحرب


وفي سياق أوسع يعبّر عن «تفاقم الخلافات» بين الإدارة الأميركية ونتنياهو، منع الأخير مسؤولين إسرائيليين أمنيين اثنين رفيعَي المستوى، من عقد اجتماع كان مقرراً مع مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، باربارا ليف، التي وصلت إلى إسرائيل يوم الإثنين، للبحث في سلسلة من القضايا المتعلّقة بالحرب. ووفقاً لما كشفته «القناة 12» الإسرائيلية، فإن نتنياهو طالب رئيس «الشاباك»، رونين بار، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية («أمان»)، أهارون حاليفا، بإلغاء اجتماعاتهما التي كانت مقررة لهما مع مبعوثة الرئيس الأميركي. واستدركت القناة بأنه في نهاية المطاف، عُقد الاجتماع الذي كان مقرراً بين حاليفا وليف «بعد ساعات طويلة من التأخير والمماطلة»، في حين لم يصدر نتنياهو توجيهات جديدة إلى بار، وبالتالي بقي الاجتماع بينه وبين ليف لاغياً. كما نقلت القناة عن مصادر إسرائيلية مطلعة، قولها إن «إلغاء الاجتماعات مع المسؤولة الأميركية جاء في سياق محاولة نتنياهو بث رسائل إلى الرئيس الأميركي (جو بايدن) وكبار المسؤولين في إدارته، تعبّر عن رفضه لما يراه تدخلاً في الشؤون السياسية الداخلية الإسرائيلية».