طهران | بعد يومين من الهجوم الانتقامي الإيراني الذي استهدف إسرائيل بمئات الصواريخ والمُسيّرات، وفيما تسعى طهران إلى تعزيز إنجازها الاستراتيجي المتمثّل في إعادة بناء قوتها الرادعة، تستمر التكهنات حول كيفية ردّ إسرائيل المحتمل على الهجوم. وفي الوقت نفسه، تتزايد المشاورات الدبلوماسية لمنع تصاعُد التوتّر. وخلال اليومَين الماضيَين، اللذين أعقبا الهجوم علی إسرائیل، أجرى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، مشاورات دبلوماسية منفصلة عبر الهاتف مع نظرائه الألماني والروسي والسعودي والقطري والإماراتي والترکي والسوري والمصري والهندي، لشرح أهداف إيران من هذا الهجوم. وشدّد أمير عبد اللهيان، خلال هذه المحادثات، على «موقف (بلاده) المبدئي بمعارضة الحرب»، قائلاً إن «هدف الجمهورية الإسلامية الإيرانية هو تحذير الكيان الصهيوني لفهم عواقب تجاوزه الخطوط الحمر بعد عدوانه الأخیر علی القنصلیة الإيرانية في دمشق»، مؤکداً أن «ردّ ایران سيكون فوريّاً وواسع النطاق إذا اتّخذ الكيان الصهيوني إجراءات مضادة».وفي السیاق نفسه، أكّد الناطق باسم وزارة الخارجية الإيرانية، ناصر كنعاني، خلال مؤتمره الأسبوعي، أمس، أن «الجمهورية الإسلامية الإيرانية هي دولة قوية وصانعة للأمن في المنطقة»، وأن «قيامها باستهداف بعض القواعد العسكرية لإسرائیل يتماشى مع ممارسة حقّ إيران الأصيل في الدفاع عن النفس بموجب المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة، ويأتي ردّاً على العدوان الإسرائيلي على المقرّ الدبلوماسي الإيراني في سوريا». وأضاف أن «إيران لا تسعى إلى التصعيد في المنطقة وتلتزم بالمعايير والقوانين الدولية وستعمل دائماً على ردع ومعاقبة أيّ معتدٍ»، مؤكداً أن «الإجراء الذي اتّخذته إيران كان ضروريّاً ومتناسباً واستهدف أهدافاً عسكرية».
في المقابل، وفيما تحدّثت وسائل إعلام إسرائيلية عن أن تل أبيب عازمة على الردّ على الهجوم الإيراني، فإن نطاقه وتوقيته لم يتحدّدا بعد. وكان مجلس الحرب الإسرائيلي اختتم اجتماعه أمس، على أن ينعقد مجدّداً الیوم لمواصلة بحث خيارات الردّ على إيران. وفي هذه الأثناء، أفادت بعض وسائل الإعلام الأميركية بأن الردّ الإسرائيلي أصبح وشيكاً؛ إذ نقلت شبكة «سي إن إن» عن مسؤولين إسرائيليين، قولهم إن «مجلس الحرب مصمِّم على الردّ على هجوم إيران، وأعضاءه يناقشون توقيته ونطاقه»، وإنه «يدرس شنّ هجوم على منشأة إيرانية كرسالة، لكنه سيتجنّب التسبّب بوقوع إصابات». وتابعت «سي إن إن» أن «الوزير في مجلس الحرب، بيني غانتس، دفع في اتّجاه ردّ أسرع على هجوم إيران، ورئيس الحكومة، بنیامین نتنياهو، أحجم إلى الآن عن اتّخاذ القرار». وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» ذكرت، نقلاً عن ثلاثة مسؤولين في إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، قولهم إن «إسرائيل قد تردّ على الهجوم الإيراني، يوم الإثنين (أمس)». وأفادت مصادر الصحيفة، بأن «الرئيس الأميركي حاول، خلال محادثة مع نتنياهو، ثني إسرائيل عن الردّ المتسرّع».
تتزايد مطالبة القادة الغربيين لإسرائيل بالامتناع عن الردّ على الهجوم الإيراني


من ناحية أخرى، وبعد 24 ساعة من الهجوم الإيراني على إسرائيل، دخل الجانبان معركة دبلوماسية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، انتهت من دون تحقيق إنجاز واضح لإسرائيل؛ حیث اجتمع المجلس، ليل الأحد، بناءً على طلب عاجل من الدولة العبرية للبحث في تداعيات الهجوم الذي نفّذته إيران، إلا أن أي قرار لم يصدر عن الاجتماع. وخلال الجلسة، تبادلت إسرائيل وإيران الاتهامات بأنهما التهديد الرئيسي للسلام في الشرق الأوسط، ودعا كلا الطرفَین مجلس الأمن إلى فرض عقوبات على عدوه اللدود. وقال السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، جلعاد إردان، خلال الجلسة، إن «القناع سقط. إيران، الداعم الرئيسي للإرهاب في العالم، كشفت وجهها الحقيقي بوصفها مزعزعة لاستقرار المنطقة والعالم»، وطلب من المجلس تصنيف «الحرس الثوري»، «منظّمة إرهابية»، و«فرض كل العقوبات الممكنة ضدّ إيران قبل فوات الأوان».
في المقابل، قال السفير الإيراني لدى الأمم المتحدة، أمير سعيد إیرواني، خلال الجلسة، إنه «لم يكن أمام (الجمهورية الإسلامية) خيار سوى ممارسة حقّها في الدفاع عن النفس»، بعدما «فشل مجلس الأمن في تأدية واجبه بالحفاظ على السلم والأمن الدوليَّين» من خلال عدم إدانته الضربة التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق، مؤكداً في الوقت ذاته أن طهران لا تريد التصعيد، لكنها ستردّ على «أيّ تهديد أو عدوان». ومن جانبه، حثّ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، على ضبط النفس، قائلاً إنه «لا المنطقة ولا العالم يستطيعان تحمُّل المزيد من الحرب».