strong>يقرع جان زيغلر جرس الإنذار منذ أن تولى منصبه في الأمم المتحدة بصفة مقرّر خاص بالحقّ في الغذاء. زيغلر المصدوم بحجم الدمار في لبنان يخص «الأخبار» بحديث عن الحرب وتداعياتها، ويعد بـ«مفاجآت» في مجلس حقوق الإنسان
بسّام القنطار

اختتم أوّل من أمس المقرّر الخاص لدى الأمم المتحدة بالحق في الغذاء، جان زيغلر، زيارته إلى لبنان حاملاً في جعبته الكثير من القرائن والمعلومات التي سيقدّمها إلى مجلس حقوق الإنسان الذي افتتح اليوم جلسته العادية الثانية. ومن المقرّر أن تناقش هذه الجلسة انتهاكات حقوق الإنسان خلال الهجوم الإسرائيلي على لبنان.

يعرّف زيغلر عن نفسه بأنه ينتمي ثقافياً وسياسياً إلى «العالمثالثية». وأكّد في مقابلة خاصة مع «الأخبار» أنّ ما يصدر عنه من آراء لا يعبّر بالضرورة عن رأي الأمم المتحدة، ولا يرتبط بمهمته بوصفه مقرّراً خاصاً.
يعرف زيغلر أن مهمته تزعج إسرائيل، التي لم يزرها على غرار ما فعل الخبراء الأربعة الذين كانوا قد وصلوا إلى لبنان الأسبوع الماضي، ضمن بعثة كلفها مجلس حقوق الإنسان مهمة تقصي الحقائق المتعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني خلال العدوان الأخير على لبنان. فلقد سبق وزار الأراضي المحتلة وقدم تقريراً عن الوضع المأسوي في الضفة الغربية وغزة، وأثار تقريره في حينها ضجة كبيرة أدت إلى قيام حملة شرسة عليه من قبل منظمة أميركية صهيونية تسمى «منظمة مراقبة الأمم المتحدة». لكن ذلك لم يحل دون إعادة انتخابه قبل أشهر للمنصب نفسه نظراً للصدقية العالية التي يتمتع بها.
يعكف زيغلر على مراجعة كتابه الجديد بالفرنسية «إمبراطورية العار» الذي سيترجم إلى العربية أيضاً. ويتضمن وصفاً «لاستخدام جريمة 11 أيلول من قبل حكومة الولايات المتحدة الأميركية والشركات عبر الوطنية كذريعة لاحتلال العالم والسيطرة على مقدراته».
يحزن زيغلر للضحايا الذين قضوا جراء الحرب الأخيرة، ويصف الحرب بأنّها «مأساة إنسانية للبنان وإسرائيل». ويتابع: «أرفض أن يوصف حزب الله بالإرهاب، إنه حركة مقاومة وطنية، وعندما تفشل كل الجهود لتحرير الأسرى بالطرق الدبلوماسية، أستطيع أن أتفهم قيام هذه الحركة باحتجاز جنود لمبادلتهم. لكن ما لم استطع فهمه حتى الآن هو رد الفعل الإسرائيلي على حادثة أسر جنديين». يرى زيغلر «أن إسرائيل تفسر بطريقة عجيبة مبدأ الدفاع عن النفس، الذي أقرته المادة 51 من الشرعة الدولية لحقوق الإنسان»، ويعطي مثالاً على ذلك: «تصوّر لو أنني كنت أمشي في بيروت وحاول أحدهم سرق محفظتي. الشرعة الدولية تعطيني الحق بصده وتعقبه، لكن ذلك لا يعني أن أحرق بيروت إذا فشلت». ويضيف: «لذلك، أرى ردّ فعل إسرائيل ضد لبنان بهذه الطريقة وقتل كل هؤلاء الأبرياء انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي».
وعن التقرير الذي سيرفعه إلى الأمم المتحدة، يقول زيغلر: «سيتضمّن توثيقاً مفصّلاً للانتهاكات الإسرائيلية التي ارتكبت بحق المزارعين والبنى التحتية الزراعية، ولاستهداف وسائل النقل والمواصلات، ووجود مئات آلاف الألغام التي تشل معاودة النشاط الزراعي، إضافة للدمار الذي لحق بكل نظم الري في الليطاني ومصادر مياه الجنوب، وكذلك القضاء على الأسس للبنى المادية للصيد، وعدم قدرة المزارعين على جني محصول الزيتون أو زرع شتول الموز».
وعن عمل لجنة التحقيق التي ألفها مجلس حقوق الإنسان، يقول زيغلر: «لا أستطيع التكهّن من الآن. لكنّ الصورة واضحة والدمار هائل وانتهاكات حقوق الإنسان بينة. وسنلقي الضوء من الناحية القانونية، فضلاً عن المعرفة التجريبية الميدانية، ممّا يساهم في اغتناء مداولات لجنة حقوق الإنسان. وأعتقد أن المجلس المتحرر من قيود الحكومة الأميركية سيقدم الكثير من المفاجآت».
يرى زيغلر «أن الحرب التي شنت على لبنان تشكل حلقة من حلقات الحروب العبثية التي تخوضها إمبراطورية العار. إن هذه الحروب تزيد كوارث المذبحة اليومية التي يسببها الجوع والتي لا تبررها أية حتمية أو قدر. وراء كل ضحية يقف قاتل، والنظام العالمي الراهن ليس قاتلاً فحسب بل هو قاتل عبثي أيضاً. إنّها مجزرة تتمّ باعتيادية لا مبالية. المعادلة بسيطة، فمن يملك المال يأكل ويعيش، أما من لا يملكه فهو يعاني ليصبح عاجزاً أو يموت، وليست هناك أية حتمية أو قضاء، فكل من يموت من الجوع يموت مغتالاً».