هل نحتفل قريباً بانتصار الإصلاح على الفساد في الأجهزة الأمنية؟. إذ من المقرر أن تنطلق اليوم أمام قاضي التحقيق العسكري في المحكمة العسكرية في بيروت جلسات النظر في عمليات احتيال ارتبطت بدورة تطويع عناصر للأمن العام مطلع العام الجاري. المعطيات الأولية أظهرت تورط عنصر حالي برتبة مؤهل، وأشخاص آخرين قاموا بإيهام عدد من الشبان بقدرتهم على تأمين نجاحهم في الاختبارات مقابل بدلات مادية. وذلك بالاستناد إلى علاقاتهم الوثيقة من ضباط رفيعي المستوى في المديرية العام للأمن العام. من بين هؤلاء، شبان من بلدات جنوبية أوضح أحدهم لـ«الأخبار» أنه تعرّف إلى «الفلسطيني المدعو قاسم م. الذي يحمل أيضاً الجنسيتين الروسية والأميركية، وأوهمه بأنه قادر على إنجاحه في الاختبارات اللازمة لقبوله في الدورة، مستفيداً من صداقاته مع عمداء داخل المديرية. وطلب منه دفع مبلغ 15 ألف دولار أميركي لقاء هذه الخدمة. وليكتمل أسلوب الإقناع، التقاه قاسم مرات عدة في أروقة المديرية ودخل أمام ناظريه إلى مكاتب ضباط كبار. كما أنه كان يتمشى خارجاً أثناء خضوع الشاب للاختبار أمام اللجنة الطبية». يقرّ الشاب بأن لعبة قاسم انطلت عليه «لا سيما أنه مارسها أمامه بالتعاون مع المؤهل في الأمن العام عصام ع. الذي ضمن له قبوله في الدورة ونال حصته من الثمن المدفوع». إلا أن اسم الشاب لم يذكر في لوائح الناجحين التي أعلنت في شهر شباط الفائت. اتصل بقاسم مستفسراً، فوعده الأخير بأن اسمه سيذكر في ملحق أسماء الناجحين الذي يصدر في 10 آذار الفائت. كما أن المؤهل اتصل به من المديرية ووعده بأن اسمه سيذكر في ذلك الحين. قبل هذا الموعد بيوم واحد، اتصل الشاب بقاسم ليطمئن. لكن هاتفه كان مقفلاً. بحث عنه من دون نتيجة، إذ اختفى منذ ذلك الحين. قصد الشاب شعبة الشكاوى في المديرية ليخبر عما حصل معه، ففوجئ بأنه ليس الوحيد، بل له أكثر من 15 زميلاً «أكلوا الضرب» ودفعوا مثله ما بين 10 و10 ألف دولار أميركي.
تلقف المعنيون في المديرية إفادة «الضحايا». فتحوا تحقيقاً بهذا الشأن، توصل إلى توقيف المؤهل وأشخاص آخرين اشتبه بتورطهم في عملية الاحتيال. وفيما تبدأ جلسات الاستماع اليوم أمام القضاء العسكري، أصدرت المديرية قبل يومين بياناً تحذر فيه «المواطنين الذين تقدموا بطلبات تطوّع لصالح الأمن العام من مغبّة الوقوع ضحايا عمليات احتيال يقوم بها بعض الأشخاص بحجّة المساعدة في تأمين نجاحهم في الاختبارات مقابل بدلات مادية». وذكر البيان بأن «هذا النوع من الأعمال يقع تحت طائلة الملاحقة القانونية، إن لجهة الراشي أو المرتشي، وتطلب من المواطنين الذين يتعرضون لهذه الأعمال إبلاغ شعبة الشكاوى في الأمن العام لاتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة».
مصدر مسؤول في شعبة الإعلام في المديرية أكد في اتصال مع «الأخبار» أن المديرية «لا تغطي الفساد والرشاوى». وعما إذا ثبت تورط ضباط كبار وعمداء في عملية الاحتيال وعلمهم بها وتغطيتهم لها، أكد المصدر أن الحساب سيقع على الجميع لأن في المديرية برئاسة اللواء عباس إبراهيم «لا يوجد يا أمي ارحميني». وفي هذا الإطار، ذكرنا المصدر بتحويل عناصر في الأمن العام إلى المحاكمة على خلفية تأمينهم تأشيرات دخول فوق العدد المسموح لفنانات لصالح ملاه ليلية في منطقة جونية.