صنعاء | بعد صعدة، المعقل الرئيسي للجماعة، استطاع الحوثيون السيطرة على عمران المتاخمة للعاصمة، ما مهد لدخولهم صنعاء والسيطرة عليها. في موازاة ذلك، دارت رحى معارك بين «أنصار الله» وعناصر من حزب «الإصلاح» والقبائل، في محافظتي مأرب والجوف على الحدود مع السعودية، حيث توجد أكبر حقول النفط في البلاد.
أما الوجهة المقبلة التي باتت معروفة للجميع بعدما أعلنها رسمياً الزعيم عبد الملك الحوثي، فهي محافظة البيضاء، حيث يُتوقع حصول مواجهات بينها وبين «القاعدة».
وأتاح الهدوء الذي شهدته البلاد، في الأيام الماضية، فرصة للحوثيين للبحث عن مساحات تمدّد ونفوذ أكبر من تلك التي باتت في قبضتهم في الآونة الأخيرة. أحكمت الجماعة سيطرتها على العاصمة بعد سقوط الفرقة الأولى مدرع، وتمركُز القائد الميداني للجماعة أبو علي الحاكم فيه.
وبعيداً من العاصمة، أكدت الجماعة تمركزها في مناطق عدة، منها مدينة حجة القريبة من صعدة. كذلك، أكد محافظ مدينة مأرب سيطرة عناصر من الجماعة على مراكز رئيسية في نقاط إنتاج النفط والطاقة والمكاتب الإداريّة التابعة لها. وذلك بالتزامن مع سيطرة «أنصار الله» على مراكز القرار المالي في وزارة النفط ووزارة المالية وإصدارها توجيهات صارمة بعدم توقيع أو صرف أيّ مبالغ مالية من خارج الميزانية المرصودة لرواتب الموظفين. وبررت قيادة الجماعة هذا التصرف بوضع حدّ لمصروفات غير قانونية قد تستغل غياب الجانب الحكومي.
من جهة أخرى، يتواصل تدفق عناصر الجماعة إلى قلب مدينة الحديدة الساحليّة، وهي الميناء الثاني في البلاد بعد ميناء مدينة عدن. وتؤكد الأنباء أن الجماعة افتتحت لها مقار عدة داخل المدينة وبدأت بالتصرف كجهة نافذة فيها. يأتي هذه التوجه تماشياً مع الرغبات التي كانت الجماعة قد أعلنتها في السابق عن ضرورة امتلاكها لمنفذ بحري من ضمن الأقاليم الستّة المقررة في الحوار الوطني. وبعيداً من حركة التمدد السهلة للجماعة، تزداد عجلة الاستعداد لمواجهة مرتقبة بينها وبين عناصر تنظيم «القاعدة» في مدينة البيضاء (جنوب صنعاء)، وهي المواجهة التي كان زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي قد أكد الاستعداد لها في «خطاب النصر».
وبهذا المشهد، بدت صنعاء كفاتحة لجولات أخرى تنتظر على جدول أعمال جماعة «أنصار الله»، فيما كانت معارك الجماعة مستمرة في مناطق مأرب والجوف القابعة تحت سيطرتهم. وتجسَّد ذلك في حالات الضبط التي جرت لأماكن إنتاج النفط والشركات العاملة هناك. كذلك يبدو نجاح عناصر «أنصار الله» في «تنظيف» المنطقة من العناصر المسلحة التابعة لـ«الإصلاح» وللقبائل المنضوية تحت رايتها. وقد يُفسَّر ذلك تبعاً لحالات الانسحاب التي قررتها قيادة «الإخوان» عندما أعطت أوامرها لعناصرها أو للجان الشعبية بالانسحاب من صنعاء، وهو ما أدى إلى عدم حصول مواجهات كان قد أُعدّ لها مسبقاً.
وبالنسبة إلى المعركة المرتقبة مع «القاعدة» جنوباً، فهي تحتاج إلى تجهيزات لوجستية تفرضها صعوبة خوض معركة جديدة في مواجهة عناصر التنظيم المتمركزين هناك منذ وقت طويل، ولديهم خبرة عملية واسعة في منطقة ستكون جديدة وغريبة على الحوثيين، الخبراء في مناطق الشمال.