رأى المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، أنه في جلستي المشاورات الأمنية التي عقدها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو خلال أقل من 48 ساعة، منذ عودته من نيويورك، لم يكن هناك أي سبب لتوقع بشائر كبيرة، مشيراً إلى أن القيادة الإسرائيلية ستواصل إطلاق التصريحات الحازمة في مواجهة الإرهاب الفلسطيني، على أمل أن يؤدي ذلك إلى تخفيف غضب المستوطنين المتصاعد إزاء موجة العمليات الأخيرة.
ولفت هرئيل إلى أن الخطوات الأساسية التي أُقرَّت حتى الآن، من بينها زيادة الاعتقالات الإدارية وهدم البيوت، ليست إلا بضاعة قديمة يواصل نتنياهو تسويقها للجمهور.
ولم يرَ هرئيل في هذه الخطوات «انقلاباً كبيراً»، وأن رئيس الحكومة يأمل أن يكون الرد الحالي كافياً للمساعدة على تهدئة الأجواء تدريجاً. وقارن بين نتنياهو ووزيره يسرائيل كاتس، مشيراً إلى أن الأول أكثر حكمة في توجهه من الثاني الذي اقترح عشية العيد القيام بعملية «السور الواقي 2»، والذي نشرته «إسرائيل اليوم» كعنوان رئيسي نقلاً عن مصادر الهوية.
وأوضح المعلق العسكري في «هآرتس» أن غالبية المشاركين في العمليات القاتلة وفي المواجهات العنيفة ليسوا جزءاً من قواعد منظمة، بل شبان مستقلون يخرجون للدهس والطعن أو رشق سيارات المستوطنين بالحجارة، بدافعين رئيسيين: اتهام بالعمل على تغيير الوضع الراهن في الحرم القدسي، رغم نتنياهو الذي لا يصدقونه، والغضب بسبب قتل أبناء عائلة دوابشة في قرية دوما قبل نحو شهرين، الذين حتى اليوم لم يُعتقَل قاتلوهم اليهود.
وأضاف هرئيل أن الجيش يملك الآن حرية العمل الواسع في الضفة، وعندما يحول إليه «الشاباك» اسم مطلوب لا توجد لديه أي مشكلة باعتقال المطلوب خلال عدة ساعات.
وانتقد هرئيل، دعوة وزير الاستخبارات، كاتس، إلى شن عملية سور واقٍ أخرى، لأنها ستؤدي إلى تحطيم السلطة في الضفة، وهو تماماً ما يريد نتنياهو تجنبه، خاصة أنّه مشكوك أنّ ذلك سيؤدي إلى إحباط موجة الإرهاب. ولفت إلى أن الرد، حسب رئيس الحكومة وقادة الجهاز الأمني، يكمن الآن في تسريع وتوسيع السياسة القائمة، وليس بمحاصرة المقاطعة في رام الله بالدبابات، كما فعل أرييل شارون في نيسان 2002.
من جهته، رأى المعلق الأمني في صحيفة «إسرائيل اليوم»، يوآف ليمور، أن المجلس الوزاري كان عليه اتخاذ قرار حاسم بين طرفين: من جهة، مطالبة وزراء اليمين باتخاذ سلسلة من الخطوات في أعقاب موجة «الإرهاب». ومن جهة مقابلة، تحديد كل الجهات الأمنية (بدعم من وزير الأمن) بأن تشديد الخطوات يمكنه أن يقود إلى تدهور آخر، من شأنه أن يشمل انتفاضة واسعة في القدس الشرقية والضفة بل والتصعيد في غزة.
ورأى ليمور أن الميل الطبيعي في ضوء ما جرى إغراق المناطق بالقوات وتخفيف أوامر فتح النيران وتشديد التعامل مع الجمهور الفلسطيني، فيما الامتناع عن ذلك ينطوي على مزايا إيجابية والكثير من السلبيات.

«إسرائيل اليوم»: على الرغم من رغبة الجانبين في الهدوء، يبدو أن وجهة تل أبيب هي التصعيد

على المستوى الإيجابي، الحفاظ على آليات الكبح الوحيدة التي تمنع توسيع العنف، وفي مقدمتها التعاون مع الأجهزة الأمنية للسلطة وتقليص المس بالجمهور المدني.
وعلى مستوى السلبيات، المسّ الممكن بالردع ـ خاصة ـ فقدان السيطرة على الأحداث، حتى من الجانب الإسرائيلي، إذ وقع خلال العيد عشرات حالات الاعتداء اليهودي على ممتلكات فلسطينية.
وكشف ليمور عن أن قادة السلطة من وراء الكواليس، خلافاً لتصريحاتهم العلنية، بعثوا برسائل إلى إسرائيل تقول إن وجهتهم هي الهدوء. وفسر ذلك بأن خوفهم مضاعف: من إسرائيل ومن «حماس» التي تستغل الأوضاع الأخيرة لتأجيج النفوس والدعوة إلى انتفاضة. كذلك تعمل بعض وسائل الإعلام في العالم العربي على تأجيج الأوضاع من خلال التركيز على الحرم القدسي. وأضاف أن الخطوات التي تتخذها الشرطة الإسرائيلية في البلدة القديمة ـ إغلاق عدد من الأبواب والسماح بدخول من هم فوق سن الخمسين إلى الحرم ـ أوجدت انطباعاً بأن إسرائيل تتجه نحو خلق فاصل في الحرم، يشبه ما يحدث في الحرم الإبراهيمي في الخليل.
إلى ذلك، لفت ليمور إلى أنه بالرغم من رغبة الجانبين في الهدوء، يبدو أن وجهتنا هي التصعيد، مضيفاً أن الفجوة بين التصريحات العلنية والكلمات التي تقال في الغرف المغلقة، والجمود السياسي وغياب التدخل الأميركي الهادر وازدياد ضلوع المتطرفين في العمليات المتزايدة في الجانبين، تحبط أي جهد لتهدئة الأوضاع.
في المقابل، رأى ليمور أن على إسرائيل التصرف بحكمة: زيادة العمل العسكري والاستخباري من أجل إحباط العمليات، ولكن أيضاً محاولة الامتناع قدر الإمكان عن الاحتكاك وسقوط قتلى في الجانب الفلسطيني، لأن هذا يقود بالضرورة إلى التصعيد. وينبغي لإسرائيل توضيح أنها لا تنوي تغيير الوضع الراهن في الحرم القدسي وتفعيل كل قناة ممكنة لخلق حوار بين نتنياهو وأبو مازن. وقدر أيضاً أنه عبر دمج هذه الخطوات فقط يمكن الوصول إلى الهدوء لأن البديل واضح جداً: تصعيد أمني وسياسة ذات أبعاد واسعة.

(الأخبار)