تفاعلت قضية توقيف المديرية العامة للأمن العام شبكة يُشتبه في تجسس أعضائها لحساب الاستخبارات الإسرائيلية، وجمعهم معلومات عن المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم ورئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب السابق أسامة سعد، وإمام مسجد القدس الشيخ ماهر حمود وإمام مسجد إبراهيم الشيخ صهيب حبلي.
وأكثر ما أثير حول القضية يتصل بالحصانة التي يحظى بها المشتبه فيه الرئيسي هاني م، لكونه موظفاً مدنياً في قوات الطوارئ الدولية العاملة في لبنان. وتفاعلت القضية من زاويتين: أولاً، هي المرة الأولى التي تستعجل فيها قوات اليونيفيل استخدام الحصانة التي منحتها للعاملين فيها اتفاقيةٌ موقعة مع الحكومة اللبنانية منذ عام 1996. فبحسب مصادر قضائية وأمنية وأخرى أممية، لم يسبق أن استخدمت القوات الدولية الحصانة لحماية موظفين أوقفتهم الأجهزة الأمنية اللبنانية سابقاً في جرائم جنائية عادية. وتساءلت المصادر عن سبب المسارعة إلى استخدام «الحق» الممنوح لليونيفيل بموجب اتفاقية عام 1996، رابطة ذلك بإصرار من قيادتي الكتيبتين الفرنسية والإيطالية على «إنقاذ» المشتبه فيه، لأسباب غير معروفة!

كان هاني مطّلعاً بحكم عمله الإداري في اليونيفيل على ملفات زملائه وخصوصياتهم



ثانياً، أثار نشر الخبر ضجة كبيرة في صفوف الموظفين اللبنانيين العاملين مع «اليونيفيل». فهؤلاء وجدوا أنفسهم في مرمى السهام، من دون أن تكون لهم «ناقة أو جمل» بما يجري. فهم، بغالبيتهم، عبّروا أمس عن رفضهم لمنح الحصانة لزميلهم. فمن هم مقتنعون ببراءته، تحدّثوا عن ضرورة تسليمه للسلطات اللبنانية لإثبات براءته. أما الذين مالوا إلى تصديق ما تسرّب من التحقيقات، فيرون أن على «اليونيفيل» عدم تحمّل وزر ما جرى لعدة أسباب، أبرزها فداحة الجرم، إضافة إلى أن الأعمال المنسوبة إلى المشتبه فيه تخالف، إلى جانب القوانين اللبنانية، أنظمة العمل في اليونيفيل (تعريض أمن لبنان للخطر، استخدام صفته الوظيفية في أعمال تضر بأمن لبنان وتخالف قوانينه...). كذلك إن المشتبه فيه كان ــ بحكم عمله ــ مطلعاً على ملفات الموظفين، بما فيها من خصوصياتهم. ويشكل هذا الأمر خطراً على أمن كل منهم الشخصي أيضاً. كل هذه العوامل تُسهم في مطالبتهم بالإسراع برفع الحصانة عن المشتبه فيه، وتسليمه للسلطات اللبنانية، علماً بأنه مُحتجز في المقر العام لليونيفيل في الناقورة، ولا يُسمح له باستخدام الهاتف، ويتحرك من غرفة احتجازه إلى المطعم داخل المقر بمرافقة عسكريين من القوات الدولية.
الموقوفان الآخران في الخلية ذاتها، رامز س. وس. ش، ظهرت بشأنهما معلومات إضافية. رامز، الشاب السوري النازح إلى لبنان، عمل في إحدى محطات البنزين في منطقة كسروان قبل أن يُطرد. وعلمت «الأخبار» أن المذكور اشتبه فيه بسرقة نحو 3 ملايين ليرة من المحطة، وقد ظهرت صوره على كاميرات المراقبة متلبساً بالسرقة. إزاء ذلك، أقام مالك المحطة دعوى قضائية عليه، لكن الأخير رد بأنه سرق المحطة انتقاماً من مالكها الذي أهانه. وإثر هذه الحادثة، انتقل رامز إلى منطقة صيدا حيث افتتح مقهى في المدينة. أما علاقته بزوجته الموقوفة في القضية نفسها (س. ش.)، فقد بدأت منذ سنة ونصف تقريباً. وبحسب المصادر فإن الزوجة، وهي من بلدة بر الياس البقاعية، حملت لواء «الثورة السورية» باكراً، قاطعة علاقاتها السياسية السابقة مع مجموعات يسارية لبنانية. وكشفت المصادر أن الموقوفة كانت تجمع تبرعات تحت عنوان دعم الثورة وكانت تسلّم الأموال لرامز. كذلك كانت تبرّر تبديل عمل زوجها (عامل في محطة محروقات ثم سائق تاكسي ثم المقهى) بأنه لضرورات أمنية، مروّجة أنه مهدّد بالقتل ومطلوب للنظام السوري. كذلك كشفت المصادر أن رامز سعى خلال الفترة الأخيرة إلى تنظيف سجله، تمهيداً للاستحصال على جواز سفر لمغادرة لبنان.
وعلمت «الأخبار» أن س. ش. الموقوفة في ثكنة بربر الخازن بعثت برسالتين إلى عائلتها، تطلب فيهما تعيين محام لها. وكشفت مصادر مطلعة على سير التحقيقات أنها طلبت من عائلتها تأمين تقارير طبية لها تثبت معاناتها من مرض في الجهاز العصبي.