يوم أمس، كان أبو يوسف منهمكاً في فتح علبة كرتونية وضّبها يوم 12 تشرين الأول 1989، بعد أن طلب العماد ميشال عون من مناصريه الانسحاب من أمام قصر بعبدا. عبثاً جهد أولاده عام 2005 في إقناعه بإخراج العلبة وفرد علمه الكبير مجدداً في مطار بيروت: "هالعلم نزل ببعبدا، وما بيرجع بيطلع إلا عبعبدا". واليوم بعد 27 عاماً، علم أبو يوسف على قاب قوسين من الحلم القديم، وسيكون من الصعب عدم ملاحظته يراقصه كما اعتاد على باب القصر... أو في ساحة الشهداء، لا فرق.فعلياً ليس "أبو يوسف" الوحيد المنكبّ على التحضير للاحتفال بفخامة الرئيس ميشال عون يوم الاثنين المقبل، فالتيار الوطني الحر بهيئاته ومسؤوليه ومناصريه "ينغلون" في المكاتب ويخططون للمهرجان المرتقب. الأغنية الرسمية لانتخاب الجنرال ستصدر قريباً في الأسواق، وهي من كلمات نزار فرنسيس وغناء معين شريف وألحان سمير صفير، فيما انتشرت أغنية أخرى على مواقع التواصل الاجتماعي من دون أن يعرف منشدها. يقول مطلعها: "يلا يا لبنانيي هزوا فيكم كل الكون، رئيس الجمهورية هو هلق ميشال عون".
منذ فترة، تواظب اللجنة المكلفة تنظيم النشاطات والتحركات على عقد اجتماعات شبه يومية، منعاً لأي فوضى جماهيرية. منسقو الأقضية والهيئات والمناصرون ومكتب نائب الرئيس رومل صابر خلية لا تهدأ، علماً أن النقاشات لم تستقر بعد على خيار من اثنين: الأول، اعتماد اللامركزية في التجمعات، أي إبقاؤها ضمن الأقضية. والثاني، اعتماد موقع مركزي لكل الأقضية إذا استطاعت اللجنة توفير مكان استراتيجي يتسع للجميع، ولا سيما أن الجماهير لن تكون محصورة بالتيار وحده، وذلك من دون قطع الطرقات أمام المواطنين. وتتوقع مصادر التيار أن تكبر الحلقة الشعبية وتطوف أكثر من المتوقع، لذلك "لم نحسم شكل التجمع بعد". البلديات من جهتها وخصوصاً بلديات جبل لبنان، تحمل على جدول اجتماعاتها بنداً وحيداً هو خطة الاحتفال واحتمال الانضمام إلى الحشود المنتظرة خارج أبواب المجلس النيابي الاثنين المقبل. خطيب بعبدا السابق، المنسق العام للتيار الوطني الحر بيار رفول، الذي كان ولا يزال إحدى صلات الوصل الرئيسية بين قيادة التيار وجمهوره، بدأ إعداد كلمة استثنائية للمناسبة ستكون الأقوى نظراً إلى حجم المناسبة. تيار بعبدا والمتن وكسروان، خزان العونيين الأكبر، يستعد بدوره لإنزال المواكب البرتقالية إلى ساحة الشهداء. مكتب النائب إبراهيم كنعان أو "البيت الأبيض" في بلدة الجديدة تحول إلى مكتب تجهيزات وتوزيع أعلام وصور للمتن الشمالي، فيما يتولى بالتنسيق مع منسق التيار في القضاء هشام كنج تسيير المواكب وإغلاق الأوتوستراد كما في كل مرة. عضو المكتب السياسي في التيار جيمي جبور، تعهد بإغلاق الطرقات من البترون وصولاً إلى جبيل، فيما فرق الزفة والطبل ستأتي من الهرمل والشمال للتشديد على وطنية الحدث وشموليته.
الكل معنيّ بانتخاب رئيس تكتل التغيير والإصلاح حتى من سُمّوا معارضين، ومن بينهم المفصولون حديثاً من الحزب. عونيو بيروت، وعلى رأسهم زياد عبس وجورج تشاجيان، يحضرون لاحتفال على طريقتهم سيكون من بين التحركات "الأهضم" خلال هذا النهار. الناشط العوني (المفصول) بول أبو حيدر المشهور بعربة الليمون التي باتت رمزاً لكل نشاطات التيار، بدأ بتخزين الليمون وسينصب عربته عشية الجلسة الانتخابية في ساحة البرلمان ليوزع العصير على الجميع، المارة والمحتشدين. فيما صفحات المعارضين العونيين على مواقع التواصل الاجتماعي تنشر ليلاً ونهاراً أقوال عون وصوره وتستعد لملاقاة الرفاق السابقين إلى الساحة، فالفرحة أوسع من أن ينغصها خلاف وجهات النظر... وأصلاً، "الجنرال وحلم بيت الشعب الذي يتحقق من جديد فوق كل اعتبار".
لا حدود لفرح العونيين، خصوصاً إذا كان الأمر يتعلق بـ"قصر الشعب"، فكيف إن كان الحلم القديم يتحقق بعد طول انتظار. منذ 27 عاماً، كان فان "أبو ربيع" يصدح بالأغاني الوطنية المبايعة للجنرال، وهو ينقل "الشعب" من بلدة الزلقا إلى قصره في بعبدا. "أبو ربيع" نفسه وابنه ربيع اشتريا بالأمس التجهيزات الموسيقية ومكبرات الصوت للفان الذي رُكن أمام منزلهما في العاقورة عشية الهجوم على قصر بعبدا ولم يتحرك مذ ذاك. لذلك كان لزاماً عليهما إعادة تأهيله، من دون أن يمسّا بصور الجنرال عون الملصقة على زجاجه وأبوابه منذ سنوات. يوم الاثنين المقبل، سيستأنف الفان نشاطه بحماسة أكبر من تلك التي كانت، وستجدونه يتنقل ما بين العاقورة وبيروت. لن يرضى "أبو ربيع" بأقل من ذلك!