رُغم كل ما يُحكى عن «انكسار» الرئيس سعد الحريري، ظهر الأخير في مقابلته التلفزيونية أمس، مرتاحاً جداً. تناول وضعه السياسي والشخصي، وتطرق إلى مشكلته المتعلقة بشركة «سعودي أوجيه»، مؤكداً أننا «سنجد الحلول»، وأن «الأمور ذاهبة نحو التحسن، وكل دولار أو فلس دين علينا سنردّه، ولن أنسى كل من وقف معي». رئيس تيار المستقبل الذي انقطع حبل صبره، وقرر أن يذهب إلى خصومه مصالحاً ومغامراً بمستقبله السياسي، لا ينفك يردّد لازمة أنه «مستعد للانتحار من أجل البلد والناس»، وأن «لديه الجرأة لمواجهة الأمور كما هي». في كلامه مع الزميل مارسيل غانم على "أل بي سي آي"، حاول الحريري تبرير قرار دعم وصول الجنرال ميشال عون إلى قصر بعبدا، فلجأ إلى الهجوم على حزب الله والرئيس بشار الأسد، والتشديد على "حماية الطائف". ووجّه رسائل إيجابية إلى الرئيس نبيه بري والنائب سامي الجميّل والوزير سليمان فرنجية، محاولاً الإيحاء بأنه يتفق مع الجميع على تحييد لبنان عمّا يحصل في سوريا، وفي مقدمتهم العماد عون، متناسياً أن الأخير كان أول من اعتبر أن «حزب الله مقاومة تقوم بدورها الدفاعي عن لبنان بوجودها في سوريا، ولولا وجوده عند الحدود لكان مصير المسيحيين في لبنان كمصير مسيحيي نينوى»!
ليس هناك كتلة للسنيورة، هي كتلة سعد الحريري ونقطة على السطر

خلال إطلالته، أكد الحريري أنه «استسلم منذ 14 شباط لمصلحة البلد، لأنها أهم شيء وفوق كل اعتبار». ورفض أن «يشكك أحد بأن هاجسنا الوحيد في كل المرحلة السابقة كان الفراغ وما يؤدي إليه». وقال: «بدأت منذ سنتين ونصف مشاورات مع العماد عون، لأننا ندرك تماماً أن الفراغ هو مقتل لبنان والدولة والمؤسسات، وكان يجب القيام بأي شيء لإنهائه». وأشار إلى أنه «عندما بادرنا باتجاه الوزير سليمان فرنجية كنت متردّداً وخائفاً من هذا الخيار، لكني وجدت أن هناك أموراً كثيرة تجمعنا، كما تجمعني اليوم مع العماد عون الكثير من الأمور، بدءاً بالاقتصاد، وصولاً إلى مؤسسات الدولة، ونظرتنا متشابهة». وقال: «لم أخضع للابتزاز السياسي، بل لقناعاتي بأن البلد واستقراره هو المهم، مع علمي بأن المبادرة التي قمت بها تجاه عون وفرنجية مكلفة شعبياً». وأكد أن «طموحي ليس أن أكون رئيس حكومة أو نائباً، بل إنهاء الفراغ، الذي كان هو مرشّح الفريق الإيراني في لبنان». وبالنسبة إلى الرئيس برّي، أكد أنه «صديق وأخ كبير وسأكون معه ظالماً أو مظلوماً، ومشكلته ليست معي بل مع حزب الله». وقال إنه سأل بري: «بعد أشهر من مبادرتي بترشيح فرنجية، هل هناك من مخرج لانتخابه رئيساً، لكنني لم ألقَ جواباً، حينها أبلغته بأنني ذاهب للتفاوض مع الجنرال عون، لكنه لم يتصور أنني جدّي وأريد إنهاء الفراغ». واعتبر أن «بري يعرف أن الناس تعبت وهو لا يتطلع إلى مكتسبات سياسية، ورفضه لعون موقف سياسي اختاره، وهو ليس قادراً على مواجهة من أوصلنا إلى هنا، فعم يفشّ خلقو فيي، بس هوي بمون». وبالنسبة إلى المملكة العربية السعودية، أشار إلى أنه عندما عرض على المسؤولين هناك خياره، «لم يتفاجأوا لأن الاستقرار وثبات اتفاق الطائف هو انتصار للسعودية وللعرب». واعتبر أنّ من المبكر التحدث عن الحكومة، معتبراً أن «عرقلة تشكيلها ستكون في وجه رئيس الجمهورية، وليس رئيس الحكومة». وأضاف: «جمهور سعد الحريري هم الناس الذين عانوا أمنياً واقتصادياً، وأنا لم أعد لكي أستعيد الثروة، وما أقوم به هو من أجل الشراكة الفعلية، والنهوض بالاقتصاد». أما عن المعارضة داخل كتلة «المُستقبل»، فأكد أن «ليس هناك كتلة للسنيورة، هي كتلة سعد الحريري ونقطة على السطر». ولفت إلى أنه تفاهم مع العماد عون على «تحييد لبنان عن الحروب، وهو لم يؤيد تدخل الحزب في سوريا واليمن، وقد وضعنا صيغة مشتركة للبيان الوزاري وسنلتزم بها». واعتبر أن «رياض سلامة حمى الاقتصاد، وحمى لبنان من القرارات الاقتصاديّة التي يتخذها المجتمع الدولي، ويجب مكافأته». وأكد تمسّكه بقانون الستين من خلال القول إنه «إذا لم نتمكن من الاتفاق على قانون انتخابي جديد قبل موعد الانتخابات فلا مانع من إجرائها ولو بظل قانون الـ60». وجزم بأن اتفاقه مع الحنرال لم يتطرّق إلى النفط ولا إلى التعيينات الإدارية. وذكّر بأن «حزب الله هو الذي أسقط الحكومة من منزل عون، ولكن أنا حر وأريد أن أسامح». وأكد أن «الحكومة ستكون حكومة وحدة وطنيّة، وإن كان القوات والتيار يريدون تسمية أي وزير سني فأنا لا أمانع». وقال: «لا شك في أن هناك محاولات لإضعاف سعد الحريري، حزب الله هدفه الأساسي إضعاف سعد الحريري، أعرف أنني أمام تحدٍّ كبير جداً، وأنا مستعد لانتخاب عون ومواجهة كل ما سأواجهه، وأعرف أن تشكيل الحكومة سيكون صعباً». بواقعية، لم يستبعد تكليفه رئاسة الحكومة، من دون أن يتمكن من تأليفها. وقال: «هناك خلاف حول موضوع النظام في سوريا، وأنا قلت إننا مستعدون لإعادة بناء العلاقات مع النظام السوري بعدما يتفق الشعب السوري على النظام الذي يريده، ونعارض قدوم وفد سوري إلى بعبدا للتهنئة بالرئيس».