المحامي أنطوان عطاللهمفارقة غريبة تشهدها الساحة السياسية. إلتباس واضح بين التعابير والمفاهيم: ثمة من يقول من السياسيين إن الأساس الوصول إلى قانون إنتخابي عادل، وثمة من يقول إن الأساس الوصول إلى قانون إنتخابي يرضي الجميع. وبين التعبيرين إختلاف عظيم: إذا رضيت كل الطبقة السياسية بقانون واحد فهذا يعني أن كل طرف ضمن حصته، وحينها تغيب عدالة التمثيل. وإذا كان القانون عادلاً، لن يقبل به الجميع في هذه الطبقة السياسية، خصوصاً من تسحب منهم عدالة التمثيل «إنتفاخ» حجمهم النيابي.

نغمة «الستين» ما زالت تعزف في بعض الصالونات السياسية، يتلطى البعض خلف المهل لتبرير الإبقاء على هذا القانون، فيما لا يخفي آخرون تمسكهم به لتأمين حصتهم في المجلس الجديد. وفي الحالتين، كل من ينادي بالستين يطعن بالسكين دستور البلاد.
فالمادة السابعة من الدستور تقول: «كل اللبنانيين سواء لدى القانون وهم يتمتعون بالسواء بالحقوق المدنية والسياسية ويتحملون الفرائض والواجبات العامة دونما فرق بينهم». الكلام واضح لا لبس فيه، والنص الدستوري لا يحمل أي تأويل أو إجتهاد. وإنطلاقاً من هذه المساواة بين اللبنانيين، يصبح السؤال مشروعاً: كيف يكون «الستين» دستورياً وهو يعطي إبن كسروان مثلاً حق إنتخاب 5 نواب فقط، فيما ابن طرابلس ينتخب 8، وابن عكار 4، وابن بيروت الثالثة 10 وإبن بعلبك الهرمل 10... فأين المساواة في «الستين» وهو يعطي إمتيازات لناخبين في مناطق ويحرمها عن مناطق أخرى؟
سؤال واحد، الجواب عليه كفيل بتحريم العودة الى «الستين» دستورياً، والجواب عليه كفيل أيضاً بالوصول إلى قناعة بأن أي قانون لا بد أن ينطلق من قاعدة المساواة، وعليه لا يمكن الركون إلا الى الاحتمالات التالية:
ــــ الأول، النسبية مع لبنان دائرة إنتخابية واحدة: وبذلك يكون اللبنانيون متساوين بحقوقهم وواجباتهم، ولا يكون تمييز بين منطقة وأخرى ومواطن وآخر، ويضمن الأمر تمثيل الجميع حسب أحجامهم الحقيقية.
ــــ الثاني، النسبية مع دوائر إنتخابية متجانسة: والتجانس هنا يعني بوضوح أن يكون لجهة الحجم الجغرافي وترابطه، ولجهة توحيد معايير عدد الناخبين وعدد النواب المنتخبين بين كل الدوائر، فلا تكون دائرة بـ100 الف ناخب وأخرى بـ150، ولا تكون دائرة بـ20 نائباً وأخرى بـ15، ولا تكون بعض الدوائر تقسم الجغرافيا وتجمعها على أساس أهواء البعض من السياسيين.
ــــ الثالث: «وان مان وان فووت» وهو بدوره يضمن أن ينتخب كل مواطن نائباً واحداً، بما يضمن العدالة والمساواة بين اللبنانيين.
العدالة أولاً والمساواة أولاً والدستور أولاً... أما المهل، فأساسية جداً، شرط الا تصبح حجة لتكرار الجريمة، فتذبح الديمقراطية الحقة بسكين الوقت، ويقطع العدل بسيف المهلة، وتطيح التواريخ بالدستور... وبلبنان!