«تركيا لن تتدخل عسكرياً في سوريا. لن تكون منفذاً للدخول إلى سوريا. لن تقيم منطقة عازلة مع سوريا». يصل هذا الخبر العاجل، باللغة التركية، في رسالة هاتفية إلى أحد الصحافيين العرب المشاركين في أعمال منتدى الإعلام التركي ــ العربي الذي عقد أعماله في إسطنبول في 30 تشرين الثاني و1 كانون الأول الجاري 2011. مصدر الخبر وكالة أنباء الأناضول، وحمل عنوان: «الموقف التركي اليوم من سوريا صدر عن نائب رئيس الوزراء بولنت أرينج». موقف الأخير كان قد أعلنه من فندق كونراد في إسطنبول في 1 كانون الأول الجاري، حيث تعقد أعمال المنتدى. وهو جاء رداً على سؤال من زميل لبناني: «متى تتوقع تركيا سقوط النظام السوري؟ ووفق أيّ سيناريو؟». لم يجب أرينج مباشرة عن السؤال، بل طلب تكراره ثلاث مرات بحجة وجود مشكلة في الترجمة. يقول الصحافي العربي الذي يتقن التركية، إن أرينج ردّ بحدّة على الزميل اللبناني، وقال له «عيب، نحن لا ننظر إلى الأمور بهذه الطريقة»، قبل أن يجيب معلناً الموقف التركي الذي اختصرته وكالة أنباء الأناضول بالجمل أعلاه، والنافية لأيّ تحرّك تركي ضد سوريا، باستثناء العقوبات التي كانت قد أعلنتها قبل يوم «واستثنينا المياه والكهرباء لأننا لا نريد أن نعاقب الشعب السوري». طبعاً أضاف الصحافيون إلى خبرهم أن «لن» المنطقة العازلة مرفقة بـ«إذا» أو «قد»، بناءً على التنسيق مع الجامعة العربية. السؤال التالي الذي وجّه إلى أرينج، كان عن ازدواجية المعايير «بعض الدول لا تملك ديموقراطية في بلدانها وتريد تحقيق الديموقراطية للآخرين، لماذا لا يحققون الديموقراطية في الخليج؟». لم يحصل خلل في الترجمة هذه المرة، ذلك أن أرينج وجد أن «السؤال فلسفي» في البداية، لكنه عاد واستطرد ليشير إلى أن تمثال الحرية موجود في أميركا مثلاً، وهي تنسجم مع هذه الأنظمة لأنها تنظر إلى مصالحها، وقدّم ليبيا مثلاً «نحن لا نعتقد أن الموقف منها كان إنسانياً، بل هو البترول»، معترفاً «نحن أيضاً ننظر إلى مصالح بلادنا، لكننا نولي أهمية أيضاً لمصطلح الحق». ولأن السؤال «فلسفي»، طلب أرينج من الإعلاميين المشاركين أن يفكروا فيه أيضاً، وأن يرسلوا الإجابات لاحقاً عبر البريد الإلكتروني.
إجابة أرينج حظيت بتعليقات واسعة من الصحافيين العرب، لكنها لم تكن كلّ الكلام التركي عن سوريا، التي مثلت محور أحاديث الجميع، على الرغم من حضور خجول لممثليها، قارب عدده عدد ممثلي جزر القمر، في ظلّ وجود أكثر من 150 صحافياً من 22 دولة عربية. كانت سوريا الغائب ـــــ الحاضر إذاً: تجدها على طاولة الطعام، في كواليس المنتدى، في الزيارات التعارفية إلى المؤسسات الإعلامية الخاصة، إضافة إلى أنها كانت أيضاً محور الحدث، إذ إن فعاليات المنتدى تزامنت مع إعلان تركيا العقوبات عليها، إقدام المسلّح الليبي على إطلاق النار في باحة قصر الباب العالي التاريخي وإجماع الصحافيين على أن هذا العمل «هدية سورية»، وزيارة نائب وزير الخارجية الأميركي جو بايدن إلى إسطنبول. الكلّ هنا يعوّل على تركيا، وينتظر ما ستفعله. والموجودون في المنتدى ليسوا كلّ الحاضرين. ففي مطار إسطنبول يمكنك أن ترى وجوهاً إعلامية وسياسية لبنانية أخرى. وهنا أيضاً، تدور نقاشات في صالات الانتظار في المطار عن الموقف التركي من سوريا.
لم يتعامل كلّ الصحافيين مع تصريح أرينج بالطريقة التي تعاملت بها وكالة أنباء الأناضول. أي ثلاث جمل نافية، تعكس مدى الارتباك التركي في التعامل مع الملف السوري. كلّ صحافي حلّل الموقف على طريقته، وختم بمعلوماته التي يردّها إلى مصادر مقرّبة من مراكز القرار. الأكثر «تفاؤلاً» أكدوا أن «النظام سينهار نهاية هذا العام»، أو «النظام سينهار قبل نهاية آذار المقبل». أما الأكثر «واقعية» فاقتنعوا بأن «النظام لن يكون موجوداً مع نهاية عام 2012». ويمكن تصديق الصحافيين طالما أن المنتدى، الذي تنظمه المديرية العامة للصحافة والنشر والإعلام في رئاسة الوزرء، حظي برعاية حكومية واسعة، وكان أرينج حريصاً على حضور معظم الندوات التي أقيمت خلاله، كما حضره كبير مستشاري رئيس الوزراء التركي أرشاد هرمزلو.
لم تقتصر معلومات الصحافيين على تأكيد سقوط النظام، بل خرج أحدهم بسيناريو للسقوط يقوم على تأمين حماية للأقليات الطائفية الموجودة في سوريا، من خلال الاتصالات الجارية معها حالياً، بما فيها الأقلية العلوية. وعندما يجري الاتفاق مع هذه الأقليات على التسوية التي ترتضيها، قد يكون الانتقال سلمياً للسلطة، بحيث يتنحى الرئيس السوري بشار الأسد طوعياً، أو تجري انتخابات ويخسر فيها، أو احتمال آخر، غير واضح حالياً. إلا أن الرهان هو على تفكيك الأقليات من حول الأسد.
هذا السيناريو، الذي يسرده أحد الصحافيين العرب المقيمين في تركيا، لا يبدو مقنعاً لآخرين يبدون محتارين فعلاً في تقديم السيناريو البديل. لذلك، تجدهم يناقضون بأنفسهم المعلومات التي يردّونها إلى مراكز القرار التركي، إذ إنهم لا يفهمون كيف يمكن هذه المراكز أن تسرّب معلومات مماثلة، في ظلّ عدم وجود معطيات واقعية تشير إلى إمكان سقوط النظام السوري، قريباً على الأقل. في رأيهم تعيش تركيا إرباكاً نتيجة عدم قدرتها على الذهاب أبعد في مواقفها. ويرى صحافيون عرب مقيمون في تركيا، وصحافي تركي، أن هناك ثلاثة عوامل تؤثر في القرار التركي بشأن سوريا. العامل الأول داخلي، يتعلق بالعرب (العلويين) الموجودين في تركيا، الذين يحبون الرئيس السوري بشار الأسد ويعدّونه قائدهم الحقيقي. العامل الثاني اقتصادي، ويرتبط بالعراق والضغوط التي قد يمارسها عليها إذا اتخذت موقفاً تصعيدياً. العامل الثالث عسكري ويرتبط بإيران وروسيا أيضاً. يضاف إلى كلّ ذلك، نقاش داخلي عن الفائدة التي ستجنيها تركيا من دعمها للتغيير في سوريا، وخصوصاً أن الأخيرة قد لا تبقى على الحياد، فإلى «الهدية» المتمثلة بالمسلح الليبي، التي يمكن أن تتكرّر، (وقرار الأمس بإلغاء اتفاقية التجارة الحرة)، تشير معلومات صحافية إلى وجود نحو 42 ضابطاً تركياً معتقلين في سوريا، ونقلت أوساط الصحافيين أن أرشاد هرمزلو أكد هذه المعلومة خلال المنتدى، مقللاً من أهمية الموضوع، موضحاً أنهم معتقلون بتهمة تهريب!



روسيا تعرض إرسال مراقبيها

أعلن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، أمس، أن بلاده مستعدة لإرسال مراقبين إلى سوريا إذا وجّه إليها مثل هذا الطلب من السلطات السورية أو المعارضة أو الجامعة العربية. ورأى بوغدانوف أن وجود مراقبين من الجامعة العربية في سوريا «قد يزيد فرص التسوية السورية».
(يو بي آي)

«حماس» تنفي مغادرة دمشق


نفى كل من عضو المكتب السياسي لحركة «حماس» عزت الرشق، والناطق باسم الحركة سامي أبو زهري، أمس، الأنباء التي تحدثت عن مغادرة أي من كوادر قيادة الحركة في سوريا أو إغلاق مكاتبها في البلاد على خلفية الأزمة الراهنة. وقال الرشق إن «قيادة الحركة ومكتبها السياسي ورئيس المكتب خالد مشعل موجودون في دمشق، ولم يغادر أحد منهم ولم نتعرض لأيّ ضغوط من الحكومة السورية لأجل مغادرة دمشق». وأشار الى أن «الأنباء تتكرر كل مدة عن مغادرة قيادة الحركة دمشق، مرة الى قطر وأخرى إلى القاهرة، وقد اعتدنا مثل هذه التصريحات التي لا أساس لها من الصحة».
(يو بي آي)

أنقرة ــ دمشق: استمرار تبادل العقوبات


أعلن الاتحاد التركي للناقلين الدوليين، أمس، أن سوريا لم تسمح بمرور الشاحنات التركية منذ 5 أيام على معبر باب الهوى الحدودي بين البلدين، وذلك إثر إعلان دمشق تعليق اتفاقية التجارة الحرة الموقعة مع أنقرة. وأوضح عضو في المجلس التنفيذي للاتحاد حميد سانوردي، أن سوريا بررت إيقاف الشاحنات التركية بحجة أنها تقوم بتحديث أنظمة الكومبيوتر. وفي سياق تبادل العقوبات بين دمشق وأنقرة، كشف الرئيس التنفيذي لشركة تكرير النفط التركية يافوز ايركت أن شركته الحكومية أنهت عقداً لشراء النفط من سوريا «بسبب الاضطرابات هناك».
(يو بي آي، رويترز)