بعد نحو ١٥ جلسة أقرّ مجلس الوزراء مشروع موازنة ٢٠١٧ وأحاله على مجلس النواب. طرأت على المشروع تعديلات عدّة في بنية النفقات والواردات عرضها أمس وزير المال علي حسن خليل، في مؤتمر صحافي.
يقول خليل إن النفقات المقدرة في المشروع بلغت 23670 مليار ليرة مقارنة مع نفقات محققة فعلياً في عام ٢٠١٦ بقيمة 22600 مليار ليرة. أما الإيرادات، فقد بلغت 16384 مليار ليرة مقارنة بـ 14959 ملياراً في 2016، أي بزيادة نسبتها 9.5%. وبذلك، بلغ العجز 7283 ملياراً في مشروع موازنة عام 2017 مقابل عجز فعلي بلغ 7453 ملياراً في عام 2016. وتتوزّع النفقات على خدمة الدين العام بقيمة 7152 مليار ليرة، وعلى الرواتب وملحقاتها بقيمة 7374 ملياراً، وعلى مساهمات لكهرباء لبنان بقيمة 2100 مليار ليرة، فيما بلغت حصّة الإنفاق الاستثماري 2353 مليار ليرة.
أبرز التعديلات التي كان لها أثر مباشر على إيرادات مشروع موازنة ٢٠١٧ ونفقاته، متصلة بالقرار السياسي الذي اتخذه مجلس الوزراء بترحيل مجموعة من البنود الضريبية المقترحة في المشروع، إلى مجلس النواب. الذريعة التي استخدمت لتبرير هذه الخطوة، هي أن هذه الإجراءات الضريبية كان مجلس النواب قد أقرّها في عام ٢٠١٤ في أثناء مناقشة سلسلة الرتب والرواتب، وأن هناك اتفاقاً بشأنها. التبرير لم يكن واقعياً، إذ إنه أدّى عملياً إلى تأجيل التصحيح الضريبي المرتقب من هذه الإجراءات، من دون أن تكون له صفة الإلزامية بعدما تبيّن أن موافقة مجلس النواب على هذه الإجراءات في عام ٢٠١٤ من دون نشر القوانين المقرّة لم تصبح نهائية بل أصبحت بحكم الملغاة. بهذه الطريقة، لحس مجلس النواب توقيعه السابق على الإجراءات الضريبية التي نوقشت مجدداً في مجلس النواب قبل أسبوعين، وتبين أن لا توافق عليها، إذ الجلسة واستبدلت بوعد من الرئيس نبيه برّي بالعودة إلى مناقشة السلسلة في نيسان المقبل.

أُدرجت سلسلة الرتب
والرواتب في مشروع الموازنة بطريقة ملتبسة


أما سلسلة الرتب والرواتب، فقد أدرجت في مشروع الموازنة بطريقة ملتبسة، إذ قال خليل إن "سلسلة الرتب والرواتب ستدخل في نفقاتها وإيراداتها من ضمن الموازنة فور إقرارها. حضّرنا أنفسنا على هذا الأساس بأن يكون هناك شمولية لهذه الموازنة تدخل فيها كل نفقات سلسلة الرتب والرواتب والإيرادات التي أحيلت بموجب مشروع القانون الذي يناقش في مجلس النواب. إذا أُدخلت هذه الأرقام للسلسلة في الموازنة، سيكون هناك أثر ايجابي على تخفيف العجز للموازنة ربما يقارب 450 مليار ليرة على الأقل".
على أي حال، كيف توصّل مجلس الوزراء إلى الأرقام التي كشف عنها خليل أمس؟
في باب النفقات، جرت زيادة اعتمادات بعض القطاعات الصحية والاجتماعية والتربوية، فأدرج اعتماد لتحقيق بنى تحتية وعتاد للجيش اللبناني بقيمة 337 مليار ليرة تنفيذاً للقانون 30/2015، وجرت زيادة موازنة وزارة الطاقة بقيمة ١٠٠ مليار ليرة وزيادة موازنة وزارة الأشغال بقيمة ١٠٠ مليار ليرة، وأقرّ قانون برنامج لتطوير وتوسيع الشبكة الثابتة في الاتصالات ومتمماتها بقيمة 225 مليار ليرة، بالإضافة إلى الاعتمادات المخصصة لدفع ديون الضمان الاجتماعي. وأقرّ خفض اعتمادات المواد الاستهلاكية في كل الوزارات بنسبة ٢٠٪، وخفض بنسبة ٢٥٪ لاعتمادات التجهيزات ما سيحقق وفراً بقيمة ٢٠٠ مليار ليرة. ولو أقرّ هذا البند قبل خمسة أشهر، لكان الوفر ٣٥٠ مليار ليرة.
ويشير خليل، إلى أنه جرت مراجعة الاقتراحات الضريبية من دون أن توضع أي ضريبة تطاول الطبقات الفقيرة أو ذوي الدخل المحدود ضمن الموازنة، "وهذا أمر مختلف عما يُناقش في سلسلة الرتب والرواتب والتي نحن جاهزون لإعادة النظر بكل الإجراءات الضريبية، بل على العكس ففي مشروع الموازنة اتخذت اجراءات تخفيفية على المواطن وتخفيزية للاقتصاد، مثل خفض سكن المالك إلى 50% من القيمة التأجيرية على ألا يقل عن 20 مليون ليرة". وأدرج في الموازنة إجراءات منها تغيير السقف للتسجيل في الـ TVA إلى 100 مليون ليرة على الاستيراد والتصدير، والضريبة على أرباح المصارف المحققة من الهندسات المالية، وهي تخضع لضريبة الأرباح، فيما لا تزال الوزارة في انتظار رأي هيئة التشريع والاستشارات لفرض ضريبة استثنائية على الأرباح الاستثنائية المحققة من الهندسات.
ويؤكد خليل أن الوزارة أعدت خطة مالية لغاية عام 2022 تستهدف خفض العجز المالي إلى 2000 مليار من خلال إجراءات منها ما يتعلق بالكهرباء وبالجمارك وبوقف الهدر والفساد وبفرض ضرائب جديدة تطاول الريوع العقارية والشركات المالية… وإجراءات أخرى من أجل تحقيق هدف يتعلق بتقليص نسبة الدين إلى الناتج إلى 124% في عام 2020 مقابل 144% حالياً.