القاهرة | «أنا أو الفوضي». العبارة الشهيرة التي قالها الرئيس الأسبق حسني مبارك، إبان «ثورة يناير»، قبل إطاحته بأيام، عبّر عنها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وإن بطريقة غير مباشرة، على مدار يومين خلال «مؤتمر الشباب الرابع» في مدينة الإسماعيلية.
صحيحٌ أنها ليست المرة الأولى التي يتحدث فيها الرئيس المصري عن الفوضى التي يمكن أن تنتجها تحركات شعبية احتجاجاً على سياسات السلطة الحالية، لكن هذه المرة جاءت في وقت تراجعت فيه شعبيته بصورة ملحوظة مع تفاقم غلاء الأسعار وانتهاء «مهلة العامين» التي حددها بعد أشهر عدة من تسلمه السلطة في حزيران 2014، كموعد لتحقيق الازدهار.
يوم أمس، طالب السيسي المواطنين، خلال المؤتمر الذي جمعه إلى نحو 1200 شاب غالبيتهم من مدن القناة وسيناء، بـ«الانتظار عاماً آخر»، محمّلاً الأنظمة السابقة مسؤولية التركة الثقيلة التي ورثها. وقال إنّ تلك الأنظمة سبب الإجراءات الاقتصادية التي اتخذها والتي خفضت قيمة العملة بنسبة تفوق 100% خلال أيام، كذلك تحدث عن رفع الأسعار والإجراءات الاستثنائية في سيناء، واعداً بالقضاء على الإرهاب.

قلتُ لكم إنّ هذه
الدولة ذُبحت عام 67 وحركة تقدمها انتهت

وتطرّق السيسي في خطابه إلى الدعوات (التي انطلقت على مواقع التواصل) إلى انتخابات رئاسية مبكرة، قائلاً: «تريدون أن تتحركوا مرة ثانية، ولكن هذه المرة ستضيّعون مصر بشكل نهائي، وتضيّعون مستقبلكم ومستقبل أولادكم وأحفادكم، وهذا الكلام أحاسب عليه أمام الله». وأضاف: «بالأمس كنت أقول نحن دولة فقيرة، أي دولة مواردها شحيحة وهذا منذ سنوات طويلة، وقلت هذه الدولة ذُبحت عام 67 وحركة تقدمها انتهت في هذه الفترة».
وفيما لم يخرج بعد قانون الانتخابات من البرلمان، تشير كل المعطيات إلى اعتزام السيسي الترشح لولاية ثانية وأخيرة بموجب الدستور الحالي. إلا أن السيسي أجّل إعلان الترشّح للدورة التي يشهدها ربيع عام 2018.
وبعد مطالبة الرئيس المصريين بـ«الصبر» لمدة عام آخر، أبدى استعداده «للرحيل إذا لم يرغب الشعب في بقائي». ومع ذلك، حدد السيسي تاريخ 30 يونيو/ حزيران 2018 موعداً لافتتاح المشاريع الجديدة، وهو الموعد الذي يتزامن مع ذكرى الانتفاضة الشعبية وإطاحة الرئيس محمد مرسي. إشارة السيسي بدت كأنها تعبير عن يقينه بأنه سيكون رئيساً في ذلك الوقت، ما يُعتبر إعلاناً ضمنياً لترشحه إلى الانتخابات المقبلة.
في هذا السياق، أبدى السيسي رغبته في أن يشارك المصريون بكثافة في الانتخابات المقبلة لاختيار رئيسهم، في تصريح يأتي متماشياً مع تخوف دوائر صناعة القرار السياسي من عزوف المواطنين عن المشاركة في الاستحقاقات المقبلة.
كذلك، تحدث السيسي عن تحركات الجيش داخلياً، في ما بدا أنه ردّ على منتقدي المشاريع التي يديرها الجيش، قائلاً: «قسماً بالله الجيش يقوم بدور تنموي موازي للدولة بالضبط. أنا شغلت الجيش ليقاتل إرهاب، ومشغّله تحت رجليكم كي لا تسقط مصر»، في إشارة إلى مشروعات التنمية والطرق التي تنفذ عبر الهيئة الهندسية للقوات المسلحة.
وأوضح أنّ مصر تزيد قدراتها التسليحية بسبب «الخلل الضخم الذي وقع في المنطقة»، مضيفاً: «هذا خلل إستراتيجي، وده فراغ لازم يتملي بقدرة، وإلا إحنا كمان هنروح معاها».
في المقابل، لم يكرر السيسي وعوده بخفض الأسعار، واعترف بصعوبة الإجراءات الإدارية لأبناء شمال سيناء على وجه التحديد «بسبب حصول غير المصريين على الجنسية في فترات سابقة»، في إشارة إلى حصول «عدد كبير من الفلسطينيين على الجنسية المصرية» إبان حكم مرسي، كما يُقال.
إلى ذلك، وبحسب مصدر رئاسي تحدث إلى «الأخبار»، فإن الرئيس السيسي كلف مكتبه بتسليمه جميع الأسئلة التي وردت عبر الموقع الخاص بالمؤتمر، بما فيها الأسئلة التي حملت إساءات واطّلع عليها وجاءت ردوده عليها جميعاً أمام المواطنين. وقال المصدر إن الرئيس «يدرك تراجع شعبيته في الشارع وحالة الغضب لدى المواطنين، لكن يعمل على مزيد من الإجراءات التي من شأنها تأمين تحسّن اقتصادي ملموس مع بداية العام المقبل».