بدأ مبعوثا الإدارة الأميركية إلى الخليج، الجنرال المتقاعد أنتوني زيني ونائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الخليج تيم ليندركينغ، جولتهما الجديدة في المنطقة، في محاولة لإحداث اختراق في جدار الأزمة، قبيل الزيارات المرتقبة للزعماء الخليجيين إلى الولايات المتحدة.
وترافق بدء الجولة مع عودة الحياة إلى الحراك الكويتي على خط الأزمة، والذي كان شهد فتوراً خلال الآونة الأخيرة. وفي ظل ضعف التوقعات بنتائج إيجابية يمكن أن تسفر عنها زيارة زيني وليندركينغ، تتزايد الضغوط على المقربين من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والذي كان لهم دور رئيس في دفعه إلى موقف متشدد إزاء قطر، ما قد يفتح الباب على خطوات أكثر فاعلية لحلحة الخلاف الذي يشارف إنهاء عامه الأول.
واستهلّ المبعوثان جولتهما من الكويت، حيث التقيا، أمس، أمير البلاد، صباح الأحمد الجابر الصباح، في قصر السيف في العاصمة. وفيما لم ترشح أي معلومات عن اللقاء، بدا لافتاً توجيه الصباح، توازياً مع الزيارة، رسالتين خطيتين إلى كل من الملك السعودي، سلمان بن عبد العزيز، وملك البحرين، حمد بن عيسى، بواسطة نائب وزير شؤون الديوان الأميري الكويتي، محمد العبد الله المبارك الصباح. ويأتي توجيه هاتين الرسالتين بعد أسبوع من تأكيد دول المقاطعة، في بيان أصدرته بعثاتها في مجلس حقوق الإنسان المنعقد في جنيف، التزامها الوساطة الكويتية، وتشديدها على ضرورة حل الأزمة عبر هذه القناة.

أكدت دول المقاطعة
قبل أسبوع التزامها
الوساطة الكويتية


ومن الكويت، انتقل زيني وليندركينغ إلى قطر، حيث اجتمعا بوزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بحضور مستشار أمير قطر لشؤون الاستثمار، محمد بن حمد آل ثاني. وذكرت وكالة الأنباء القطرية الرسمية، «قنا»، أنه جرت خلال اللقاء «مناقشة تطورات الأزمة الخليجية، وجهود الوساطة الكويتية، والإجراءات غير القانونية التي تم اتخاذها من قبل دول الحصار ضد قطر». وصاحب اجتماع المبعوثَين الأميركيين بآل ثاني تصعيد دبلوماسي وإعلامي ضد دول المقاطعة، إذ اتهمت المتحدثة باسم وزارة الخارجية القطرية، لولوة الخاطر، تلك الدول بأنها «قتلت القنوات الدبلوماسية والسياسية بينها وبين قطر، وذبحتها ذبحاً»، في حين بثّت قناة «الجزيرة» الجزء الأول من تحقيق حول محاولة الانقلاب على النظام الحاكم في قطر عام 1996. وتبعاً لما نُشر في الحلقة من شهادات ووثائق، من بينها واحدة للسفير الأميركي في قطر حينذاك، فقد كان للسعودية والإمارات ومصر والبحرين دور في «دعم» تلك المحاولة.
ومن المنتظر أن يتوجه زيني وليندركينغ، عقب لقاءاتهما في الدوحة، إلى كل من السعودية والإمارات، التي استبقت زيارة المبعوثَين الأميركيين بتصريحات تصعيدية ضد قطر، تولاها وزير الدولة للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، بتشديده على أن «خروج قطر من أزمتها حله خليجي وبوابته الرياض»، قائلاً إنه «بعيداً عن التحركات اليائسة والتطبيل المدفوع، تبقى الخيارات واضحة». وخاطب القطريين، عبر تغريدة على «تويتر»، بالقول: «كفّوا عن الأذى أو تقبلوا العزلة»، معتبراً أن «تكلفة سياسة قطر الحالية عالية للغاية».
في خضم ذلك، تبدو فرص نجاح المبعوثَين الأميركيَين، اللذين يحملان مقترحات لتهدئة الأزمة والتقدم نحو مسار المحادثات، وإخفاقهما متساوية، إن لم تكن الأخيرة أعلى حظوظاً من الأولى. إلا أن توالي «الفضائح» بشأن دور «حاشية» ترامب في دفعه إلى الانحياز الكلي ضد قطر بدايات الأزمة، ربما يسهم في تثبيت تموضعه الجديد بين طرفي الخلاف، وتعزيز محاولاته إنزال دول المقاطعة عن الشجرة، من دون أن يعني الأمر انتفاء العقبات الأخرى التي تعترض مساعيه. وفي آخر تجليات تلك «الفضائح»، أكد مدير مكتب واشنطن في موقع «ذا إنترسبت» الأميركي، راين غريم، أن مستشار ترامب وصهره، جاريد كوشنر، الذي وصلت موس تحقيقات روبرت مولر (المحقق الخاص الأميركي في ملف التدخل الروسي المحتمل في الانتخابات الرئاسية) إلى ذقنه، هو من حرض الرئيس على تأييد اتهامات عواصم المقاطعة للدوحة، بعد فشل شركته العقارية في الحصول على تمويل قطري للعقار 666 - الجادة الخامسة في مدينة نيويورك. وكان «ذا إنترسبت» كشف، قبل أيام، أن هذا المقترح جاء من لدن السفير الإماراتي لدى واشنطن، يوسف العتيبة، الذي حضّ كوشنير على السعي في إلصاق تهمة «تمويل الإرهاب» بالقطريين.
(الأخبار)