عمان | كانت تكفي عبارة «الشباب مقطوعة» التي سبقت حلقة الاثنين الماضي من برنامج N2O (ستاند ـــ آب كوميدي) الأردنيّ، لسقوطه وممثليه في فخّ التسطيح، في الوقت الذي يدّعي فيه البرنامج الذي يبثّ ضمن «ساعة كوميديا» على قناة «رؤيا» المستقلة أنّ «جميع الآراء المطروحة في الحلقة عبارة عن مزاح ثقيل». انقلب المزاح على أصحابه، وظهروا كأنهم يصطادون في الماء العكر في مجتمع يستقوي على المرأة بحماية من الدولة وقوانينها.
الحلقة المذكورة خصصت للسخريّة من حقوق المرأة وجاءت خالية من الحس الكوميدي في حال افترضنا حسن النيّة في إظهار الآراء المعادية لحقوق المرأة. والأهم أنّها خلقت دافعاً إضافيّاً لتسخيف مطالب المرأة، واختزالها في «الطبخ والماكياج والملابس».
على مدى تسع دقائق، تبارى أبطال العمل الذي تنتجه شركة «خرابيش للإنتاج الإعلامي الترفيهي» في الانقلاب على الحسّ الفكاهي، وتداولوا وجهات نظر تحمل صبغة تمييزيّة على أساس الجنس، معتبرين حقوق المرأة رديفة لـ«حقوق الطفل والحيوانات». .
البرنامج الذي أطلق موسمه الأول على الإنترنت قبل أن يصل إلى قناة «رؤيا» أخيراً، لم يجد أفضل من الهجوم على سلسلة «زيّي زيّك» التي تهدف إلى مكافحة التمييز ضد المرأة. مع ذلك، حقّقت حلقة N2O نسبة مشاهدة مرتفعة على يوتيوب، تجاوزت 20 ألفاً في أقل من 24 ساعة. تحوّل هذا الفيديو إلى ساحة جدال، علّق عليه ما يقارب 1000 شخص بين مؤيّد للنظرة التهكمّية لحقوق المرأة، وبين معارض لها.
لم تشأ «خرابيش» التعليق. لكن لا بد من السؤال عن مدى جديّة وائل عتيلي في تحمّل مسؤوليّة منتجات شركته، هو الذي قال مرةً إنّ «الإنترنت أسلوب لتوثيق تاريخنا وتراثنا للأجيال القادمة، إضافة إلى تأثيره الكبير في النواحي السياسية والاقتصادية». هذه المسؤوليّة الكبيرة لم نجدها في حلقة «حقوق المرأة»، بل إنّ «خرابيش» ستبذل اليوم جهداً كبيراً للتكفير عن هذا الخطأ. ولن يمحوه تعاونها مع رسام الكاريكاتور عمر العبداللات الأقرب إلى الشارع والحراك الشبابي، أو حتى تعاونها مع الكاتب أحمد حسن الزعبي المنحاز أيضاً إلى الشارع في سلسلة «منع في الصين» الساخرة التي تعرض على الإنترنت.
في حلقة «حقوق المرأة»، وقفت «خرابيش» مع نجوم العمامات المتطرّفين والمجتمع الذكوري والدولة التي تبيح قوانينها إسقاط عقوبة المغتصب في حال تزوّج ضحيّته، متناسين أنّ الـ«ستاند آب كوميدي» حالة اجتماعية وسياسية تهدف إلى تعنيف أسوأ ما فينا. وأفضل دليل هو مرثيّة «نيويورك تايمز» للكوميدي الأشهر جورج كارلين (1937ـــ2008). عند رحيله، عنونت الصحيفة مقالها «وفاة جورج كارلين: الكوميدي الذي ثار على المجتمع وقيوده».