يشتكي المواطنون في قطاع غزة من تصدير التجار والمزارعين أفضل منتجاتهم إلى الداخل المحتل والضفة الغربية، في حين تبقى المنتجات الأقلّ جودة، أو ما تُسمّى «البرارة»، في أسواق غزة وبأسعار مرتفعة أيضاً. يتحدث محمد إياد، وهو من سكان القطاع، عمّا يعانيه حينما يريد شراء الخضروات والفواكه كالفراولة أو الطماطم مثلاً، مطالباً وزارة الزراعة بأداء دورها في الرقابة، ومراعاة المواطن الغزّي «المغلوب على أمره»، وأن تقف بجانبه في ظلّ الأوضاع الصعبة التي يعيشها. من جهته، يتذمر محمد سعد من غلاء أسعار الخضروات في أسواق غزة، خصوصاً أنها ذات جودة متدنية وبعضها يكون تالفاً، قائلاً: «نعاني من ارتفاع أسعار هذه المنتجات، وبالمقابل نحن نعاني من أزمات مالية ومن بطالة».
تصدير أفضل جودة
عرفات حمدونة، صاحب مزرعة فراولة في مدينة بيت لاهيا شمال القطاع، يُصدّر الفراولة إلى الداخل المحتل ومحافظات الضفة، وهو يرى أنه من الطبيعي تصدير أفضل جودة إلى الخارج. ويضيف حمدونة أنه قام بزراعة 7 دونمات هذا الموسم، فكلّفه الأمر حوالي 70 ألف شيقل، وهو ما «يجعلني أصدّر أفضل الأنواع كي أسدّ الأموال التي قمت بدفعها في الزراعة وما تحتاجه من مواد كالنايلون والسميد والغاز وغيرها». ويؤكد أنه يبيع الفراولة المتبقية ذات الجودة الأقل في أسواق غزة، وأن سعر المنتجات التي يقوم بتصديرها هو نفسه سعر ما يصدّره إلى الأسواق الغزية، معتبراً أن «المواطن الغزي يشكو دائماً من ارتفاع الأسعار، ولا يعلم أننا ندفع شيكات من أجل تضمين دونمات الفراولة ونحن بحاجة إلى سدّ هذه الشيكات، بالتالي تصديرها للضفة والاحتلال أفضل من بيعها في أسواقنا»، وفق قوله. وكانت قد أوردت قناة «كان» العبرية، في كانون الثاني الماضي، شهادات لمزارعين إسرائيليين من قلنسوة، يشتكون من غزو ثمرة التوت الأرضي (الفراولة) المستوردة من قطاع غزة لأسواقهم.

الزراعة: الاحتلال يحرمنا التصدير
من جانبها، تؤكد وزارة الزراعة في غزة أنه ليس هناك تصدير إلى إسرائيل من المنتوجات الزراعية في القطاع في الوقت الحالي، مشيرة إلى أن الاحتلال يحرم الغزيين التصدير إلى العالم الخارجي. ويقول الناطق باسم الوزارة، أدهم البسيوني، لـ«الأخبار»: «ليس لدينا مجال في أي حال من الأحوال لأن نصدر المنتجات الزراعية وأهل غزة بحاجة إليها، ولا نصدّر الجودة الأفضل ولا حتى الكمية الأكبر». ويضيف البسيوني: «نحن في فترة يناير وفبراير من كل عام تكون لدينا أجواء مناخية صعبة، نتيجة انخفاض درجات الحرارة مما ينعكس على قوة الإنتاج والكميات المعروضة، بالتالي تتذبذب الأسعار وتشهد ارتفاعاً، أما الآن الأسعار مستقرة لأننا في مرحلة الاعتدال الربيعي». ويبيّن أن ما يتمّ تصديره يتجه إلى المحافظات الشمالية، أي محافظات الضفة الغربية فقط، «ونتعامل معها كتداول محلي»، قائلاً: «يعني نتعامل مع سوق رام الله وسوق نابلس كسوق خانيونس وغزة، وهذا يُسمى تبادلاً تجارياً ما بين الأراضي الفلسطينية»، منوهاً إلى أنه من حق أهالي الضفة أن يشتروا من منتجات غزة.
تؤكد وزارة الزراعة في غزة أنه ليس هناك تصدير إلى إسرائيل من المنتوجات الزراعية في القطاع في الوقت الحالي


الأسماك أيضاً
في مجال بيع الأسماك، يقول المواطن خالد سليم، لـ«الأخبار»، إن «هناك أسماكاً تعرض في السوق المحلية تكون أصغر حجماً من التي يتمّ تصديرها كسمك اللوكس أو حتى الجمبري أيضاً، في حين يتم تصدير أفضل وأكبر الأسماك إلى الضفة والاحتلال، وتباع في سوقنا بنفس أسعار ما يتم تصديره إلى الخارج». لكن تاجر الأسماك، أبو العبد هندي، يوضح، في حديث إلى «الأخبار»، أن «الأسماك الكبيرة يتمّ تصديرها إلى الضفة الغربية وإسرائيل، بسبب ارتفاع أسعارها، والمواطن الغزي لا يشتريها بسبب غلاء سعرها». ويبيّن أن «الاحتلال الإسرائيلي يسمح لنا بتصدير كميات محدودة من الأسماك هذه الفترة، وأحياناً تأتي مواسم لا نصدّر فيها بسبب مضايقات الاحتلال لصيادي غزة».
من جهته، يوضح نزار عياش، نقيب الصيادين في غزة، خلال حديثه إلى «الأخبار»، أن «كلّ نوعية من الأسماك الكبيرة تُصدر بكميات محدودة، وفق الآلية التي يتم التوافق عليها مع الجانب الإسرائيلي»، مضيفاً أن «السوق المحلية تشهد بيع الأسماك ذات الأحجام الصغيرة، والمتناولة في يد المواطن الغلبان». ويبيّن عياش أنه «عندما يصيد الصياد 10 كيلوغرام من أسماك اللوكس، وسعر الكيلو الواحد يصل إلى ما بين 80 - 100 شيقل، المواطن في غزة لا يقدر على شرائها، لذلك يتم تصديرها إلى إسرائيل والضفة كي تعوض تكاليف عملية الصيد من سولار وغيرها». والجدير ذكره، هنا، أن أصحاب مزارع إنتاج الأسماك في غزة من أزمات متتالية، كان آخرها تكبّدهم خسائر كبيرة جرّاء العدوان الإسرائيلي الأخير.

حماية المستهلك
يؤكد مدير عام حماية المستهلك في غزة، عبد الفتاح أبو موسى، أن ما يعرض في الأسواق مطابق للمواصفات الفلسطينية، مطمئناً إلى «(أننا) لا نسمح بأن تعرض في الأسواق منتجات غير مطابقة للمواصفات الفلسطينية أو فاسدة أو تالفة». ويشير أبو موسى، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «ما يتم تصديره إلى إسرائيل أو الضفة الغربية هو نفسه ما يباع للمستهلك الفلسطيني في أسواق غزة»، لافتاً في الوقت نفسه إلى أن هناك لجنة مشتركة بين حماية المستهلك ووزارة الزراعة من أجل الرقابة على أيّ منتوجات يتم تصديرها، واستقبال أي شكاوى من المواطنين بهذا الخصوص. يُذكر أنه في حزيران من العام الماضي، أعلنت السلطات الإسرائيلية استئناف تصدير المنتجات الزراعية من قطاع غزة بشكل محدود، وذلك للمرة الأولى منذ حرب 2014.

رأي ثالث
يرى الخبير الاقتصادي، معين رجب، أنه من حق المواطن أن تكون لديه الفرصة ليشتري السلعة الجيدة ويدفع الثمن المناسب لها، منبهاً في الوقت نفسه، في حديثه إلى «الأخبار»، إلى أن التصدير له مزايا من حيث السعر، ومن حيث تعويض ما دفعه المزارع أو المنتج، مضيفاً أن من حق هؤلاء أن يغتنموا فرصة التصدير ليحصلوا على أسعار مجدية نسبياً. ويشدد رجب على ضرورة أن «يكون هناك جهد من الجهات المسؤولة من أجل أن يكون الإنتاج وفيراً، ليتم تصديره إلى الخارج وتوفيره في الأسواق المحلية في الوقت عينه».