لعبت الكلاب الإسرائيلية المعادية لفلسطين، والمستوردة من بلجيكا وهولندا (دوبرمان) وألمانيا (جيرمن شيبرد)، دوراً خطيراً في الحرب على غزة. خاصة تلك التي تعمل ضمن وحدة «عوكيتس» أي «النهش» أو «العضة». وتفيد المعلومات عن هذه الوحدة «الكلبية» أنه يخصَّص لكل كلب فيها غرفة خاصة ومدفئة ووجبتان يومياً، وصالة رياضية وتسريحة شعر مرة باليوم. ومن ضمن تدريباتها، تلك التي تجعلها في الميدان تعمل غير مكترثة بالضوضاء وأصوات الرصاص، وأيّ حيوانات (كلاب أو قطط) تقف في طريقها.أُعلن رسمياً عن هذه الوحدة في عام 1988، وقد قدّمت كل أشكال الدعم المادي والمعنوي لجيش الاحتلال الإسرائيلي خلال الحروب والمعارك التي خاضها، فهي تتقدم عمليات الاقتحام للمنازل والمباني، لاكتشاف المتفجرات والأنفاق. واستُخدمت في العدوان الحالي، لاقتحام المستشفيات، حيث أُطلقت على الأطقم الطبية والنازحين في مستشفى كمال عدوان.
لكن هذه الكلاب المدربة، لم تتمكن من تنفيذ كل ما هي مدربة عليه، وفشلت في عمليات البحث عن الأسرى واكتشاف فتحات الأنفاق. فضلاً عن أن رجال المقاومة قتلوا من هذه الكلاب ما قتلوا. إضافة إلى مواجهة كلاب غزة لكلاب العدو، فتعرّضت لهجوم ضار، ومرات وجدت مقيدة داخل المنازل، ولوحظ الأمر في أحياء الشيخ زايد والدرج والتفاح، فتمكنت من إعاقة عمل كلاب العدو، وخاضت مواجهة معها، أدت إلى نفوق عدد منها. الحالة هذه وصفتها الصحافة الإسرائيلية، ويبدو نقلاً عن جيش الاحتلال، بأنها ظاهرة غريبة، أعيدت إلى أن هذه الكلاب، قد تم تدريبها من قبل المقاومة، استعداداً لمثل هذه المواجهة مع كلاب الاحتلال. وفرضية أخرى أفترضها ربطاً بالأولى، بأن هذه الكلاب أصيلة، وغير مهجنة، تنطلق من تلقاء نفسها وبدافع وطني، لتأخذ دورها في صدّ العدوان والمعتدين.
وبهذا الموقف البطولي تفوّقت كلاب غزة، على الأنظمة التي خذلت غزة وأهلها، ولم ترتقِ إلى الحدّ الأدنى من الوفاء والكبرياء اللذين تميزت بهما الكلاب التي ولدت وتربت في غزة، وتحركت بكامل نخوتها وقوتها العقلية وذاكرتها المتقدة عن الناس والمكان. بعكس كلاب الأنظمة، وكلب الرئيس الأميركي جو بايدن المصاب بالزهايمر والعدوانية والدموية.
تعتقد الكلاب في غزة، التي تطعم نفسها بنفسها، في ظل عدم توافر ما تأكله حتى بين أكوام النفايات، بأن دورها اليوم هو التصدي للعدوان، وليس الرقابة على الإعلام والناس، كما يحصل في عدد من الدول العربية التي تحاول حرف الكلاب عن دورها وإلهائها بمواسم ومهرجانات لا تتعلق بالحب للكلاب، بل بالترفيه. والعرب أصلاً كانوا يفضلون الخيول على الكلاب، لكنهم لم يعودوا يستخدمون الخيول، إلا للزينة والمناسبات، بعد أن باتت كأحصنة أصيلة بلا دور، مع فقدان الأصل.
وبعد ما فعلته الكلاب في غزة، يجب على العرب جميعاً، احترام الكلاب وتقديرها، وعدم استخدام اسمها بشكل يقلّل من قيمتها وقدرها، كما فعل وزير قطري حين وصف إعلام السعودية والإمارات ومصر بالكلاب المسعورة، وكذلك قول الرئيس الفلسطيني أبو مازن عن سفير الولايات المتحدة في تل أبيب ديفيد فريدمان إنه ابن كلب. كما يجب أيضاً عدم استخدام اسمها كشتيمة، كأن يقول شخص لآخر «أنت كلب» لأن المعنى بسبب دورها في الحرب على غزة، أصبح يتعلق بالشجاعة والوفاء والإقدام وعدم الخذلان.