القاهرة| «خليهم يتسلّوا»، هذه العبارة ليست السخرية الوحيدة التي استخدمها الرئيس المصري حسني مبارك حيال المعارضة، في خطاب افتتاحه للدورة الجديدة لمجلس الشعب المصري، في إشارة إلى «البرلمان الموازي» الذي انعقد على مسافة قصيرة من شوارع القاهرة. كلمات مبارك سبقتها إشارات أخرى إلى ملفات فتحتها المعارضة، وبينها تحويل 70 مستشفى جامعي إلى قطاع خاص، وهو ما وصفه الرئيس بالشائعات.
الوصف نفسه الذي استخدمه وهو يعلن اختيار موقع الضبعة لإقامة أول محطة نووية، من بين 4 محطات، ضمن خطة استخدام الطاقة النووية لتوليد الكهرباء.
وكانت صحف وبيانات معارضة قد تحدثت في أوقات سابقة عن خطة لرجال أعمال مقرّبين من السلطة للاستيلاء على الضبعة، ونقل المشروع النووي إلى منطقة أخرى، وهو ما عدّه الرئيس «كلام تأليف وتلحين». الإشارة إلى المشروع النووي تأتي غالباً في سياق طرح موضوعات «شعبية» في مواجهة حملات التشكيك في مشروعية مجلس الشعب، وهذا ما يفسّر أيضاً الكلام المتكرر عن «الانحياز إلى الفقراء» كأولوية لسياسات المرحلة المقبلة. وعندما أراد أحد النواب التحدث إلى الرئيس من القاعة عن معاناة قطاعات محدودة الدخل، ابتسم وقال له «كلنا كنا فقراء».
تحريك الملفات «الشعبية» يكشف، إلى جانب السخرية من المعارضة، عن توتر في الأروقة العليا للنظام من التشكيك في «شرعية» مجلس الشعب، وخصوصاً أن المجلس سيشهد أداء الرئيس المقبل لليمين الدستورية عقب انتخابات الرئاسة في 2011.
الشك في الشرعية دفع النظام إلى الضغط على البابا شنودة، بطريرك الكرازة المرقسية، للخروج من اعتكافه في دير وادي النطرون، وهو أحد أساليب الاحتجاج الصامت، استخدمه البابا في ملف أقباط العمرانية المعتقلين بعد الصدامات مع قوات الشرطة في نهاية تشرين الثاني الماضي. وقد توسّط وفد مقرّب من النظام ليعود البابا فجأة إلى القاهرة، ليشارك في جلسة افتتاح مجلس الشعب، ولكي تكتمل الصورة البروتوكولية لشرعية الدولة بقادتها السياسيين والعسكريين والدينيين.
من جهة ثانية، لوحظ حضور علاء، النجل الأكبر لرئيس الجلسة مبارك، إلى جوار شقيقه جمال المثير للجدل، وهو ما يعطي طابعاً عائلياً لحضور الأخوين مبارك، وذلك عقب جدل طويل بشأن حضور جمال مبارك الطامح إلى وراثة مقعد أبيه، وجلوسه في بداية الصفوف متقدّماً على قادة في الجيش والشرطة.
الأخوان مبارك جلسا في المستوى نفسه من المقاعد تقريباً، لكن الجدل أُثير هذه المرة بشأن ما إذا كان حضور العائلة استكمالاً للبروتوكول أو أنه تصعيد للأخ الأكبر بعد إبعاد أخيه خطوات عن تصدّر المشهد السياسي. على مسافة قصيرة من شوارع القاهرة التي أُخليت بسبب موكب الرئيس، عقدت اللجنة التأسيسية للبرلمان الشعبي اجتماعها الأول تحت رعاية الجمعية الوطنية للتغيير. وأُثيرت أسئلة عن مصير الزعيم المعارض محمد البرادعي، بعد توقعات اعتقاله، في ظل حالة النظام العصبية التي تشير إليها قرارات أمنية لمنع جولات البرادعي في المحافظات. ويربط المراقبون بين «خطة عنف ضدّ البرادعي» وإطلاق فتوى سلفية تطالب مبارك بقتل البرادعي لأنه «ينشر الفتنة» بين الأمة عبر ترويجه للعصيان ضدّ نظام الرئيس مبارك.