شهيرة سلّوم
خلال الجلسة الثالثة من محاكمة ما سُمّي «الشبكة التنظيمية» في البحرين المؤلفة من 25 متهماً، بينهم 11 ناشطاً حقوقياً (يحاكم اثنان منهم غيابياً)، جدّد الدفاع طلبه، أمام محكمة الجنايات الكبرى الثالثة المخصصة للمعارضين السياسيين، تأليف لجنة مستقلة للتحقيق في وقائع التعذيب التي تعرّض لها المتهمون الـ 23، ولا سيما أن هذا التعذيب لم يتوقف رغم قرار المحكمة خلال الجلسة الأولى قبل نحو شهر. وأوضح المحامي، محمد أحمد، وهو أحد أفراد هيئة الدفاع المؤلفة من 15 محامياً، لـ«الأخبار»، أن الهيئة سألت المحكمة الفصل في طلب أساسي هو التحقيق في وقائع التعذيب وإجراء تحقيق مستقل وتكليف لجنة طبية مستقلة للكشف عن المتهمين، لكن القضاة تجاهلوا الطلب، بحيث «لم تكن الإجابة قبولاً أو رفضاً».
ولفت الى أن التعذيب لم يتوقف، وخصوصاً النفسي منه، وأن أحد المتهمين، وهو الشيخ محمد حبيب المقداد، شرح للمحكمة وقائع التعذيب الذي تعرّض له، من سوء معاملة وشتائم شخصية وعبارات «مهينة وبذيئة». وأوضح أن هيئة الدفاع قدّمت وثيقة الى المحكمة تؤكّد استخدام الشرطة للتعذيب بحق متهمين جنائيين.
وأشار أحمد إلى أن لائحة الاتهام تضمّنت «تأليف تنظيم، الغرض منه الدعوة الى تعطيل أحكام الدستور». وعن الاتهامات المتعلقة بـ«محاولة قلب النظام» و«الاتصال مع جهات خارجية»، قال إن لائحة الاتهام لا تتضمن هذه التهم، وإن الغاية من الترويج لها منذ البداية، برأيه، كانت «إلحاق أشدّ ما يمكن من أثر صادم للرأي العام».

القضيّة سياسيّة من الدرجة الأولى، وهي لا تعتمد على كفاءة المحامين والحكم جاهز

وطلبت المحكمة الاستماع خلال الجلسة المقبلة، التي حُددّت في التاسع من كانون الأول المقبل، الى إفادات شهود الإثبات، الذين حققوا مع المتهمين.
وبالنسبة إلى المتهمَين اللذين يحاكمان غيابياً، الأمين العام لحركة «أحرار البحرين» سعيد الشهابي والأمين العام لحركة «حق» حسن مشيمع، أبلغت النيابة العامة مذكرات الاعتقال الى عناوينهما في البحرين.
وكان أحمد قد أوضح قبل الجلسة، في ردّ على الأدلة التي يستند إليها الادّعاء العام، أن هناك حظراً على نشر تفاصيل المحاكمة، رغم الطلبات المتكرّرة لهيئة الدفاع لرفع الحظر وضمان شفافية المحاكمة وعلانيتها. لكنّ المحامي لفت إلى «عدم وجود أدلة مادية» بحوزة الادّعاء، ومعظم ما يملكه «إفادات من تسجيلات في مناسبات دينية مختلفة، لكون المتهمين ينتمون الى الطائفة الشيعية وبعضهم رجال دين»، مكرّراً أن «المحاكمة سياسية من الدرجة الأولى وبامتياز».
وبشأن تعرض المتهمين للتعذيب، واستمرار هذا الأمر بعد جلسة المحاكمة الأولى، قال المحامي إن آثار التعذيب كانت فاضحة خلال الجلسة الأولى. وأضاف «في المقابلة الثانية، لا استطيع أن أؤكد إذا ما استمر التعذيب»، لكنه أشار إلى تواصل «التعذيب النفسي».

ليس هناك أدلّة ماديّة بحوزة الادّعاء، ومعظم ما يملكه تسجيلات في مناسبات دينية

وأوضح أحمد أنه بعد جلسة المحاكمة الأولى، واعتراض الدفاع على أصول المحاكمة، بحيث مُنع أفراد الهيئة من الانفراد بموكّليهم، سمحت الأجهزة الأمنية للمحامين بالاجتماع بالمتهمين، لكن بعد مماطلة استمرت أسبوعاً.
ولفت أيضاً الى ضيق الوقت لدراسة القضية كما يجب، فأوراق المتهمين الـ 25 تتجاوز 2500 صفحة، إذ ليس هناك أوراق مستقلة لكل متهم لارتباط الإفادات بعضها ببعض. ورغم علانية المحاكمة، إلا أنها مقنّنة، إذ إن عدد الأشخاص المسموح بحضورهم محدود، وممنوع حضور أكثر من شخص واحد من أفراد العائلة، إضافة الى ممثلين عن السفارات وتحديداً السفارات الأميركية والبريطانية والفرنسية، ويلاحظ غياب ممثلين عن السفارات العربية، بحسب المحامي. كما يحضر المحاكمة ممثلون عن بعض المنظمات غير الحكومية كمنظمة «العفو» الدولية.
وتمنع السلطات الصحافة المحلية من تغطية إجراءات المحاكمة، رغم ملاحظة وجود صحافيين من وكالات أنباء عالمية، وإن كانوا قلّة.
بدورها، تقول جنان، زوجة المتهم علي عبد الإمام، وهو مدوّن إلكتروني من مؤسسي موقع ملتقى البحرين، لـ«الأخبار» إنه بعد المحاكمة الأولى، سُمح لعائلات المتهمين بالزيارات. وتتحدث عن وضع شروط للزيارة تتضمن عدم التطرق إلى أي موضوع غير عائلي، أي يُمنع الحديث عن تطورات القضية والتهم الموجّهة وتناول أمور سياسية وأحوال الشارع. كما حُدّدت مدّة الزيارة الأسبوعية بـ 30 دقيقة.
وتؤكّد جنان الالتزام بشروط الزيارة وعدم تناول أي موضوع غير عائلي، لكن ذلك لم يحل دون تقليص مدة الزيارة الى 10 دقائق، مشيرةً الى الطريقة غير اللائقة التي تُعامل بها العائلات من قبل الشرطة، التي لا تتقيد بالأصول، وتُخضع الزائرين لتفتيش دقيق، لافتةً إلى أنه جرى تفتيش ابنها الذي لا يتجاوز من العمر 5 سنوات.
وتتابع الزوجة أنها حين حاولت السؤال عن المسؤول للاعتراض على هذه الإجراءات، أجابها ضابط أن «لا مسؤول هنا، ولا قواعد معينة لأصول الزيارة، بل هي كيفية واستنسابية حسب مزاجية الشخص المناوب». ولم تدقق في ما إذا كان علي يتعرض للتعذيب، وتختم بالقول إن القضية «سياسية من الدرجة الأولى، وهي لا تعتمد على كفاءة المحامين، والحكم جاهز مسبقاً».

وبشأن نفي السلطات الأمنية استخدام التعذيب، يشير الناشط إلى حادثة تعرّض فيها متهم جنائي للصعق الكهربائي، وهو ما دفع وزير الداخلية الى الاعتذار واعتبار الحادثة خطأً فردياً.