سيناء | يبرز في الحديث عن الإهدار في سيناء، شمال شرقي مصر، ونهب ثراواتها، اسم مجموعة شركات «سما»، التي تضم في ملكيّتها قرية «سما العريش» السياحية، ومصنع «إسمنت سيناء» وجامعة سيناء الخاصة. هذه المجموعة تعود إلى مستثمر واحد يشغل منصب رئيس «جمعية مستثمري سيناء»، وهو أحد الكبار الذين ساهموا في إهدار ثروات المنطقة، كما أنه صاحب قناة «المحور» المعروفة بولائها لجهاز المخابرات.
قرية «سما العريش»، كانت بداية مشاريع هذه المجموعة، التي استغل صاحبها علاقته بمحافظ شمال سيناء الأسبق، اللواء منير شاش، في بداية التسعينيات، ليستخرج تصاريح لبناء قرية إسكان شعبي. وبعد حصوله على التصاريح، فوجئ الجميع بأنها قرية سياحية تقع على ضفاف البحر المتوسط، مباشرة.
ولتوسعة كورنيش القرية، تمّ ردم نحو 15 متراً (طولاً) من شاطئ البحر، بدعوى أن الشاطئ يتعرّض لعملية «نحر»، ولا بدّ من ردمه حفاظاً على المنشآت المقامة عليه من الغرق.
وتحت ذريعة أن صاحب مجموعة شركات «سما العريش»، هو أول مستثمر «يغامر» بأمواله ويستثمر في سيناء، فقد حصل على قطعة أرض بمساحة تصل إلى نحو 200 فدان، في منطقة الصناعات الثقيلة في منطقة الحسنة وسط سيناء، وأقام هناك مصنع «إسمنت سيناء»، بعدما تمكن بنفوذه وبعلاقاته مع رجال الأمن والمخابرات، من انتزاع الأرض التي أقيم عليها المصنع، من ولاية أصحابها، بدعوى أنها «وضع يد» وسيجري استخدامها للمصلحة العامة.
في ذلك اليوم، اعتقل الأمن العشرات من أبناء القبائل، أصحاب الأرض، بعدما تقدّم المستثمر حسن راتب، ببلاغات للأمن يتهم فيها أبناء القبائل بممارسة أعمال البلطجة على المصنع الخاص به.
وفق موسى أبو كريم، وهو أحد أصحاب الأرض المقام عليها «إسمنت سيناء»، فإن غالبية المحافظين الذين تعاقبوا على المحافظة كانوا يرجعون إلى هذا المستثمر، قبل اتخاذ أي قرار يتعلق بالتنمية، وخصوصاً في العريش ووسط سيناء، وهو بدوره كان يمنحهم الهدايا والهبات ويضع أسطول «أوتوبيسات» (حافلات) جامعة سيناء تحت تصرفهم. فتنقل ضيوف المحافظين وتقدم إليهم الطعام والإقامة في شاليهات قرية «سما العريش»، التي استولى عليها، لبناء مساكن شعبية، ثم حولها إلى قرية سياحية.
كذلك، فإنه يقدم قاعات جامعة سيناء لإقامة اجتماعات ومؤتمرات المحافظة، ملغياً دور الدولة المصرية هنا، أو التي ألغت نفسها بنفسها.
يقول إبراهيم ترابين، وهو من أصحاب أرض «مصنع إسمنت سيناء»، لـ«الأخبار» إن «المستثمر حسن راتب باع مصنع الإسمنت الذي يمتلكه هناك لشركتي «لافارج» و«فيكات» الفرنسيتين المتخصصتين في صناعة الإسمنت، ويشارك رجال أعمال يهودا في أسهمها، ما يعني أنه باع أسهم مصانعه لليهود، كما جرى تصدير منتجات المصنع من الإسمنت إلى إسرائيل لبناء الجدار العازل».
أيضاً، يقول الناشط السياسي من أبناء سيناء وعضو «لجنة حماية الثورة» سعيد عتيق، إن صاحب مجموعة شركات «سما» يسيطر على كل القرارات السياسية والأماكن السيادية في شمال سيناء، إلى جانب مخالفاته في ما يتعلق بجامعة سيناء، بتحويلها إلى جامعة خاصة جرى إبعاد أبناء سيناء عنها، بسبب ارتفاع مصاريفها.

استصدرت تراخيص للمشاريع على أنها أهلية ولكنها خاصة وأقيمت فوق أراضي المواطنين عنوة

وأشار عتيق إلى أن نسبة أبناء سيناء داخل الجامعة لا يتجاوز 3%. وطالب، بدوره، بتحويل «سيناء» إلى جامعة حكومية وإبعاد راتب عنها. ويضيف: «من أجل إكرام اليهود، سعى راتب إلى إخلاء المناطق المحيطة بالمصنع من سكانها البدو حتى يجري تأمين المكان للملاك الجدد... أثناء مراحل البناء طردهم بالقوة من أرضهم قرب المصنع وأحرق عششهم وشرد المئات من أبنائهم خلال بناء مصانعه وسط سيناء، وكل ذلك من دون تعويضات».
بالعودة إلى رئيس الغرفة التجارية في شمال سيناء، المهندس عبد الله بدوي، فإنه شرح أن مجموعة شركات «سما» حققت مكاسب استثمارية بالملايين، نتاج «مصنع إسمنت سيناء» المقام في وسط سيناء، وقرية «سما العريش» وجامعة سيناء في العريش، إضافة إلى محاربة رئيس مجلس إدارة المجموعة لأبناء سيناء، عندما أرادوا استخراج رخصة لإقامة مصنع إسمنت آخر. ويضيف أن الرجل عمل على إقصائهم من العمل فيه واقتصار عملهم على أمور الحراسة، وهم من أصحاب الأرض التي انتزعت منهم عنوة مقابل تعويضات بخسة لتقام عليها منشآت ومصانع حسن راتب «التي تعتريها شبهات الفساد والمخالفات».
في الوقت نفسه، يؤكد الناشط السياسي مجدي حداد أنه حرر البلاغ الرقم 18/ 1625ضد رئيس مجلس إدارة مجموعة «سما العريش»، واتهمه بالاستحواذ على عقد توريد (الطفلة) إحدى الخامات الرئيسية لمصنع «إسمنت سيناء»، بعقد سنوي يبلغ خمسة آلاف جنيه فقط، بينما يجري توريدها للمصنع الذي انتقلت ملكيته لشركة استثمارية أخرى بـ42 مليون جنيه سنوياً.
كما اتهم البلاغ المستثمر راتب بالحصول على ترخيص لإنشاء قرية «سما العريش» بوصفها مساكن أهلية، وبذلك حصل على قروض مخفضة الفائدة 6% فقط، فيما تحولت المساكن الشعبية إلى قرية سياحية خالصة. كذلك اتهم بحصوله على ترخيص بإنشاء جامعة سيناء الخاصة، على أنها جامعة أهلية ذات مصاريف منخفضة، فحصل على قروض مقابل ذلك ومعونات، لكنها تحوّلت إلى جامعة خاصة باهظة المصاريف.