خاص بالموقع- الاشتباكات والمواجهات في حيّ سلوان، التابع للقدس الشرقية المحتلة، تدور بطريقة شبه يومية منذ أكثر من عام، بين الشبّان الفلسطينيّين والشرطة الإسرائيلية. وذلك بعدما أعلنت بلدية القدس هدم بيوت فلسطينية في الحي، وإقامة حديقة أثرية توراتية مكانها. أمّا فتية حي سلوان وأطفاله، فيعيشون حالياً تجربة الاعتقال والتحقيق في أروقة مركز توقيف المسكوبية الإسرائيلي، لردّ تهم إلقاء الحجارة على عناصر الشرطة الإسرائيلية.
تجربة الاعتقال هذه يروونها بأنفسهم؛ يقول محمد مازن الدويك (13 عاما) «اعتقلني قبل عدة أشهر الكابتن الإسرائيلي ايتسك، في الرابعة فجراً، وكان معه نحو 20 شرطياً، قيّدوني ووضعوني في جيب عسكري، واقتادوني إلى مركز توقيف المسكوبية».
ويضيف «عند وصولي إلى هناك، أوقفوني على الحائط، وجاء كابتن يدعى هشام وصفعني على وجهي، وركلني في كل أنحاء جسمي، وسألني: كم حجراً رميت؟ ومن هم أصحابك الذين يلقون الحجارة؟».
ويتابع محمد «وعندما قلت له إنني لم أرشق حجارة على الجنود الإسرائيليين، عاد وضربني مجدّداً، وحاول استمالتي قائلاً: ما تقوله سيبقى سراً بيني وبينك، لن أفشيه لأحد».
ويضيف الفتى الفلسطيني «وكلما كنت أكرر القول: لا أعرف شيئاً. كان ينهال عليّ بالصفعات والضرب، وعندما انحنيت لأحمي وجهي من الضربات، وجدت رأسي وقد صار على الأرض تحت الكرسي، عندها حمل الكرسي وضربني به على جسدي».
ويشير إلى أنّ «محقّقاً آخر اسمه موشي، حضر. وقبل أن يبدأ استجوابي، وجّه اللكمات إلى وجهي، وإلى كل أنحاء جسدي، وكان يقول لي: إذا لم تعترف، فسأُدخل عليك ضباطاً يكسّرونك. سأرسلك عند قاتلين مجرمين. إلا أنهم وافقوا في نهاية النهار على إطلاق سراحي، وجاء والدي واصطحبني إلى المنزل».
ويضيف محمد «صوّروني وأخذوا بصماتي، وقالوا لي إنّ بإمكانهم تمييز بصماتي على الحجارة».
أمّا شقيقه باسل مازن الدويك (9 سنوات)، فيروي تجربته قائلاً «حضر أفراد الشرطة لاعتقالي في الرابعة صباحاً في شهر شباط، لكنّ والدي رفض اعتقالي، ورافقني في التاسعة صباحاً إلى المسكوبية، حيث جلس معي في الغرفة، وبعدما منعوه من الكلام حقّقوا معي عن رمي الحجارة، وصوّروني وأخذوا بصماتي».
ويشير باسل ببراءة إلى أنهم «صاروا يجمعون الحجارة من الحارة بعد كل مواجهة، وكل واحد بصمته على حجر سيعتقلونه».
من جهته، يروي الطفل مسلم عودة (10 سنوات ) أنه «حضر رجال الشرطة والاستخبارات إلى منزلنا الساعة الرابعة صباحاً لاعتقالي قبل نحو ثلاثة أشهر، لكنّ والدي رفض أن أذهب معهم، فأعطوه استدعاءً للمسكوبية باسمي».
ويتابع أنه «لمّا وصلت إلى هناك حقّقوا معي عن رمي الحجارة، من التاسعة صباحاً حتى الرابعة بعد الظهر، فنفيت التهم».
ويضيف مسلم «قبل شهرين جرت مواجهات مع الشرطة، كنت أقف متفرّجاً، فاعتقلني عناصر حرس الحدود، واحتجزوني نحو ثلاث ساعات في غرفة صغيرة جداً، فيها فراش صغير في مركز شرطة البريد في القدس، واتهموني برشق الحجارة، إلى أن جاء أبي ومعه محامٍ».
وتكرّرت تجربة الاستدعاء الليلي والتحقيق مع مسلم عودة قبل نحو شهر، إذ يقول «حقّقوا معي في المسكوبية، وأبلغوني أنه في حال اعتقالي مرةً جديدة فسيودعونني في إصلاحية الأحداث».
ويقول محمد عودة (11 عاما) «لم يكن قد مرّ سوى بضع ساعات على احتفالي بعيد ميلادي الحادي عشر، في التاسع من كانون الثاني الماضي، حتى حضر أفراد من عناصر الشرطة، يرافقهم مستعربون واعتقلوني، ووضعوني في جيب عسكري، وانهالوا عليّ بالضرب طوال الطريق، مردّدين: والله رح تموت».
ويضيف محمد «في المسكوبية، أشبعوني ضرباً وشتماً، مصرّين على أن أُعطيهم أسماء ضاربي الحجارة، كما كانوا يحضرون شراب الشوكولاته ويقرّبونه من أنفي لأشمّه، وبعد ذلك يصبّونه عليّ، كذلك كانوا يجبرونني على الوقوف طويلاً رافعاً يديّ، وعندما أقول لهم إنني تعبت، كانوا يجبرونني على الركوع، ورفع يديّ، وكلما حرّكت وجهي كنت أتلقى الصفعات».
وقالت سماهر الرويضي، والدة محمد، «بات ابني يخاف ويعاني آلاماً في ساقيه، وكلّما سمع قرع عناصر الشرطة على الباب تحوّل لونه إلى الأزرق، وهو الآن يتلقى علاجاً، ولقد توجّهنا إلى القضاء لملاحقة عناصر الشرطة الذين ضربوه».
كذلك قال الحاج فايز الرجبي، عن التحقيق مع ابنه بهاء (13 عاما)، إنهم «حضروا في الثالثة صباحاً، تسلّقوا الجدران، و«خبّطوا» على الأبواب، وأرادوا الدخول إلى غرفة ابني بهاء، فمنعتهم، وطلبوا حضوره في الثامنة صباحاً إلى المسكوبية، فبقينا هناك حتى الخامسة مساءً».
وأضاف الرجبي «استمر التحقيق معه خمس ساعات من دون توقّف بشأن ضرب الحجارة، وكان المحقّقون يصرخون في وجهه، ومع كل احتجاج منّي كانوا يقولون لي: إذا كان الأمر لا يعجبك، فبإمكانك الخروج من الغرفة».
ويؤكّد جواد صيام، من مركز معلومات وادي حلوه ـــــ سلوان، أنّ الشرطة الإسرائيلية «اعتقلت في الشهرين الماضيين نحو 400 فلسطيني، بينهم 180 طفلاً تحت سن 14 عاماً».

هذه الحوادث دفعت مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان «بتسيلم» إلى إدانة «اعتقال القُصَّر من أعمار 12 ـــــ 15 عاماً من سكان سلوان، في ساعات الليل المتأخرة من جانب عناصر الشرطة والاستخبارات الإسرائيلية، وبصحبة عناصر مسلحين من حرس الحدود».
وروى المركز في تقريره أنه «أُخرج القصّر من أسرّة النوم واقتيدوا من بيوتهم، وحُقّق معهم في مركز المسكوبية وأيديهم مكبّلة، كما يُمنع أولياء أمورهم أحياناً من مرافقتهم خلال التحقيق بتورّطهم في رشق الحجارة».

في المقابل، قال المتحدث باسم شرطة القدس المحتلة، شموليك بن روبي، «إنّ الأولاد يلقون حجارة تسبّب أضراراً جسيمة للمدنيين والشرطة والممتلكات في سلوان».
وأضاف «نحن نستدعي الأولاد مع آبائهم، لنُفهمهم خطورة أعمالهم، وجميعهم يعودون إلى بيوتهم في اليوم نفسه لاعتقالهم».
(أ ف ب)