رغم إعلانه أنّ المفاوضات المباشرة ستنطلق قريباً، فإنّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يُخف أنها ستكون «صعبة جداً جداً»، ولا سيما في ظل الغموض بشأن الاستيطان والقدس
علي حيدر
لم تُثن الأجواء التفاؤلية، التي تحاول واشنطن بثها بشأن الآمال المعقودة على استئناف المفاوضات المباشرة مع السلطة الفلسطينية في الفترة القريبة، رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن إبداء نظرة تشاؤمية تجاه مستقبل الشرق الأوسط، والقدرة على التوصل إلى اتفاق دائم مع الفلسطينيين وبقية دول المنطقة. واتهم نتنياهو، في مقابلة مع شبكة «سي أن أن»، الجانب الفلسطيني بوضع الصعوبات أمام التقدم في المفاوضات، مشيراً إلى أنه منذ تولّى رئاسة الوزراء وهو يدعو الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس، المرة تلو الأخرى، «تعال نلتقِ للبدء بالحديث عن السلام». ورأى أنّ التوصل إلى اتفاق سلام يحتاج إلى «وجود شجاعة في الجانب الفلسطيني للإعلان أنه: كفى للحروب وسفك الدم، وأنّ علينا الذهاب لصنع سلام حقيقي مع إسرائيل».
وكرر رئيس الوزراء الإسرئيلي موقفه بشأن أهمية المحادثات المباشرة بالقول إنّ «الطريق الوحيد هو في الجلوس للتحدث لإيجاد حلّ للمشاكل الجدية جداً: أمننا، ومسألة الحدود النهائية، والمستوطنات، واللاجئين الفلسطينيّين ومواضيع المياه، حيث لكل هذه القضايا أهمية حاسمة».
أما بخصوص مدينة القدس المحتلة، فرأى نتنياهو أنه «بالإمكان إيجاد حلول للنزاعات اليوم أو غداً في القدس أو رام الله أو في أيّ مكان آخر»، لافتاً إلى أنّ «المسافة بين رام الله والقدس لا تتجاوز العشر دقائق». وعندما سئل عن تجميد الاستيطان، لمّح إلى أنه «إذا جلسنا على طاولة المفاوضات مع الفلسطينيين فإنّه يمكننا أن نطرح هذه القضية على جدول الأعمال، وأقترح في حال البدء بالمحادثات البحث فوريّاً في هذه القضية».
في مناسبة أخرى، أعرب نتنياهو، أمام مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية في نيويورك، عن اعتقاده بأنّ «المحادثات المباشرة ستبدأ في الفترة القريبة جداً»، وأنه يرغب في «البدء بالمحادثات مع الفلسطينيين فوراً». وكرّر شروطه الأمنية بخصوص إقامة دولة فلسطينية بالقول إن «أيّ اتفاق مستقبلي ينبغي أن يضمن عدم إطلاق صواريخ إلى الأراضي الإسرائيلية، كما حدث بعدما انسحبنا من غزّة ولبنان».
في سياق لقاءاته مع المسؤولين الأميركيين، عرض نتنياهو، أمام وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، المخاوف الإسرائيلية من وضع الشرق الأوسط في اليوم الذي يلي الانسحاب الأميركي من العراق. وأعرب عن قلقه من أن يؤدي خروج القوات الأميركية مع تصاعد تعزّز النفوذ الإيراني فيه، إلى إيجاد «جبهة شرقية» جديدة ضد إسرائيل.
وفي إطار الموضوع نفسه، بحث نتنياهو مع الوزير الأميركي الترتيبات الأمنية التي ستعطى لإسرائيل في إطار اتفاق دائم مع الفلسطينيين، وسبل منع تهريب الصواريخ وأسلحة أخرى إلى داخل الدولة الفلسطينية المستقبلية.
وفي السياق، نقلت وكالة «جويش تلغراف» عن نتنياهو قوله، في كلمة له في فندق بلازا في مدينة مانهاتن الأميركية، إن المفاوضات المباشرة مع الفلسطينيّين ستكون «صعبة جداً جداً»، وإنه ليس بوسعه «الالتزام مع شخص لن يتمكن من الجلوس (معي) على الطاولة». وأضافت الوكالة نفسها إنّ نتنياهو شدد على أن «الجميع يعرف أنّ في القدس أحياءً يهودية ستبقى في مكانها بموجب أيّ خطة سلام»، من دون أن يتطرق إلى مصير الأحياء العربية فيها.

نتنياهو يعرض على ليفني قيادة فريق التفاوض مع الفلسطينيّين

أما في ما يتعلق أيضاً بإمكان ترميم العلاقات مع أنقرة، فرأى نتنياهو، في مقابلة مع شبكة «سي ان ان»، أنّ تدهور العلاقات مع تركيا بدأ «في أعقاب السياسة الجديدة لأنقرة التي انحرفت عن الغرب انحرافاً عامّاً، ولذلك أنا أعتقد أنّ ما حدث بينها وبين إسرائيل هو أحد آثار ذلك». لكنه تعهّد مواصلة «دراسة كل الطرق التي يمكن من خلالها منع تصاعد الخلاف، ومحاولة إعادة الوضع إلى ما كان عليه سابقاً، أو على الأقل النجاح في جعل العلاقة بيننا وبينهم طبيعية».
من جهة أخرى، ذكرت «يديعوت أحرونوت» أنّ الرئيس أوباما أوضح، بحضور مندوبة واشنطن في الأمم المتحدة، سوزان رايس، أنه إذا حاول مجلس الأمن اتخاذ قرار بإنشاء لجنة تحقيق في أحداث أسطول الحرية، فستواجهه الولايات المتحدة بحق النقض.
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «معاريف» أنه مع عودة نتنياهو اليوم إلى إسرائيل، سيتفرغ للخطوات التي سيبادر إليها لضم حزب «كديما» إلى الائتلاف. وأضافت الصحيفة إنّ رئيس الطاقم في مكتب رئيس الوزراء، نتان ايشل، قدم اقتراحاً مفصلاً قبل أيام إلى شخصية رفيعة المستوى في «كديما» لضمه إلى الحكومة، يتضمّن تعيين رئيسة الحزب تسيبي ليفني في منصب رئيسة الفريق المفاوض مع الفلسطينيين، إضافةً إلى إغراءات أخرى.
لكن الصحيفة رأت أنه، بالرغم من أنّ ليفني على علم بهذه الاتصالات، إلا أنها لا تزال على مواقفها الأساسية، وأنّ الحديث يدور الآن عن ارتفاع درجة الاتصالات، لا عن اختراق حقيقي.


الاستراتيجيّة النوويّة الإسرائيليّة

قال نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، دان ميريدور، إن اعتراف الرئيس الأميركي باراك أوباما «بمتطلبات أمنية فريدة» للدولة العبرية إشارة واضحة إلى أن الولايات المتحدة تؤيد استراتيجية إسرائيل النووية المتحفّظة، بينما تعمل على إخلاء المنطقة من الأسلحة الذرية.
وكان أوباما قد كرر، أثناء استضافته رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (الصورة)، تبريرات إسرائيل المستترة لامتلاك القنبلة. وقال للصحافيين «نعتقد بقوة أن لإسرائيل متطلبات أمنية فريدة بالنظر إلى حجمها وتاريخها والمنطقة الموجودة فيها والتهديدات الموجهة لنا ولها».
ورأى ميريدور أن تصريحات أوباما جاءت لتؤكد عدم حصول تغيير في الرؤية الأميركية القائمة حيال الملف النووي الإسرائيلي. وتلا تصريحات أوباما بيان أصدره البيت الأبيض جاء فيه أن الرئيس الأميركي تعهد أيضاً بالأ تذكر إسرائيل بالاسم في اجتماع للوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في فيينا في أيلول المقبل وأيضاً في المؤتمر الإقليمي الذي اقترحت مصر عقده في 2012.
وقال ميريدور «أعتقد أن هذا الطرح بأكمله يعطي صورة واضحة للتفاهم بين إسرائيل والولايات المتحدة في هذا الموضوع ويضع الأمور في نصابها»، مؤكداً من جديد موقف إسرائيل بضرورة أن تطمئن إلى تحقيق المصالحة مع جيرانها قبل أن يمكنها بحث معاهدة لنزع الأسلحة. وقال إن بيان أوباما «كان نصاً خاصاً ومهماً من دون أدنى شك. إنه مهم لنا ومهم للمنطقة».
(رويترز)