strong>تواصلت الحركة الدبلوماسية على مسار الدفع باتجاه المفاوضات المباشرة، التي يبدو أنها بدأت تؤتي أكلها، بعد ظهور تبدّل في الموقفين المصري والأردني باتجاه «إجراء مفاوضات جادّة» بعد الزيارة المفاجئة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للأردن ولقائه الملك عبد الله الثاني، أوفد الأخير وزير خارجيته ناصر جودة إلى شرم الشيخ للقاء الرئيس المصري حسني مبارك ووضعه في أجواء ما جرى في محادثات عمّان.
أجواء تبدو إيجابية في المفهوم الأميركي، إذ خرج المتحدث باسم الرئاسة المصرية، سليمان عوّاد، بعد لقاء مبارك وجودة، ليعلن أن «القاهرة وعمّان تعملان مع عدد من الشركاء الإقليميين والدوليين لاستئناف عملية السلام من خلال مفاوضات جادة تبني على ما تحقق حتى الآن وتفتح الطريق للتوصل إلى اتفاق سلام».
اللافت في التصريح المصري تجنبه التطرق إلى التصنيفات الجديدة للمفاوضات، مباشرة أو غير مباشرة، واستحداث تعبير «مفاوضات جادة» قد تكون هي خشبة خلاص اجتماع لجنة متابعة مبادرة السلام العربية التي من المفترض أن تقدم رداً على المطالب الأميركية بالتوجه إلى مفاوضات مباشرة.
وفي سياق الأجواء المصرية والأردنية الدافعة باتجاه الترويج للمفاوضات، أعلن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط، أمس، أن «الجانب الفلسطيني تلقى طمأنات وتأكيدات أميركية وننتظر غداً (اليوم) لنرى ما سيطرحه الرئيس (الفلسطيني محمود عباس) أبو مازن». وقال إن «هذه الطمأنات والتأكيدات تتعلق بالإطار العام لأي مفاوضات والعناصر التي تحكم مستقبل التسوية».
لكنه استدرك بالقول: «ننتظر اجتماع الغد (اليوم) للجنة مبادرة السلام العربية لكي نرى ونستمع لما سيتحدث به الرئيس أبو مازن ومدى الطمأنات التي وصلته، وعندئذ نتصور أن لجنة المتابعة ستطرح توصياتها للرئيس الفلسطيني».
في هذا الوقت، وصل الرئيس الفلسطيني محمود عبّاس أمس إلى القاهرة، برفقة وفد يضم أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه، وعضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» عزام الأحمد، والمتحدث باسم الرئاسة نبيل أبو ردينة.
وقال مسؤول فلسطيني إن عباس سيبلغ الجامعة العربية أن المحادثات غير المباشرة، التي بدأت بوساطة أميركية في أيار بعد موافقة الجامعة على إطار زمني مدته 4 أشهر ينتهي في أيلول، لم تحرز تقدماً كافياً لتبرير إجراء مفاوضات سلام مباشرة. وأوضح المسؤول قائلاً: «سنقول للعرب إن الأميركيين تقريباً لم يأتوا بشيء. على الأغلب سنكمل الشهرين الباقيين وسنرى ماذا يمكن أن يحصل».
في هذه الأثناء، تتابعت الجهود الدولية للدفع باتجاه استئناف مفاوضات مباشرة. وقد أجرى الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، خلال اليومين الماضيين اتصالات هاتفية مع عباس ورئيس الحكومة العبرية بنيامين نتنياهو ليدعوهما إلى «استئناف سريع للمفاوضات المباشرة وتمديد تجميد الاستيطان ووقف الإجراءات التي تضر بالتوازن في القدس».
في ظل هذه الجهود، رأى مسؤولو الدولة العبرية أن شروط السلطة الفلسطينية لتحريك المفاوضات مستحيلة. وقال نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي، سيلفان شالوم، للإذاعة العامة الإسرائيلية، أمس، إن «الفلسطينيين يضعون ثلاثة شروط مستحيلة: أن تُستأنف المفاوضات من النقطة التي وصلت إليها في نهاية 2008 عندما كان إيهود أولمرت رئيساً للحكومة، وأن ترتكز على انسحاب إسرائيل الكامل (من الضفة الغربية والقدس الشرقية)، وأن يستمر تجميد البناء (في المستوطنات)».
وأضاف شالوم: «الفلسطينيون اعتادوا رفض الجلوس إلى طاولة المفاوضات وانتظار أن يمارس الأميركيون والأسرة الدولية ضغوطاً للحصول على تنازلات من إسرائيل لحسابهم». وأشار إلى أن الفلسطينيين رفضوا تحريك المفاوضات المباشرة المجمدة منذ أن شنت إسرائيل عدوانها الواسع على قطاع غزة «لأنهم لا يريدون إجراء مناقشات، وأن يدفعوا هم أيضاً إلى تقديم تنازلات».
من جهته، قال وزير الخارجية الإسرائيلية، أفيغدور ليبرمان إنه «لا مجال لأي تجميد (للمستوطنات) بعد 25 أيلول»، فيما وصف زميله من حزب «العمل»، إسحق هرتزوغ، الأزمة الإسرائيلية الفلسطينية بأنها تشبه أحجية «البيضة أم الدجاجة»، وقال للإذاعة الإسرائيلية: «أبو مازن يقول: لا أريد خوض مفاوضات مباشرة إلى أن أعرف ماذا ستكون النتيجة النهائية. نتنياهو يقول: ادخل المفاوضات المباشرة وسأبلغك أيضاً ماذا ستكون النتيجة النهائية. كل منهم ينظر إليها (المسألة) بطريقة عكسية ونحن في فخ سياسي».
من جهته، رأى السفير الأميركي السابق لدى تل أبيب، مارتين إنديك، في مقابلة مع صحيفة «هآرتس»، أن رئيس الوزراء الإسرائيلي والرئيس الفلسطيني والإدارة الأميركية سيسعون للتوصل إلى اتفاق على حدود الدولة الفلسطينية، وأن قضية المستوطنات ستحل نتيجة لاتفاق الحدود.
وقال إنديك: «لا أعتقد أن نتنياهو أو أبو مازن، وبالتأكيد ليس (الرئيس الأميركي باراك) أوباما أو (وزيرة الخارجية الأميركية) هيلاري كلينتون أو (المبعوث الأميركي) جورج ميتشل، يريدون السقوط في فخ النقاش بشأن المستوطنات». وأضاف: «أعتقد أن الجميع يريدون التركيز على التحدي المركزي، وهو الوصول إلى تفاهم بشأن حدود الدولة الفلسطينية المستقبلية وقضية الاستيطان ستحل نتيجة ذلك».
(أ ف ب، رويترز، يو بي آي)