نتنياهو يدرس اقتراح إنشاء قوة دولية لتفتيش السفن المتوجهة إلى غزة محمد بدير
بدت الحلبة السياسية الإسرائيلية أمس منقسمة في آرائها حيال استحقاق تأليف لجنة للتحقيق في جريمة الفجر بحق أسطول الحرية، وسط محاولات لاحتواء أي إخفاقات أخرى أمام السفن التي تعتزم القدوم إلى شواطئ القطاع، وفي مقدمتها سفينة «رايتشل كوري».
وبرغم محاولات التملص الإسرائيلية، إلا أنه يبدو أن مبدأ تأليف لجنة تحقيق قد حُسم داخل دوائر صناعة القرار في إسرائيل، وأن النقاشات الدائرة الآن وراء الكواليس تتعلق بشكل اللجنة وهويتها وتبعيتها. وتُظهر التجاذبات وجود تخبطٍ إسرائيلي حقيقي بشأن الصيغة التي سيرسو عليها موقف تل أبيب. فمن جهة، تتعرض إسرائيل لضغوط تطالبها بالموافقة على لجنة تحقيق دولية ترى أن نتائجها لن تكون أقل من «غولدستون 2» لجهة تحميلها مسؤولية الجريمة. ومن جهة أخرى، تدرك تل أبيب أن لجنة تحقيق إسرائيلية سيكون مطعوناً في صدقيتها أمام الرأي العام العالمي، وتالياً هي لن تطفئ الغضب التركي وبعض الدولي. وبين هذا وذاك، يبدو جلياً أن إسرائيل ستسعى إلى اجتراح صيغة هجينة تحتوي بها الهجمة الدولية السياسية عليها دونَ أن تُفقِد نفسها زمام المبادرة.
ومن بين الاقتراحات المطروحة، وفقاً لما كشفت عنه صحيفة «يديعوت أحرونوت» أمس، لجنة تحقيق دولية تضم خبراء دوليين وتقودها الولايات المتحدة، لا الأمم المتحدة. ونقلت الصحيفة عن مصادر أميركية قولها إن اللجنة، التي عرض بحثها سفير واشنطن في تل أبيب جيمس كنيغهام مع وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك، ستُعنى بتوضيح ملابسات ما حصل على متن سفينة «مرمرة»، لا بالقرار السياسي الذي اتخذته القيادة الإسرائيلية. وأوضحت الصحيفة أن ثمة توجهاً لدى كل من باراك ورئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، للاستجابة للمقترح الأميركي لأنه لن يكون لديهما ما يقلقهما في ظل عدم شمول صلاحيات اللجنة الجانب المتعلق بالمسؤولية السياسية. وأضافت «يديعوت» أن الإدارة الأميركية تعهدت التعاون مع اللجنة التي ترى أنها معنية بتأليفها لـ«تلطيف حدة الانتقاد الشديد الذي تتعرض له إسرائيل في المجتمع الدولي وتخفيف حدة الضغط عن واشنطن نفسها التي تجد نفسها في الأيام الأخيرة ممزقة بين حليفين: إسرائيل وتركيا».
وكان وزراء إسرائيليون قد انقسموا أمس بين مؤيد لتأليف لجنة تحقيق دولية ومعارض لها. وأفادت تقارير إعلامية عبرية أن من بين أبرز المعارضين وزير الدفاع، إيهود باراك، الذي أعرب عن رفضه أن «يضطر جنود الجيش وضباطه إلى توكيل محامين والتعرض لتحقيقات وإنذارات قضائية جراء مشاركتهم في مهمة كلفتهم الحكومة وهيئة الأركان العامة تنفيذها». كذلك أعلن كل من وزير الشؤون الاستراتيجية، موشيه يعالون، ووزير المال، يوفال شتاينتس عن رفضهما للجنة كهذه. ومن المؤكد أن ثمة اقتناعاً لدى كافة المسؤولين الإسرائيليين بضرورة التعجيل بتأليف لجنة تحقيق بالتوافق مع الأميركيين «قبل أن يفرض العالم هذا الأمر»، كما نقلت صحيفة إسرائيلية أمس عن أعضاء في السباعية الوزارية.
ولعل هذا ما دفع وزير الخارجية، أفيغدور ليبرمان، إلى التأييد العلني لتأليف لجنة تحقيق «إسرائيلية بمشاركة مراقبين أجانب». وكذلك وزير الصناعة والتجارة، بنيامين بن إليعيزر، أعلن تأييده تأليف لجنة تحقيق دولية لأنه «ليس هناك ما نخفيه ويجب تهدئة الانتقادات الدولية».

أنباء عن اتفاق على أن تفرغ سفينة رايتشل كوري حمولتها في ميناء أسدود

من جهة أخرى، نقل موقع «يديعوت» عن مسؤول سياسي إسرائيلي قوله إن تل أبيب قررت إطلاق معتقلي «أسطول الحرية» لمساعدة الولايات المتحدة في تجنيد غالبية في مجلس الأمن الدولي تؤيد فرض عقوبات على إيران. وبحسب المصدر الإسرائيلي، فإن مسؤولين أميركيين طلبوا من إسرائيل الاستجابة لمطلب تركيا الإفراج عن جميع المشاركين في الأسطول، مشيرين إلى أنهم ينوون طرح اقتراح على مجلس الأمن في أقرب وقت ممكن لفرض رزمة رابعة من العقوبات على إيران. وأوضح المصدر نفسه أن الأميركيين استغلوا أزمة قافلة الحرية لتغيير موقف تركيا، العضو في مجلس الأمن، بشأن فرض عقوبات على إيران ولهذا السبب لم يقف الرئيس الأميركي باراك أوباما والمسؤولون الأميركيون إلى جانب إسرائيل بوضوح.
إلى ذلك، ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أبلغ موفد الرباعية الدولية، طوني بلير، استعداده لفحص طرق إبداعية لإدخال المساعدات إلى غزة، مشدداً على أن تغييراً كهذا يستوجب فحص المواد الداخلة. وأفادت القناة الثانية بأن نتنياهو يميل نحو اقتراح تأليف قوة دولية تكون مسؤولة عن تفتيش السفن المتوجهة إلى غزة. وعقدت السباعية الوزارية مساء أمس اجتماعاً خاصاً لبحث هذا الموضوع، في ضوء أنباء عن اتفاق على أن تفرغ سفينة «رايتشل كوري» المتوجهة إلى غزة حمولتها في ميناء أسدود.