لم تعد إسرائيل تتحمل عبء الأسرى الجدد الذين اعتقلتهم بعد اعتدائها على أسطول الحرية الذي كان متوجهاً إلى قطاع غزة، فقررت التخلّص منهم جميعاً، إلا أنها حرصت على المماطلة في التنفيذ
الناقورة ــ آمال خليل
للمرة الرابعة منذ عدوان تموز، تحولت الناقورة إلى محجّة للعديد من اللبنانيين لاستقبال ودائع لبنانية تسترد من الأرض المحتلة. وهذه المرة استعدّت البلدة بأبنائها وزهور الغاردينيا ورايات المقاومة منذ عصر أمس لاستقبال ثلاثة لبنانيين كانوا على متن أسطول الحرية من أصل خمسة، هم الزميل عباس ناصر مراسل «الجزيرة» والمصوّر أندريه أبي خليل والناشط حسين شكر، فيما نقل المصاب المحامي هاني سليمان إلى الأردن للعلاج والناشط نبيل حلاق إلى السفارة الإيرلندية في تل أبيب لتسليمه إليها بسبب حيازته جواز سفر إيرلندياً.
وبمعزل عن رقم العائدين، فالعبرة في الناقورة بقيمة الموقف. فالبلدة وقفت قبل 3 سنوات منذ الظهيرة حتى منتصف الليل لاستقبال الأسير المحرر حسين عقيل وثلاثة شهداء. ثم انتصبت لاستقبال عميد الأسرى سمير القنطار ورفاقه الأحياء والشهداء قبل عامين. وفي موقف مشابه، استعدّت الناقورة في الخامس من شباط من عام 2009 لاستقبال ثمانية مشاركين في موكب كسر حصار غزة السابق، كانوا قد اعتقلوا على أيدي الجيش الإسرائيلي أيضاً.
الانتظار ذاته مع عتم وسكون الليل والبحر عاشته الناقورة ريثما تتسلم قوات اليونيفيل والصليب الأحمر الدولي اللبنانيين الثلاثة وتسلّمهم إلى الجيش اللبناني. ولما تعذّر على معظم المنتظرين تحديد موعد وصول العائدين، تفرق الأهالي وذبلت الورود وركنت الرايات التي اصطفت منذ ساعات على جوانب الشارع الرئيسي للبلدة، حيث كان سيمرّ موكب العائدين بمؤازرة مستقبليهم الرسميين والقوى الأمنية.
وحدهم الإعلاميون وعربات البثّ المباشر والعناصر الأمنيون والجيش اللبناني ودوريات اليونيفيل، تولوا تمشيط تلة رأس الناقورة العسكرية، الخالية من السكان والأبنية، ورصد أي تحرك في الجهة المقابلة من الجانب الفلسطيني المحتل باتجاه الحدود، وصولاً الى مراقبة زوارق الصيادين.
وعند العاشرة ليلاً، وصل النائبان حسن فضل الله ونواف الموسوي للمشاركة في الانتظار تحت جنح الظلام، الذي اخترقته بين الحين والآخر أضواء الثكنات الأممية المحيطة.
عند الحادية عشرة والنصف، أبلغت قيادة اليونيفيل قيادة الجيش اللبناني في الجنوب أن إسرائيل لن تسلم اللبنانيين الثلاثة في الساعات المقبلة، بل أجلت الأمر إلى موعد لاحق لم تحدده بدقة. كذلك فإن اليونيفيل أيضاً لم تنقل سبب التأجيل الى الجيش في اتصالها، ووعدت بتوضيح الأسباب في تقرير خطي من المقرر أن ترسله إليها صباح اليوم. وأشارت مصادر الى أن السبب قد يعود الى المطالبة بتسلّم اللبنانيين الخمسة الباقين من البعثة اللبنانية المتضامنة في الأرض المحتلة، من دون الامتثال لقرار إسرائيل القاضي باحتجاز سليمان وحلاق بسبب إصابتهما.
وكان النائب الموسوي قد أوضح بأن المقاومة تنظر حتى الآن الى ما تقوم به الحكومة اللبنانية من تحركات للإفراج عن الأسرى اللبنانيين.
المشهد في الناقورة كان مشابهاً لما كان قائماً عند جسر الملك حسين الذي يصل الضفة الغربية المحتلة بالأراضي الأردنية. هناك أيضاً تجمعت وفود شعبية ورسمية عند المعبر لاستقبال 126 ناشطاً، من المفترض أن يكونوا قد وصلوا فجر اليوم، بينهم 30 أردنياً، فيما يمثل الآخرون 12 دولة هي: الكويت والبحرين وعمان واليمن وسوريا ولبنان وباكستان وماليزيا وأذربيجان والمغرب والجزائر وموريتانيا وإندونيسيا.
وكانت الحكومة الإسرائيلية قد أعلنت مساء أمس التخلص من الأسرى الذين كانوا على متن سفن كسر الحصار. وأشارت إلى أن جميع الأجانب الذين اعتقلوا على متن سفن الأسطول سيجري ترحيلهم.
عمليات الترحيل كانت بدأت بالفعل منذ ساعات صباح أمس، إذ نقل عشرات الناشطين من أصل 682 أسيراً من 42 دولة كانوا على متن سفن الأسطول الست.
وبحسب الإذاعة العسكرية الإسرائيلية، فإن عمليات ترحيل جميع الناشطين ستنتهي بحلول يوم غد الخميس. كذلك نُقل 48 من رعايا دول أجنبية الى المستشفيات، بحسب المصدر نفسه.
في المقابل، أبقت قوات الاحتلال احتجاز أربعة من فلسطينيي 48، بينهم رئيس الحركة الإسلامية الشق الشمالي الشيخ رائد صلاح، الذي كشفت مصادر مطلعة في تل أبيب أن محكمة إسرائيلية مددت اعتقاله أسبوعاً كاملاً.
وكان الشيخ رائد صلاح قد مثل في وقت سابق أمس أمام المحكمة الابتدائية الإسرائيلية عقب اعتقال سلطات الاحتلال له أثناء اعتدائها على أسطول الحرية. وذكرت شرطة الاحتلال أنها اقتادت صلاح ورئيس لجنة المتابعة محمد زيدان ورئيس الحركة الإسلامية «الشق الجنوبي» حماد أبو دعيبس إلى المحكمة الابتدائية في عسقلان.
وكانت الشرطة قد استجوبت صلاح في ميناء أسدود الاثنين بشأن دوره في ما سمّته «الاشتباكات بين الناشطين الموالين للفلسطينيين والقوات الإسرائيلية عقب دهم البحرية الإسرائيلية لسفن أسطول الحرية».