وكأنّ زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يدرك أنّ الوقت مناسب لـ«ينتقم» من نوري المالكي، بينما الحراك الإقليمي لحل المعضلة الانتخابية اخترق الحدود السعودية
بغداد ــ الأخبار
فتح زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، أول من أمس، النار قوية على رئيس الحكومة العراقية المنتهية ولايتها، نوري المالكي، واصفاً إياه بالكاذب، وقاضياً على أي أمل بالمصالحة بين الرجلين، وذلك بالتزامن مع مبادرة سعودية إزاء الوضع العراقي المعقد، تُرجمَت بلقاءات سعودية مع قياديين صدريين، وبزيارة بدأها الرئيس جلال الطالباني للرياض.
وظهر الصدر، في مقابلة على فضائية «الجزيرة» القطرية ليل أول من أمس، ليبعث مجموعة من الرسائل، أهمها موجهة للمالكي، الذي تعامل معه الصدر «تعاملاً أخلاقياً، وتعامل معي تعاملاً سياسياً منحطّاً».
وعن موقفه من احتمال تولي المالكي ولاية ثانية، أجاب الصدر: «أحاول ألّا أضع فيتو على أي شخص. لكن القواعد الشعبية لديها فيتو على المالكي. القواعد الشعبية ترفضه، ورغبة الشعب أمانة في رقبتي، وأنا أحاول إيصالها». وتابع: «لدينا ضده نقاط سلبية، منها عدم إشراكه النخب السياسية في الحكم، وهذا خطأ. كأنما الحكومة ملكه والقرارات ملكه». ولدى سؤاله عن موقفه من تولي الفائز الأول في الانتخابات إياد علاوي، مهمة رئاسة الوزراء، أوضح الصدر أنه لا يرفض علاوي لكن قاعدة ناخبيه «تشعر بقلق من قربه من أنصار الديكتاتور المخلوع صدام حسين».
حتى إنّ الصدر كشف عن عرض تلقاه من المالكي أخيراً، عندما أقر بأنه «جاءني إلى هنا وفد من دولة القانون يعرض إطلاق سراح المعتقلين الصدريين في مقابل تسمية المالكي لرئاسة الحكومة، لكنني رفضت إدخال ورقة المعتقلين في المحادثات بشأن تأليف الحكومة، وأنا لست بحاجة إلى أن تطلق سراحهم هذه الحكومة».
وعن تعاطي الحكومة مع ملف المعتقلين، أشار الصدر إلى أن «المالكي يسجنهم ويعدّهم إرهابيين. إنه يكذب ويصدق الكذبة. قال: لقد أخرجناهم من السجن، وهو لم يخرجهم».
وفي معرض تبرير رفض إعادة تسمية المالكي، قال الصدر إن «المالكي يتصور أن هناك من سيدعمه بعدما يسقط التيار الصدري. تصور أنه انتصر علينا، لكنه لم ينتصر على الإرهاب أو على جيش المهدي، ولم ينتصر على القوة التي كانت معارضة للحكومة بدليل التفجيرات الأخيرة التي وقعت قبل أيام».
ورداً على سؤال عن الشخصية المفضّلة لديه لتولي رئاسة الوزراء، أجاب: «أفضّل أن يكون خارج نطاق من كانوا في الخارج، لأننا جرّبناهم ولم ينجحوا في خدمة الشعب»، داعياً إلى «شراكة في تأليف الحكومة المقبلة لا تشمل البعثيين ولا المقربين من الاحتلال».
وتابع القيادي الصدري بهاء الأعرجي، ما بدأه الصدر، جازماً بأنّ التيار سيرفض أي مرشح لرئاسة الحكومة من حزب الدعوة الإسلامية، أو مقرب منه. وقال إنّ «أي مرشح من حزب الدعوة أو شخصية مقربة منه، لن تلقى قبولاً من أغلب الكتل المشاركة في العملية السياسية»، مشدداً على ضرورة «عدم تكرار أخطاء الماضي، لأن الوضع لا يتحمل».
بدوره، رأى نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن أنّ محاولات إيران التدخل في الشأن العراقي والتأثير في نتائج الانتخابات التشريعية «فشلت في تحقيق أهدافها»، مشدداً على شرعية النتائج التي أعلنتها مفوضية الانتخابات. ونقل راديو «سوا» الأميركي عن بايدن وصفه نتائج الانتخابات بأنها كانت «شوكة في عين الإيرانيين»، مشيراً إلى أن طهران أنفقت نحو مئة مليون دولار لدعم الأحزاب الشيعية في العراق، وتهميش قائمة علاوي، «العراقية».
أما السفير الإيراني في بغداد، حسن كاظمي قمي، فحثّ الفرقاء السياسيين في العراق على تنحية خلافاتهم جانباً، وتأليف حكومة وحدة وطنية على قاعدة صعوبة تمكن أي قائمة فائزة من تأليف حكومة بمفردها. واللافت أنّ كاظمي قمي جزم بأنّ أي حكومة عراقية ناجحة يجب أن تتضمن في تشكيلتها قائمة «العراقية».
وفي السياق، بدأ الرئيس جلال الطالباني أمس زيارة رسمية للسعودية تدوم يومين، تلبية لدعوة من الملك عبد الله. ووصفت مصادر دبلوماسية سعودية، لوكالة «يونايتد برس إنترناشونال»، الزيارة بأنها «أول إجراء عملي سعودي للدخول على خط أزمة تأليف الحكومة العراقية المقبلة». وتأتي دعوة الرياض للطالباني بعد إجراء مسؤولين سعوديين كبار مباحثات مع وفد من التيار الصدري برئاسة رئيس الهيئة السياسية للتيار كرار الخفاجي، وضم في عضويته المرشح الصدري لرئاسة الوزراء قصي السهيل.
داخلياً، ادّعى ائتلاف «دولة القانون»، خسارة 750 ألف صوت في الانتخابات، وقدّم للمفوضية العليا للانتخابات، طعوناً في نتائجها بسبب «تلاعب في عمليات العد والفرز». وعرض المتحدث باسم «دولة القانون»، حاجم الحسني، «أدلة تفيد بأن التلاعب بعمليات العد والفرز سببت خسارة 750 ألف صوت لائتلاف دولة القانون في خمس محافظات هي بغداد والبصرة والقادسية ونينوى والأنبار».