19 قتيلاً بينهم 3 وزراء بتفجير انتحاري في مقديشويشكّل الانفجار الذي وقع في العاصمة الصوماليّة، مقديشو، أمس، نقلة نوعية في الصراع القائم بين الحكومة والمتمردين من حركة الشباب؛ فالأحزمة الناسفة دخيل جديد على الحرب في الصومال، ما يفتح الأعين على الأساليب الجهادية المستعملة من الإسلاميين وخاصة تنظيم «القاعدة». هذا الأسلوب الجديد يطرح تساؤلاً عن مدى تعاظم فكر «القاعدة» داخل «حركة الشباب»، التي بدأت تستعين بأساليب هذا التنظيم وحتى بمقاتليه. ولا يستغرب أن يكون منفذ عملية أمس أحد العناصر الأجانب الذين يقاتلون مع الحركة، والذين يخضعون لتدريب في مخيمات في الصومال بدأت تخرّج مقاتلين مشبعين بالفكر المتطرف، ما بدأ يثير قلق المجتمع الدوليقتل 3 وزراء صوماليون، أمس، ضمن 19 شخصاً قضوا في تفجير انتحاري في أحد فنادق مقديشو خلال حفل تخريج لطلبة كليّة الطب. وأفاد بيان لقوة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي بأن «انتحارياً فجّر شحنة ناسفة خلال حفل توزيع شهادات على طلاب كلية الطب في جامعة بانادير، ما أدّى إلى مقتل 19 مدنياً وجرح آخرين بحسب حصيلة غير نهائية».
ويأتي هذا الانفجار، الذي قال موظف في الفندق إن أحد الطلاب فجّر حزامه الناسف، عقب صدور مرسوم إقالة قائد الجيش يوسف حسين طومال، وقائد الشرطة عبد الحسن قيبديد، في خطوة تهدف إلى تغيير استراتيجية الحرب على المعارضة.
وكشف مسؤول حكومي أمني أن الوزراء القتلى هم: وزير التعليم العالي إبراهيم حسن أدو، وزير التربية محمد عبد الله وائل، ووزيرة الصحة قمر عدن علي. وأشار المسؤول إلى إصابة وزير الرياضة سليمان ولد روبل بجروح. يشار إلى أن بين القتلى صحافيين، أحدهما مصوّر لقناة «العربية» الإخبارية حسن الزبير، والآخر لإذاعة «شابالي».
وفور شيوع النبأ، توجهت أصابع الاتهام نحو ميليشيا «حركة الشباب»، التي أطلقت منذ أيار الماضي حرباً لإسقاط حكم الرئيس الصومالي شريف الشيخ أحمد، وتعتبره تابعاً لقوى خارجية، ولا سيما أن الحركة قد تبنت في حزيران الماضي التفجير الذي أدى إلى مقتل وزير الأمن الداخلي العقيد عمر حاشي آدم، إضافة إلى مسؤولين وضباط صوماليين كبار في الحكومة.
وينظر إلى الحركة، التي تسيطر على جزء كبير من جنوب الصومال وعلى عدد من أحياء العاصمة، باعتبارها الواجهة المحلية لتنظيم «القاعدة»، وخصوصاً أن الأخير لم ينف هذا الارتباط، بل عمد إلى التشديد عليه عبر رسائل قادته المصوّرة، والتي تشدّد على دعم حركة الشباب في الصومال. واقع ينقل تهديد هذه الحركة من الصعيد المحلي إلى الدولي بعد تزايد الأنباء عن استعانتها بمقاتلين أجانب والمعلومات التي تكلمت عن مخيمات التدريب لمقاتلين أجانب تابعين لتنظيم «القاعدة». وما الأسلوب المستعمل في تفجير يوم أمس إلا دليل على مدى التشابه في أداء «القاعدة»، ليصبح التساؤل عما إذا كان التنظيم الدولي هو من يدير الدفة المعارضة في الصومال أو حركة الشباب؟ فقد أصبحت هذه الدولة، التي تسيطر عليها المواجهات العسكرية، المكان الأمثل لاستقطاب المقاتلين ولتدريبهم، والمركز المثالي للتخطيط لهجمات في الصومال وفي العالم كله.وهنا تجدر الإشارة إلى أن عدداً من التقارير التي تكلمت عن أن «القاعدة» «يعدّ لاعتداءات جديدة»، تحدّثت عن أن الإعداد يجري انطلاقاً من عدد من الدول، أهمها الصومال. حتى إن الرئيس الأميركي باراك أوباما شدد على ذكر هذه النقطة في خطابه الذي طرح فيه الاستراتيجية الجديدة في أفغانستان، حيث دعا إلى زيادة الضغوط على «القاعدة» في كل البلدان التي تحاول فيها هذه الشبكة الإسلامية الاستقرار، وسمّى خصوصاً الصومال واليمن.
وتشير هذه التقارير إلى تكاثر مخيمات التدريب لمقاتلي «القاعدة» في الصومال، وخصوصاً في المناطق الصحراوية جنوب البلاد، الذي يخضع بمعظمه لسيطرة «حركة الشباب». وظهرت هذه المعلومات إلى العلن خلال محاكمة عدد من الصوماليين، الذين شاركوا في المخيمات وجرى اعتقالهم عقب عودتهم إلى الولايات المتحدة الشهر الماضي. وهنا يكمن التهديد الأساسي الذي تخاف منه الدول الغربية؛ فبحسب ما تم الكشف عنه، فإن عدداً من المجندين هم من الأميركيين، ما يعزز قلق المسؤولين الدوليين، وخصوصاً الأميركيين، من عودة هؤلاء المقاتلين إلى بلادهم وتنفيذ عمليات انتحارية فيها.
وأظهرت التحقيقات مع بعض العناصر الذين كانوا يتدربون في الصومال أن تدريباتهم كانت بمعظمها مرتبطة بزيادة الكره نحو الدول الغربية. وأشاروا إلى استعمال صورة الرئيس الأميركي باراك أوباما كهدف للرماية أو من خلال التعاليم التي تربط سوء الأحوال في الدول الإسلامية بالدول الغربية.
وبحسب مسؤولين أميركيين، فإن هذه المخيمات تجذب المئات من المقاتلين الأجانب، حيث يخضع المجندون للتدريب ليس فقط على استعمال الأسلحة الخفيفة، بل حتى على تركيب قنابل. وكشف عنصر من حركة الشباب، اشترط عدم الكشف عن اسمه، أنه يتم تدريب المجندين على أساليب الاستخبارية وعلى صناعة المتفجرات، تحت إشراف مدربين من أفريقيا والشرق الأوسط وباكستان وأفغانستان، لديهم خبرة قتالية، وأن معظم المتدربين هم عناصر أجنبية ويقدر عددهم بالمئات. حتى إن هذه المخيمات أصبحت تجذب عدداً من المقاتلين الأجانب الذين يتمتعون بخبرة قتالية، وهم يساعدون حركة الشباب في حربها الدائرة مع الحكومة.
ويتراوح عدد المقاتلين الأجانب بين 200 و400، يتوزعون بين باكستانيين وسودانيين وكينيين وتانزانيين ومعظمهم قاتلوا في أفغانستان وباكستان، يقاتلون إلى جانب الـ2000 إلى 3000 مقاتل الذين يشكلون حركة الشباب، التي تسعى على المستوى المحلي إلى تجنيد الفقراء والمتأخرين فكرياً والمراهقين الأيتام. ويؤشّر هذا التجنيد إلى أن عدم التحرك السريع قد يدفع الأمور نحو مزيد من التأزم، وخصوصاً أن الحروب المتتالية في الصومال يتّمت وشرّدت وأفقرت الآلاف.
وفي السياق، بدأت تظهر معلومات عن انتقال عدد من الجهاديين إلى الدول المجاورة لتوسيع انتشار «القاعدة»، وخصوصاً إلى كينيا التي لديها على أراضيها عدد من مخيمات اللاجئين. ويبدو أن تعاليم الشباب بدأت تنتشر بين هؤلاء. وكينيا ليست إلا الحلقة الأولى التي تم الكشف عنها.
(ا ب، ا ف ب، صومالي نت،
رويترز، الأخبار)


تنديد دوليونددت وزارة الخارجية الإسبانية بالاعتداء، وأكدت «دعمها للحكومة الانتقالية الصومالية، القوة السياسية الوحيدة المعترف بها دولياً».
(ا ف ب)