فلسطين المحتلة ــ فراس خطيب لا تزال السلطات الإسرائيلية تتّبع سياسة الهدم وتضييق الخناق. جرافات التنظيم والبناء، معزّزة بمئات الشرطيين، أقدمت أمس على هدم أحد البيوت في منطقة المثلث داخل الخط الأخضر، ما أدّى إلى مواجهات بين الشرطة والفلسطينيين لتعود مسألة الأرض والمسكن، ضمن قضايا أخرى، إلى الواجهة، بوصفها الأكثر تعبيراً عن مآسي الفلسطينيين.

فحوالى الساعة العاشرة من صباح أمس، اقتحمت آلات الهدم الإسرائيلية قرية مصمص، الواقعة بجانب مدينة أمّ الفحم في المثلث الفلسطيني، يرافقها المئات من أفراد الشرطة الإسرائيلية والوحدات الخاصة لهدم منزل محمد إغبارية، بحجة البناء من دون ترخيص. انتشرت القوات في محيط المنزل، بينما تفرّقت قوات أخرى على مداخل القرية تحسّباً من مواجهات متوقّعة. وفي تلك الأثناء، حاصرت القوات الإسرائيلية المنزل بينما كان يعتصم أهالي القرية وأقرباء صاحب المنزل في داخله. وقد وقعت مواجهات بين الشرطة والفلسطينيين.

خلال المواجهات، أطلقت الشرطة الإسرائيلية القنابل الصوتية والغاز المسيّل للدموع على المحتجزين، ما أدّى إلى جرح عدد من أهالي القرية، من بينهم نساء. ومع نهاية المواجهات، هدمت الجرافات المنزل، وانسحبت القوات من بعدها. وفي مثل هذه الحالة، فإنّ صاحب المنزل وهو مقعد، عليه أن يدفع غرامة مالية عالية، وتكاليف الهدم.

يذكر أنّ قضية الأرض والمسكن هي واحدة من القضايا المشتعلة في علاقة فلسطينيي 48 والسلطات الإسرائيلية. إذ ترغب المؤسسات الإسرائيلية المختلفة في وضع أكبر عدد ممكن من العرب على أقل مساحة من الأرض. وتعاني القرى العربية في الداخل من هذه السياسة التي تحولت إلى ضائقة حقيقية في ظل التزايد الطبيعي. وترفض السلطات الإسرائيلية توسيع مسطحات القرى العربية، وتحدّ من تطورها وتمنعها من التوسع، إلى أن يجبر السكان على البناء من دون ترخيص في محاولة لتجاوز هذه الأزمة التي أصبحت منتشرة في كل قرية. ومن يقدم على البناء، يعدّ خارجاً عن القانون.

وفي السياق، قال رئيس الكتلة البرلمانية للتجمع الوطني الديموقراطي، جمال زحالقة، الذي كان في المكان أثناء الهدم «إننا لا نحترم قوانين لا تحترمنا، وحقّنا في المسكن والمأوى هو حق طبيعي تكفله كل التشريعات. والدولة هي التي تجبرنا على البناء غير المرخص برفضها الخرائط الهيكلية لقرانا ومدننا»، مضيفاً «لقد عرضنا حلاً للمنازل غير المرخّصة على المسؤولين كافة، ويقضي بتجميد أوامر الهدم، والشروع بمفاوضات مكثّفة بين ممثلي الجمهور والسلطات للتوصل إلى حل لمسألة البيوت غير المرخّصة»، لافتاً إلى أن السلطة «لم تتجاوب مع هذه المقترحات.»

وأشار زحالقة إلى أن هدم المنزل في مصمص هو «رسالة من السلطة الإسرائيلية بأنها مستمرة في عمليات الهدم، وأنها تفرض علينا المواجهة». وشدد على أنه «لا مفرّ لنا إلا الدفاع عن بيوتنا مهما كلف الأمر»، مؤكداً أن السلطات الإسرائيلية «لا تبقي لنا خياراً سوى النضال الشعبي لحماية بيوتنا».بدورها قالت الناشطة في «اللجنة لمنع هدم البيوت» سامية شرقاوي، لصحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، «واضح أنهم لا يريدون العرب هنا، لكن عليهم أن يفهموا أننا لن نتحرك من هنا وسنستمر في النضال من أجل الحصول على حقوقنا»، فيما تعهد مواطنو القرية بإعادة بناء المنزل.