أول من أمس أنهى المشاركون في ورشة “الحكم والإدارة في المخيمات الفلسطينية” أعمالهم بتقديم اقتراحات عملية بدت الشقّ الأهم في أيام الورشة مقارنةً باليوم “النظري” الأول
محمد محسن ــ قاسم س قاسم
جذبت الاقتراحات العملية التي قُدّمت في اليوم الثاني والأخير من ورشة “الحكم والإدارة في المخيمات الفلسطينية في المشرق العربي”، التي نظّمها في اليومين الماضيين معهد “عصام فارس للسياسة العامة والشؤون الدوليّة” في الجامعة الأميركية في بيروت، اهتمام المشاركين. وربما كان ذلك بسبب حاجة المخيمات الملحّة إلى حلول يعوق غيابها استمرار حياتهم العادية. هكذا، تحوّل النقاش بعد الحديث عن إدارة الحكم من منظورَي المجتمع الدولي والمجتمع المحيط، الجهتين الأكثر فعّاليةً في دورة الحياة والخدمات في المخيمات الفلسطينية، فتحدث عن المجتمع الدولي، مدير مكتب “الأونروا” في لبنان سيلفيو لومباردو، عارضاً وضع الأونروا ومساعداتها، وأشار في حوار جرى بعد الندوة، إلى تقدّم في عمل اللجان الشعبية “من خلال الاجتماعات التي قد يستمر بعضها خمس ساعات”.
أمّا منظور إصلاح الأمن، فقد تصدى له أليستر هاريس، مدير مجموعة “بيرسو” لاستشارات وأبحاث الإصلاح وبناء السلام، فأكّد ضرورة التوازن بين أمن الدولة والأمن الإنساني والاجتماعي لسكان المخيمات. من جانبها، استندت مديرة برنامج مكتب شؤون اللاجئين في الدنمارك، كاثي إيفانز، إلى شهادات من المخيمات تشير إلى أن “وجود الجبهات والفصائل يُعدّ مشكلة كبيرة داخل المخيمات. فهي إذ تستعمل العنف، توفّر خدمات كثيرة للاجئين”.
في الندوة الثانية، كان الحديث ذو الطابع المحلي أكثر حيويةً من حديث ممثّلي المجتمع الدولي. هكذا، استعرض ممثل بلدية الغبيري عبد السلام خليل مراحل العلاقة بين بلديته ومخيمي صبرا وشاتيلا. وتحدّث عن مشاريع إنارة شوارع داخلية، وحل مشاكل الصرف الصحي، وإضافة محوّلات كهربائية جديدة في مخيم شاتيلا إلخ، دلالةً على تعاون البلديات مع اللجان والهيئات المعنية بتسيير أمور المخيمات.
أمّا محمد موسى، ممثل اللجنة الشعبية في مخيم مار الياس، فعرض لتجربة اللجنة الناجحة بطريقة لافتة رغم أنها غير تابعة للفصائل، معتمدةً على خمسة آلاف ليرة فقط، من كل بيت. لكن، مع مرور الوقت، بدأت اللجنة تعاني شحّاً ماليّاً، بسبب عجز البئرين الموجودتين عن توفير الحاجات المائية للمخيم، إضافةً إلى استمرار مشكلة الكهرباء. كذلك، فإن “الأونروا” لا تدفع سوى 800 دولار شهرياً لمدرسة المخيم، متسائلاً كيف يمكن أن يكفي هذا المبلغ خمسة معلّمين وقرطاسية وتصوير أوراق؟ وفي السياق نفسه، أشار موسى إلى إخلاف “الأونروا” بوعدها، لجهة البدء بمشروع البنى التحتية في المخيم في آذار 2009 “حتى الآن لم يبدأ
شيء”.
أما كلمة أمين سر اللجان الشعبية في منظمة التحرير في لبنان، سعد الله القط، فقد تمحورت حول “ضرورة اعتراف الدولة اللبنانية سياسياً بالمخيمات واللجان، ولا يمكن أن تنجح الدولة في عملها في ظل نظرة أمنية إلى المخيمات، لا تلحظ الأوضاع الإنسانية والاجتماعية”. وتمنّى القط أن تكون ورشة العمل المقبلة داخل أحد المخيمات، بدلاً من الجامعة أو أي مكان “للاطّلاع على صعوبة الوضع هناك”. خلال النقاشات، سجّل المشاركون بعض الملاحظات، وكان أهمّها حديث عن ضرورة إشراك المرأة في عمل اللجان الشعبيّة، وضرورة أن تكون اللجان منتخبة مباشرةً من سكان المخيم، على أساس نظام تحاسب عليه أمامهم.


خفير أم مُخبر؟

في جلسة بعد الظهر تلقّى ممثلا قوى الأمن الداخلي الرائد موسى كرنيب ولجنة الحوار اللبناني ـــــ الفلسطيني نديم شحادة أغلب سهام الانتقاد بمناقشة حقوق اللاجئين الاجتماعية. بالنسبة إلى “إدارة الحكم”، رأى كرنيب أن “الحكم للدولة وحدها”. أما ممثّل سفارة فلسطين إدوار كتورة، فقال إن “تعاطي لبنان مع الفلسطينين بطريقة أمنية، يجبرهم على التفكير بطريقة أمنية”. مضيفاً أنه “لأول مرّة يُدمّر مخيم بغطاء فلسطيني، والدولة اللبنانية تعاملت مع الفلسطيني كأنه هو من خسر الحرب في مخيم نهر البارد”. أما كرنيب، فشرح وجهة نظر قوى الأمن الداخلي، وكيف يجب أن يكون جميع من هو على الأراضي اللبنانية “خفيراً” للدولة، فرّد عليه كتورة “نقبل أن نكون خُفراء لكننا لن نكون مخبرين”، معتبراً أن “أكبر فصيل داخل المخيمات اليوم هم المخبرون”. ثم تحدث ممثل حزب الله عطا الله حمود، الذي سُئل: “ماذا فعلتم للفلسطينيين في البارد وأنتم من اعتبر المخيم خط أحمر؟”. فأجاب: “نعمل لأجل الفلسطينيين، ونتعرض لضغوط عدة، وأكبر دليل ما يجري في مصر”. ثم تحدث سهيل الناطور عن “ضرورة تحديد الوضع القانوني للاجئ، هل هو لاجئ أم أجنبي على الأراضي اللبنانية”؟ كذلك رأى عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية مروان عبد العال أن “الخصوصية اللبنانية أثّرت في الخصوصية الفلسطينية”.