وفد من «حماس» في القاهرة... ونتنياهو يقلّل من التفاؤلالقدس المحتلة، غزّة، القاهرة ــ الأخبار
بعد ساعات على قمة الساعة والنصف التي جمعت الرئيس المصري حسني مبارك ونظيره الإسرائيلي شمعون بيريز في القاهرة أول من أمس، وصل وفد من حركة «حماس» بقيادة محمود الزهار إلى مصر لوضع الترتيبات الأخيرة لصفقة تبادل الأسرى مع إسرائيل.
بدأ الوفد، الذي يضمّ قياديّاً من «كتائب عز الدين القسام»، محادثات مع مساعدين لرئيس الاستخبارات المصرية عمر سليمان، وسط تعتيم إعلامي وإجراءات أمنية مشددة.
وعززت التكهنات الخاصة بقرب إبرام الصفقة المنتظرة، تصريحات لعدد من المسؤولين الفلسطينيين، أعلنوا في خلالها أن إسرائيل خفّفت من شروطها لإبرام صفقة تبادل الأسرى، ووافقت على أن يشمل الاتفاق الإفراج عن نحو 160 أسيراً رفضت إطلاق سراحهم من قبل، بينهم عدد من فلسطينيي 48. وقالت المصادر إن هناك أملاً في إبرام اتفاق بحلول عيد الأضحى نهاية الأسبوع الجاري. وكشفت عن أن «حماس» ستسلّم في الجزء الأول من الاتفاق الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط إلى مصر لتفرج إسرائيل بالتزامن عن 350 إلى 450 سجيناً، على أن يُفرَج عن مزيد من الأسرى بعد نقل شاليط من مصر إلى إسرائيل. وقالت مصادر إن «حماس وافقت على خروج البعض إلى المنفى بدلاً من العودة إلى الضفة الغربية أو قطاع غزة».
وفي سياق التصريحات الإيجابية، قال عضو المجلس التشريعي الفلسطيني عن حركة «حماس»، أحمد بحر، خلال اجتماع مع عائلات أسرى فلسطينيين محتجزين في إسرائيل، إن «فجر الحرية لاح وسنحتفي قريباً بأسرانا الأبطال».
وتزامنت تصريحات بحر مع نقل موقع «الرسالة نت»، المقرب من «حماس»، عن مصادر في الحركة قولها إن الصفقة الآن «متوقفة على اسم أسير واحد من بين قائمة الأسماء التي قدمتها حركة حماس». كذلك ترافقت أيضاً مع إعلان الإذاعة الإسرائيلية عقد اجتماع والدَي شاليط أمس مع المنسّق الإسرائيلي في هذه القضية حاجي هداس على مدى ساعتين، وتسرب أنباء عن بدء مصلحة السجون الإسرائيلية بتجميع أسرى فلسطينيين استعداداً للإفراج عنهم، وهو ما نفته مصلحة السجون لاحقاً.
كذلك أشارت صحيفة «يديعوت أحرونوت» إلى أن عدداً من الأسرى الفلسطينيين، ممن وصفتهم بأن أيديهم «تلطخت بدماء اليهود»، اتصلوا بأفراد عائلاتهم ليبلغوهم بأن أسماءهم مدرجة في قوائم السجناء التي قدمتها «حماس» وأنهم سيُحرَّرون قريباً.
وفي ضوء المعطيات الإيجابية، خرج رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، للتقليل من التفاؤل، معلناً أنه «لم يجرِ حتى الآن التوصل إلى صفقة تبادل الأسرى مع حركة حماس». وأضاف أنه لا يعرف «إن كان سيُتفَق عليها»، مبرراً ذلك بأن «الأمر ليس مرتبطاً بنا فقط». وأشار إلى أنه «ستتخذ الحكومة قراراً بهذا الشأن، ثم يُناقَش في الكنيست».
وكان مكتب نتنياهو قد حاول التخفيف من التقارير التي تتحدث عن قرب التوصل إلى صفقة بالقول «إن جزءاً من التقارير لا يستند إلى وثائق، وجزءاً منها أيضاً مشوه عن عمد».
وفيما تتنامى الضغوط على الحكومة الإسرائيلية لإبداء مرونة في اتفاق التبادل، تتصاعد في الوقت نفسه معارضة اليمين الإسرائيلي للصفقة. تناقض دفع عدداً من المراقبين في إسرائيل للقول إنه يمكن الافتراض أن نتنياهو يوشك على اتخاذ أكثر القرارات دراماتيكية له بوصفه رئيساً للوزراء، الذي سيحدد «متى تستسلم دولة للارهاب»، بحسب تعبير المعلق السياسي لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، شمعون شيفر.
وفي حال موافقة نتنياهو على الصفقة، ستبرز معضلة كيفية تصديق حكومته على القرار، في ضوء أصوات الاعتراض التي بدأت تظهر. ولتجاوز هذه المعضلة، يجري التداول بعدد من المخارج، أبرزها تأليف لجنة وزارية يمكن أعضاءها بلورة تأييد للصفقة أو بديل بلورة مشروع قرار تخول فيه الحكومة نتنياهو أن يقرر بنفسه. وبغية تسهيل إمرار القرار، في حال اتخاذه، يتوقع مراقبون أن يضم نتنياهو إلى القرار استنتاجات اللجنة برئاسة القاضي مئير شمغار التي تقضي بأنه في المستقبل لن تطلق إسرائيل سراح عدد كبير من المعتقلين في مقابل جندي واحد، وتعلن أنها ستطلق سراح معتقل واحد في مقابل كل جندي، وعدم مبادلة معتقلين أحياء بجنود أموات.
كذلك يتوقع بروز عدد من التداعيات السلبية، بالنسبة إلى إسرائيل والسلطة الفلسطينية فور تنفيذ صفقة تبادل الأسرى وإطلاق سراح شاليط. وبحسب مراقبين إسرائيليين، إن أحد التداعيات السلبية التي ستواجهها الدولة العبرية، يتمثل بتزايد الضغط الدولي على نتنياهو لوقف الحصار على قطاع غزة بدعوى أنه لم يعد هناك جندي أسير في غزة. ولن يأخذ أحد على محمل الجد ادعاءات نتنياهو بأنه لا يجب الحديث مع «حماس».
ووفقاً لشيفر، فإن «إطلاق سراح مئات المقاومين الفلسطينيين سيثبت حكم حماس في القطاع ويجبر في نهاية المطاف حكومة نتنياهو على التسليم بالطبخة التي أعدتها».
وفي موازاة تعزيز سلطة «حماس»، يشير المحللون الإسرائيليون إلى تداعيات سلبية للصفقة على السلطة الفلسطينية برئاسة محمود عباس. وفي السياق، يرى المراسل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، أليكس فيشمان، أن «بتنفيذ الصفقة، وفق ما يُنشر في وسائل الإعلام، تحكم حكومة إسرائيل بالإعدام على حكومة أبو مازن، الأمر الذي يمكنه أن يؤدي إلى فوضى في الضفة الغربية، وإلى نشوء التيارات المتطرفة في فتح التي تعتقد على أي حال بأن لا معنى للحديث مع إسرائيل وبأن العنف مجد».