تل أبيب تتحدث عن «خداع» إيراني غايته «الردع»الروس غيّروا موقفهم لكنّ الصينيين على حالهم حيال إيران التي تخادع في إظهار قدرات عسكرية لا تمتلكها من أجل تحقيق نوع من الردع. هي باختصار القراءة الإسرائيلية للوضع الإيراني في الوقت الراهن
وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الوضع الشامل في مقابل طهران بأنه «أفضل من الناحية السياسية، لكن من الناحية العملية فإن إيران تواصل تطوير برنامجها النووي». وأبلغ نتنياهو وزراء حكومته، خلال جلستها الأخيرة، أن موقف روسيا بخصوص الموضوع الإيراني والعقوبات المحتملة قد تغيّر، أما «الصينيون فما زالوا خارج الموضوع على ما يبدو».
وأشار رئيس الوزراء خاصة إلى الموقف المتشدد للرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، وإلى أن «الولايات المتحدة أظهرت تشدداً أكثر مما كانت عليه في الماضي». وأولى نتنياهو أهمية كبيرة لإدانة الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا لمنشأة قم النووية، وعبّر عن تقديره للمطالب الدولية الواضحة من إيران. ورأى نتنياهو أن هذا الموضوع والأحداث التي تلت الانتخابات الإيرانية أدّيا إلى تراجع شرعية إيران في العالم.
وفي السياق، وصف نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي سيلفان شالوم المحادثات بين الدول الست الكبرى وإيران في جنيف بأنها «مضيعة للوقت»، مبرراً ذلك بالتأكيد أن الإيرانيين «لن يتخلّوا أبداً عن خططهم بأن يصبحوا دولة نووية». واستبعد شالوم فرض عقوبات في إطار مجلس الأمن الدولي على إيران، لأن من غير المرجح أن تؤيّد الصين وروسيا مثل هذه الخطوة.
في هذا الوقت، نقلت وكالة «يونايتد برس انترناشونال» عن مسؤول عسكري إسرائيلي «واسع الاطلاع» قوله إن «القدرات النووية والعسكرية الإيرانية ومحاولات بسط هيمنتها في المنطقة لا تزال محدودة في هذه المرحلة»، لافتاً إلى أن «إيران تعرض صورة مخادعة ومضلّلة من خلال تعظيم قدراتها لتحقيق ردع تجاه إسرائيل والمجتمع الدولي». لكنه أضاف «ينبغي التشديد على أنه إذا استمرت إيران في سياستها الحالية، فإن قوتها ستتزايد وكذلك التهديد الذي تمثّله، ومن هنا تنبع أهمية البعد الزمني لوقف تعاظم قوتها». وأضاف المسؤول الإسرائيلي أنه «على الرغم من الغليان الداخلي في أعقاب نتائج الانتخابات الرئاسية الإيرانية، يبدو أنه لن تطرأ تغييرات مهمة في سياسة إيران الداخلية أو الخارجية، وطهران ستستمر في سياستها الراديكالية التي تمثّل تهديداً لإسرائيل والشرق الأوسط والعالم كله». وتابع أنه بالرغم من حقيقة عدم امتلاك إيران لأسلحة نووية حالياً، «لكن عام 2010 قد يكون عاماً حاسماً في ما يتعلق بتقدمها نحو قدرات كهذه». وعن القدرات الصاروخية الإيرانية، لفت المسؤول الإسرائيلي إلى أنه «رغم الأنباء الكثيرة التي تُنشر عن تطوير منظومات أسلحة حديثة في إيران، لكنها على ما يبدو غير قادرة وليست جاهزة لإنتاج كل الأنواع والطرازات التي تنسبها إلى نفسها وبكميات كبيرة، ويبدو أن هذا التهديد لا يزال في طور التبلور، وتسعى إيران إلى تصعيده من أجل تعزيز مكانتها وقوة ردعها».
وكشف المسؤول العسكري الإسرائيلي عن أن «إيران تسعى في الآونة الأخيرة إلى تحسين تعاونها الأمني مع ثلاث دول مركزية في الخليج هي قطر والبحرين وعمان، وذلك في إطار سعيها إلى تحقيق هيمنتها كدولة عظمى إقليمية في هذه المنطقة المهمة والحساسة». وأضاف أن «إيران تشدد أمام قطر والبحرين، المواليتين للغرب واللتين تستضيفان قواعد أميركية كبيرة في المنطقة، على أن أمن الخليج يجب أن يكون قي أيدي دوله، وأنه ينبغي إخراج الجهات الأجنبية الغربية منه».
في المقابل، رأت صحيفة «هآرتس» أن «العالم الغربي في حالة اصطفاف أخيرة في مواجهة إيران قبل حصول طهران على الطاقة النووية». وأضافت أن «المعطيات الأساسية لم تتغيّر، وخاصة أن الساعة الإيرانية تتقدم بوتيرة إنتاج 3 كيلوغرامات يورانيوم مخصّب في اليوم». وحذّرت من أن «امتلاك إيران أسلحة نووية سيغيّر من موازين القوى بين المتطرّفين والمعتدلين في الشرق الأوسط، الذي سيتحول إلى منظومة نووية متعددة الأقطاب تطلّ من تحتها منطقة تفتقد الاستقرار».
ورفضت «هآرتس» تشبيه الوضع الذي سيتكوّن بالوضع الذي كان قائماً خلال الحرب الباردة، وخاصة أن «إيران نووية تعني السعودية النووية ومصر النووية وتركيا النووية وعالماً ثالثاً نووياً، الأمر الذي سيحوّل القرن الـ21 إلى قرن الرعب». وأكدت الصحيفة «عدم وجود خوف حقيقي من إمكان شنّ إسرائيل هجوم فوري على إيران لعدة أسباب هي: ان التوقيت المثالي لذلك قد مرّ والتوقيت الأخير للهجوم العسكري لم يحن بعد، فضلاً عن أن الأسرة الدولية فقدت صبرها أخيراً وأن النظام الإيراني في حالة ضعف، سياسياً واقتصادياً، ولأن القيادة الإسرائيلية الحالية تتحلّى بالمسؤولية ولا تهرول نحو الحرب أو تسارع للضغط على الزناد».
وحذرت «هآرتس» من أنه «إذا لم تستخدم الأسرة الدولية الدبلوماسية المتشددة مع إيران فستضع نفسها أمام المعضلة المستحيلة، وهي أنه لا مفرّ من امتلاك إيران للقنبلة النووية. وإذا حدث ذلك، فسيتحمّل أوباما وساركوزي وبراون مسؤولية شخصية، لا عن نشوء شرق أوسط آخر فقط، با أيضاً عن نشوء عالم آخر».
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي)