في مرفأ بيروت حالياً كميات كبيرة من اللحوم الهندية الفاسدة، المستوردة من الشركتين الهنديتين «نور» و«القريشي». الفحوص أكدت أنها تحمل جرثومة «السلمونيلا»، وأصحابها يعملون على إدخالها إلى السوق اللبنانية، ووزير الزراعة يؤكد: «لن تدخل»!
رشا أبو زكي
2004: أصدرت وزارة الزراعة قراراً يمنع استيراد اللحوم من الهند حتى إشعار آخر، بعدما وردت إلى لبنان من الهند لحوم فاسدة مع شهادات رسمية غير مطابقة للشروط المطلوبة.
نيسان 2006: أعادت وزارة الزراعة العمل بقرار استيراد اللحوم المجمدة من الهند.
صيف 2006: قسم المباحث الجنائية المركزية يحقّق في الادعاء على عدد من موظفي وزارة الزراعة، لسماحهم بصفتهم الرسمية، موظفين أو متعاقدين مع وزارة الزراعة، باستيراد لحوم مضرّة بصحة الإنسان خلافاً للأصول.
27 آب 2008: أعلنت وزارة الزراعة أن الفحوص المخبرية التي أجريت على شحنة لحوم مستوردة من الهند، أثبتت تلوّثها بجرثومة «السلمونيلا» الخطيرة، ونتيجة لذلك، أصدر وزير الزراعة إلياس سكاف قراراً يحمل الرقم 375/1 شطب بموجبه مسلخي «عمرون» و«الكبير» الهنديين من لائحة المسالخ التي يُسمح بتصدير اللحوم منها إلى لبنان.
24 تموز 2009: تسمّم 35 بقاعياً جراء تناولهم لحوماً فاسدة.
9 آب 2009: حذّرت «جمعية العناية بالصحة الغذائية» من وجود كميات من الدجاج والبيض في الأسواق اللبنانية لا تتوافر فيها المواصفات الصحية السليمة». ونبّهت الجمعيّة إلى وجود مخالفات تجري في مديرية الثروة الحيوانيّة التابعة لوزارة الزراعة، ما يؤدي إلى تغطية التجار المخالفين.
6 تشرين الأول 2009: بعض التجار المدعومين من بعض الجهات النافذة يحاولون إدخال باخرة محمّلة ذرة فاسدة إلى مرفأ طرابلس، ومن ثم إلى مرفأ بيروت بعدما رفضت في موانئ الأردن... ولا تزال الباخرة حتى يومنا هذا في المياه الإقليمية اللبنانية!
تشرين الأول 2009: بعد جزين وطرابلس ومناطق أخرى، لحوم فاسدة في صيدا، أدت إلى إصابة ما يزيد على 20 شخصاً بحالات تسمم غذائي.
9 تشرين الأول 2009: حذرت «جمعية العناية بالصحة الغذائية» في بيان من عمليات إدخال كميات من لحوم وصلت إلى مرفأ بيروت بتاريخ 7/9/2009، وتبين بعد فحصها في المختبر أنها تحمل جرثومة «السلمونيلا». وأكدت الجمعية أن لديها معلومات تفيد بأنّ بعض تجار اللحوم وموظفين في وزارة الزراعة يحاولون التلاعب على القوانين عبر محاولات إدخال تلك اللحوم، على اعتبار أن الوزير لم يمنع الشركتين من التصدير إلى لبنان...
ألا تستدعي هذه الوقائع إعلان حالة طوارئ صحية والبدء في التنقيب عن مافيات اللحوم الفاسدة في لبنان؟

ماذا يقول المعنيون في الوزارة؟

■ يقول رئيس مركز الحجر الصحي البيطري حاتم المصري: نسبة اللحوم التي أثبتت الفحوص المخبرية أنها فاسدة وغير صالحة للاستهلاك البشري ارتفعت من مطلع الشهر الماضي حتى الآن حوالى 10%، فيما كانت في السابق لا تتعدى نصفاً في المئة. ويلفت إلى أن لبنان يستورد اللحوم من 7 مسالخ هندية، بعضها مشكوك في أمرها، والبعض الآخر يصدّر لحوماً جيدة... لماذا لم توقف عمليات الاستيراد من المسالخ التي ثبت أنها سيئة؟ يقول المصري إن هذا الموضوع من صلاحيات مديرية الثروة الحيوانية، فيما تؤكد مصادر «الأخبار» أنه لا بند في القانون يشير إلى وقف التعامل مع المسالخ أو الشركات التي تحاول إدخال بضائع ولحوم فاسدة إلى لبنان! لكن لماذا ترتفع نسبة التسمم من اللحوم في الآونة الأخيرة؟ ألا يعني ذلك أن اللحوم الفاسدة تعبر الحدود على الرغم من الفحوص التي تثبت أنها فاسدة؟ يرفض المصري هذا الاحتمال، ويرى أن التسمم ناتج من فساد اللحوم بعد دخولها نتيجة سوء النقل والحفظ وغيرها، ويرى أن مديرية حماية المستهلك والبلديات، مسؤولين عن مراقبة الأسواق.
■ يقول وزير الزارعة إلياس سكاف: في مرفأ بيروت باخرتان آتيتان من الهند تحملان لحوماً فاسدة. وحتى الآن كُشف على مستوعب يحمل لحوماً فاسدة، ويستمر فحص المستوعبات الأربعة الباقية. ويلفت إلى أن مستوردي هذه اللحوم وُضعوا على اللائحة السوداء بعد تكرار المخالفة للمرة الثالثة. ويلفت إلى أن باخرة جديدة انطلقت من الهند قبل أن يصدر قرار بوضعها على اللائحة السوداء، وبالتالي ستُفحَص حمولتها للتأكد من نوعية اللحوم التي

مستوردو اللحوم الهندية على اللائحة السوداء
تحملها. ويشير سكاف إلى أن الوزارة عمّمت على المفتشين الصحيين فحص المستوعب مرة واحدة فقط، وذلك لتفادي التلاعب بنتائج الفحوص... لكن لماذا تُستورَد اللحوم من الهند على الرغم من أنها ممنوعة من الدخول إلى العديد من الأسواق؟ يجيب سكاف بأن الدول الأوروبية منتجة للحوم، وبالتالي فهي تمنع منافسة اللحوم الهندية لإنتاجها المحلي. ويوضح أن الوزارة أرسلت فريق عمل إلى الهند للكشف على المسالخ، وتبين أنها ذات مستوى مرتفع من حيث النظافة والوضع الصحي والبرادات. ويشير إلى أنّ هناك تبادلاً تجارياً بين لبنان والهند ولا يمكن وقف استيراد اللحوم بسهولة. كذلك فإن اللحوم الهندية تمنع الاحتكار السوق المحلية، وتخفض الأسعار، ويؤكد أن اللحوم الفاسدة لن تعبر إلى لبنان.

ماذا تقول النقابات؟

■ يقول مصدر معنيّ لـ«الأخبار»: هناك محاولات جارية لإدخال 5 مستوعبات من لحم العجل غير الصالح للاستهلاك البشري إلى لبنان، مصدرها شركتان هنديتان: AL-NOOR EXPORTS، و QURESHI INTERNATIONAL. ويلفت إلى ضرورة إصدار قرارات فورية بإعادة هذه الكميات إلى الهند، وإلا فسيعمد التجار إلى استيراد كميات أخرى من هذه اللحوم. ويشير إلى أنه في عهد وزير الزراعة علي حسن خليل أوقف استيراد اللحم الهندي، إلا أن وزير الزراعة طلال الساحلي ألغى هذا القرار. ويلفت إلى أنه في عام 2008 دخل إلى السوق اللبنانية 10 آلاف طن من اللحم الهندي السيئ النوعية، وبيع في المحالّ والسوبرماركت على أنه لحم بلدي بأسعار مرتفعة. ويشدد على أن المسالخ في الهند سيئة جداً، وتقرير اللجنة الذي أرسلته وزارة الزارعة إلى الهند يحمل مغالطات كثيرة!
■ يقول أمين سر نقابة مستوردي ومصدري اللحوم المجمّدة سميح المصري: من المفترض أن لا تدخل إلى السوق اللبنانية أية لحوم تخضع للفحوص المخبرية ويثبت أنها فاسدة، ويجب على وزير الزراعة أن يمنع الشركات التي تُدخل البضائع واللحوم الفاسدة من العمل.
■ يقول رئيس اتحاد القصّابين وتجار المواشي معروف بكداش: هناك الكثير من الشائعات التي تطال سوق اللحوم في لبنان. ويلفت إلى أنه لم يسمع يوماً بـ«جمعية العناية بالصحة الغذائية»، لافتاً إلى وجود نقابتين رسميتين في لبنان تقدمان الأخبار الموثوقة، وهما اتحاد القصابين من جهة، ونقابة مستوردي ومصدري اللحوم المجلدة من جهة أخرى. ويرى أن نشر هذا الخبر يوم أمس غير مفهوم، لأن وزارة الزراعة كشفت على بواخر اللحوم الهندية، ورفضت دخولها إلى السوق اللبنانية.

وماذا عن حماية المستهلك؟

■ تقول ندى نعمة من جمعية المستهلك: تقوم الجمعية بمشروع مع البلديات لمراقبة سوق اللحوم في لبنان وضبطها، وقد تبين أن نوعية اللحوم دون المستوى المطلوب، لا بل إن بعضها لا لون له ولا طعم. وتلفت إلى أن البعض يعملون على خلط اللحم المجلد بالطازج، والبعض يعملون على بيع اللحم السيئ النوعية المستورد من الهند أو البرازيل أو غيرهما من الدول من دون إعلان بلد المنشأ بأسعار زهيدة، وبالتالي يشتريها الفقراء، «لكن هل المفترض أن يموت الفقير لأنه لا يملك المال لشراء اللحم البلدي؟». وتلفت إلى أن بعض الملاحم تبيع اللحوم المستوردة السيئة النوعية على أنها محلية بأسعار مرتفعة، وبذلك تغش المستهلك. وتشرح أنه في لبنان، خلافاً لجميع دول العالم لا تصنّف اللحوم وفق درجات الجودة، حيث تباع اللحوم بأسعار موحدة بغض النظر عن نوعيتها، كذلك فإن مراسيم وزارة الزراعة تشدد على سلامة اللحوم من دون التركيز على الجودة والنوعية.