جديد الاحتلال: الخدمة المدنية!
الجميع يعرف ما هي الخدمة العسكرية، لكن لا أعرف إن كنت قد سمعتم بتعبير «الخدمة المدنية».
الخدمة العسكرية هنا غير مفروضة على أبناء الشعب الفلسطيني المرابطين في أرضهم (وأقصد ممن يخضعون للسلطة الإسرائيلية «كمواطنين» باستثناء الدروز والشركس الذين ألزموا على الخدمة ضمن خطة محكمة لأسرلتهم يطول شرحها)، لكن هذا الأمر المفروغ منه منذ سنين، أي عدم خدمتنا في الجيش الإسرائيلي، أصبح الآن أمراً مثيراً للجدل. هم يدعون أنهم يقدمون لنا الخدمات وعلينا أن نقوم بالمقابل بخدمة ما، وبما أنهم «يتفهمون» أننا لن نخدم بالجيش لأن الأخلاقي لا تسمح لنا بأن نقاتل لحمنا ودمنا، هم يتفهمون هذا تماماً!
لهذا اخترعوا لنا مصطلحاً جديداً: الخدمة المدنية. وهي تعني خدمة الجبهة الداخلية في إسرائيل «بطريقة أو بأخرى». هي ببساطة أن يتطوع الشاب أو الفتاة لخدمة «المجتمع» مقابل مبلغ مالي بسيط شهرياً. إلى هنا يبدو الحديث بسيطاً، لكن لكل أمر في هذه الدنيا تبعات: تبعات هذه الخدمة، هي ذاتها تبعات الخدمة العسكرية، الفرق الوحيد هو أنك هنا لا تقاتل ولا تحمل سلاحاً!
منذ أن بدأت الحملات الداعية إلى تجنيد الشباب العربي في الداخل للخدمة المدنية، بدأت حملاتنا المضادة المرتكزة على الدواء الوحيد الذي لا يقوى عليه أي وباء: التوعية، الوعي التام والكامل لما يصحب هذه الخدمة من تبعات، حتى بات واضحاً للجميع، الخدمة المدنية هي الطريق للجيش!
الجميع يعي ماذا تعني الخدمة العسكرية، وما هي تبعاتها، والجميع يعرف أن من يخدم منا، هو خائن!
هم لا يثقون بنا لنخدم في جيشهم، من جهة أخرى يدركون تمام الإدراك أن عدم ثقتهم بنا في مكانها لأنهم يدركون أنه من المستحيل عليهم أسرلتنا وإجبارنا على نسيان أصلنا، ومن نحن ولأي جهة وأي صف ننتمي، فالدم يحن كما يقولون، ودمنا فلسطيني صاف!
ونحن هنا نرفض أن يُستخفّ بقدراتنا العقلية وظنهم بأنه من الممكن خداعنا عن طريق تغيير الاسم، واستعمال طرق ملتوية، لهذا كان شعارنا دائماً: أنا مش خادم!
وما يقدمونه من خدمات (كما يدعون)، هو حق لنا إلى أن تقوم لنا دولة على أرضنا، لأن هذه الأرض هي أرضنا، فنحن هنا قبل أن يكونوا وقبل أن تقوم لهم قائمة على هذه الأرض!
ونحن باقون هنا، شاؤوا أم أبوا، لأن هذه أرضنا، وحقنا، وأصلنا، لأن هذه الأرض هي نحن، وهي أهلنا هنا وفي الشتات وفي كل مكان، وكما غادرها أهلها أول مرة، سيعودون إليها ذات يوم، قريباً إن شاء الله.
الجليل ــ أنهار حجازي

■ ■ ■

وقديمه... الخدمة العسكرية الإلزامية

نعم يا خيتي، هذا هو الجديد. أما القديم،. فلقد فرضت الخدمة العسكرية الإلزامية في الجيش الإسرائيلي على الفلسطينيين الدروز والشركس منذ عام 1956، لمَ هؤلاء؟ كيف كان ذلك؟ نتيجة مؤامرة إسرائيلية وبمساعدة من أوساط رجعية في فلسطين. ورغم أن السلطات الإسرائيلية تحاول التعمية على ظروف الخدمة المدنية، إلا أنه يتضح من خلال توصيات «لجنة أور» أن هناك عملية ربط واضحة ومباشرة بين الخدمة المدنية والخدمة العسكرية، الأمر الذي أشرت إليه، وتوسيع هذه الخدمة من المجتمع العربي إلى الشرطة والجيش وأطر أمنية أخرى. أي إنّ خدمة «المجتمع العربي» هي البداية فقط وهي ذريعة لزجّ عرب البلاد في الأجهزة الأمنية الإسرائيلية.
كل ذلك دفعني مع مجموعة من رفاقي إلى إطلاق هيئة محلية لدعم رافضي الخدمة العسكرية والمدنية في الجيش الإسرائيلي، وأنا أدعوك يا أنهار وأدعو كل شبابنا الفلسطيني من هنا، إلى توحيد جهودنا لرفض كل أشكال الخدمة. وأهمية هذه الهيئة، أنها على عكس سابقاتها، لا تتألّف من إطار طائفي ضيق، بل من دعم كل القوى الوطنية والإسلامية في فلسطين التاريخية، ولقد لاقتها من الأقطار العربية مبادرات دعم ومساندة نأمل أن تثمر عملاً مؤسساتياً يساعد الشباب الرافض للخدمة على الصمود والمواجهة.
لقد نجح الاحتلال إلى حد بعيد، في ترسيخ مصطلح «حلف الدم» بين اليهود والدروز والشركس على خلفية خدمتهم في الجيش الإسرائيلي. كان هذا جرحاً كبيراً، لكن الجدل لم يتوقف في يوم من الأيام بشأن هذه الكذبة الكبرى التي تسمى «حلف الدم». والجدل الآن، يجب أن يتجاوز السؤال الذي طرحه أحد كبار المتصهينين «لماذا تطالبنا الحكومة بحلف الدم في الحروب وتتخلى عنا في حلف الحياة؟ الجدل يجب أن يعود إلى الجذور، فحلف الدم هو مع الأجداد الذين قاوموا المحتل والمستعمر وليس مع المحتلين والطغاة».
بيت جن ــ إحسان مراد