سوق ذكورية غير منظّمة قيمتها 15,000,000 دولار
محمد وهبة
«أزرق، أورانج...»، هي ليست ألوان بعض الأحزاب السياسية، بل هي ألوان حبوب «فياغرا» و«سياليس» و«ليفيترا»... التي توصف لتقوية الانتصاب لدى الذكور. وتفيد الإحصاءات التي حصلت عليها «الأخبار» بأن الاتجار المنفلت بهذه المستحضرات بات يمثّل سوقاً مغرية جداً، إذ إن اللبنانيين ينفقون أكثر من 15 ملايين دولار سنوياً فيها: السوق النظامية الخاضعة للوكالات الحصرية، وقيمتها 5.3 ملايين دولار، والسوق غير النظامية القائمة على التهريب، وقيمتها توازي ضعف قيمة السوق النظامية تقريباً.
من هم المستهلكون؟
بحسب التقديرات لدى شركات الاستيراد المجازة، في لبنان نحو 85 ألف مقيم يُعالجون من ضعف الانتصاب في العيادات المختصة، إلا أن الوقائع تفيد بأن مستهلكي هذه الأدوية والعقاقير والمستحضرات والأدوات (المراقبة وغير المراقبة) يتجاوز كثيراً هذا الرقم، وقد يلامس 200 ألف مستهلك، ومنهم من لا يعاني مشكلات صحية عضوية بقدر ما هو ضحية عمليات الإغراء والترويج التي تجري أحياناً عبر وسائل الإعلام والنشرات الإعلانية.
وتقول مصادر الشركات إن القلّة تشتري العلاج الموصوف من الطبيب والمسجّل على أنه دواء طبي، فيما قسمٌ مهم من المستهلكين يلجأ إلى علاجات عشبية ترخّص الدولة باستيرادها أو تصنيعها تحت عنوان «المتمّمات الغذائية»، وما يبقى مجهولاً هو القسم الثالث الذي يستهلك الأدوية الأصلية المهرّبة والأدوية المزوّرة والعقاقير الممنوعة.

560 ألف حبّة

تقول دراسة أعدّتها شركة لاستيراد الأدوية، إن نحو 85 ألف ذكر في لبنان يتلقّون العلاج من ضعفٍ أو عجزٍ في الانتصاب، وكل فردٍ من هؤلاء يستهلك 6.5 حبّات من الأدوية المسجّلة في متوسط سنوي. والدراسة مبنيّة على أساس أن نحو 25 في المئة من الذكور الذين بلغوا العقد الرابع من العمر وما فوق هم مصابون بعجز جنسي، وبالتالي فإن مجمل استهلاك الأدوية المعروفة لعلاج الضعف والعجز الجنسيين، يبلغ 560 ألف حبة سنوياً من 12 نوعاً مختلفاً من الأدوية المسجّلة والمرخّص باستيرادها من وزارة الصحة العامة، وذلك بقيمة تصل إلى 5.36 ملايين دولار سنوياً.
وبحسب إحصاءات شركة «IMS» المتخصصة بهذا المجال، تسيطر ثلاثة أدوية على الحصّة الأكبر في السوق، بنسبة تركّز تبلغ 81 في المئة، أي ما قيمته 4.38 ملايين دولار، إذ يستحوذ «سياليس» على ما نسبته 32.7 في المئة، يليه «فياغرا» بنسبة 28.5 في المئة ثم «ليفيترا» بنسبة 19.5 في المئة. فيما تتوزّع الأدوية الأخرى 19 في المئة من السوق، كالآتي: «إينيرغا» بنسبة 8.5 في المئة، «تاليس» بنسبة 2.6 في المئة، «تاغرا» بنسبة 2.5 في المئة، «سيغوركس» بنسبة 1.89 في المئة، «بريلوكس» بنسبة 1.7 في المئة، «كافيرجكت» بنسبة 1.6 في المئة، «دوراليس» بنسبة 0.32 في المئة، «لامينار» بنسبة 0.02 في المئة، «فيفيد بلاس» بنسبة 0.01 في المئة.

السوق الموازية

يؤكّد وزير الصحة محمد جواد خليفة أنه لا يمكن تحديد الحجم الفعلي والدقيق لمجمل هذه السوق، إلا أنه يشير إلى أن التهريب والتزوير في هذا المجال هو الأكثر انتشاراً، إذ إن العالم كله، ولبنان أيضاً، يشهد أكبر عمليات تهريب في هذا المجال. ويقول إن حجم السوق الموازية للسوق الشرعية في استهلاك الأعشاب والأدوية المهرّبة والمزوّرة والمقلّدة لا يقلّ فعلياً عن ضعف السوق النظامية. أي إنه لا يقلّ فعلياً عن 10 ملايين دولار، إذ يقدّر أن 1.2 مليون حبة من الأدوية المقوية للانتصاب وأطناناً من الأعشاب المستوردة تُسوَّق في السوق غير النظامية.

ضُبطت كميات تصنّع في الصين والبرازيل وسوريا... وتصدّر إلى الخليج
في المقابل، يعتقد رئيس جمعية أطباء المسالك البولية في لبنان الدكتور مازن طه، أن الدراسات العلمية أثبتت وجود الضعف أو العجز الجنسي لدى 40 في المئة من الذكور الذين بلغوا العقد الخامس من العمر وما فوق، ويتراوح مستوى الانتصاب بين ثلاث درجات (عجز كلي، جزئي، خفيف)، أي إن هناك 197 ألف رجل في لبنان مصاب بهذا الضعف الجنسي، علماً بأن «نسبة نجاح العلاج تبلغ 80 في المئة (تمثّل 157 ألفاً) فيما 20 في المئة لا يستفيدون من العلاج، فضلاً عن أن حالة الانتصاب وقوته لا يمكن أن تكون 100% في بعض حالات مرضى السكري والمشاكل في الشرايين...». وبالتالي، فإن هذه الأرقام تشير إلى أن عدد الذين يلجأون إلى مصادر ثانية للحصول على العلاج، هو في الحد الأدنى 72 ألف ذكر (85000 ـــــ 157000)، هذا باعتبار أن 7 حبات سنوياً هو معدل كافٍ لكل فرد تجاوز الخمسين ومصاب بالعجز. أي إن هؤلاء يلجأون إلى العلاج بالأعشاب والعقاقير المهرّبة والمزوّرة والمقلّدة في السوق الموازية، بكلفة لا يمكن تقديرها، إلا أن قيمتها تتجاوز ضعف قيمة السوق الشرعية.

إعادة تصدير!

وللدلالة أكثر على حجم هذه السوق ومدى قدرتها على النمو في ظل الهوس الذكوري بالقدرة الجنسية، يقول أحد المتابعين لهذا الملف، إن شركات كثيرة حاولت الاستحصال على رخصة من وزارة الصحة العامة لإدخال بعض «المتمّمات الغذائية» من بعض دول أوروبا الشرقية وتسجيلها على أنها أدوية، غير أن الوزارة رفضت الطلب. ويؤكد النائب السابق إسماعيل سكريّة أن هناك أطناناً من الأعشاب والحبوب المضادة للعجز الجنسي تدخل إلى لبنان عبر ممرات التهريب البرية والبحرية، «حتى إن الجمارك لم يعد بإمكانها إحصاؤها، أو تقدير حجم التهريب، إلا أن حجم الاستهلاك والطلب عليها كبير وواضح». ويشير إلى أن منظمة الصحة العالمية، أشارت في أحد تقاريرها عن لبنان إلى أن «نسبة الأدوية المزوّرة والمهرّبة والمقلّدة تبلغ 35 في المئة من مجمل حجم الاستهلاك المحلي، لكن في مجال المنشطات الجنسية قد تكون النسبة مرتفعة جداً». وبحسب مصادر جمركية ومرفئية، فإن كميات كبيرة من أدوية «فياغرا وسياليس وغيرها تدخل إلى السوق عبر قنوات التهريب، وقد ضُبطت بعض الكميات التي تبين أنها تصنّع في الصين على نحو رئيسي، وفي تركيا والبرازيل والهند وتايلاند وسوريا». لكنها تؤكد أن قسماً كبيراً من هذه الكميات يُعاد تصديره إلى بلدان الخليج حيث تُباع بأسعار باهظة، وهي تمثّل «تجارة بعشرات ملايين الدولارات».


2 مصنعان

يُنتَج اثنان من هذه الأدوية في مصانع لبنانية، إذ تصنّع شركة «بنتا»، «دوراليس»، وتبيع منه نحو 1750 حبة سنوياً، فيما تصنّع شركة «فارمالاين»، «تاليس»، وتبيع منه 14300 حبة سنوياً


العلاج عبر آلة أو دواء

تقول دراسات أوروبية، إن نحو 150 مليون ذكر يصابون بالضعف أو العجز الجنسي حول العالم، بينهم 20 مليوناً في أوروبا و30 مليوناً في الولايات المتحدة، متوقعة أن يتضاعف الرقم في عام 2025 إلى 300 مليون. وتشير إلى أن هؤلاء يلجأون إلى استخدام الأدوية التي تساعد على الانتصاب أو إلى عمليات زرع آلة تسهم بهذا الأمر، وقد بلغ حجم السوق الأوروبية، بما فيها عمليات الزرع، 1.085 مليار دولار في 2007، بنسبة نمو سنوية تبلغ 9.3%، لتصل إلى 1.548 مليار دولار في 2011.