قدّم النائب وليد جنبلاط قطعة أرض في بلدة سبلين الشوفيّة لتكون مقبرة للفلسطينيين. الآن يمكن الأحياء من اللاجئين ألا يحملوا همّ موتاهم، فالمقبرة تكفيهم «للعشر سنين الجايين» والأعمار بيد الله
قاسم س. قاسم
«صار فيّي موت بلا ما اتبهدل بموتي»، يقول أحمد جلال ابن مخيم شاتيلا مبتسماً. «والله يا ابني كنا نعتّل هم نموت ويتبهدلوا فينا الولاد»، يضيف الرجل السبعيني بجدية هذه المرّة لإدراكه صعوبة إيجاد مكان لائق ليدفن فيه. للموت في شاتيلا ومخيمات بيروت وقع أكبر من فقدان عزيز فقط، لأن الهم الأساس سيكون تأمين المدفن الذي سيستقبل جثمان الراحل. فبعدما امتلأت الجبانة الداخليّة في المخيم، استغل السكان الرصيف المحاذي لجبانة الشهداء في مستديرة شاتيلا ليدفنوا فيها. هكذا، أصبح الدفن على الرصيف أمراً واقعاً، وجبانة «رسمية». أخذ أبناء المخيمات يطالبون بإيجاد مكان لائق ليدفنوا فيه موتاهم، أو أضعف الإيمان، أن يُسوّر الرصيف. دفعت هذه المناشدات اللجان الشعبية في مخيمات بيروت لتدق جرس الإنذار مطالبة الأونروا ومنظمة التحرير الفلسطينية بالبحث عن أرض. فعملت المنظمة على تسوير الرصيف المحاذي لجبانة الشهداء، وفرزت القبور بطريقة تتسع فيها لأكبر قدر ممكن من الجثامين. فأصبح رصيف مستديرة شاتيلا، وبعدما دُفن فيه الشهداء الذين عادوا من فلسطين، والراحلان كمال مدحت وشفيق الحوت، مدفناً موقتاً دائماً. لكن، وبما أن أغلب جبانات بيروت قد شارفت على الامتلاء حتى المسوّر منها، قدّم النائب وليد جنبلاط لـ«الأونروا» قطعة أرض في سبلين لتصبح مقبرة نموذجية للاجئين. أبناء المخيمات تلقوا الخبر بكثير من الفرح، إذ إن هذه الجبانة ستؤمن لهم المكان «لنندفن فيها لعشر سنين لقدّام»، كما يقول جلال.
ولم يكن إيجاد الأرض في سبلين بهذه السهولة، بل إن اللجان الشعبية في المخيمات ومنظمة التحرير كانت تسعى جاهدةً لإيجاد أرض يمكن شراؤها. فعندما وجدت المنظمة قطعة أرض على طريق المطار القديم، رفضت الدولة اللبنانية الموافقة على بيع هذه الأرض لأنها «تهدد أمن المطار»، كما قال أحد مسؤولي اللجان الشعبية في مخيم برج البراجنة. أما بدء العمل بجبانة سبلين؟ فهو ينتظر إجراء المناقصات لبدء العمل بتأهيلها. وقالت مصادر متابعة للموضوع إن «أغلب المبالغ المالية لتأهيل الجبانة تأمّنت، وتبرعت السلطة الفلسطينية بمبلغ 150 ألف دولار، إدارة «سي سي سي» قدمت هي الأخرى 150 ألف دولار، والأونروا 100 ألف دولار». يضيف المصدر أن «هذه المبالغ ستخصص لتسوية الأرض، فرز المقابر، إنشاء مصلى، حفر بئر، وتشجير الجبانة».


طالب بجبانته فطردوه

افتتحت جبانة مخيم برج البراجنة عام 1981 خلال فترة حرب المخيمات. حينها لم يتمكن أبناء المخيم من الخروج منه ليدفنوا موتاهم في الجبانات المحيطة بالمخيم التي اعتادوا الدفن فيها (رمل العالي، الرادوف). أما الجبانة المستحدثة فكانت ملعباً يتدرّب أشبال فتح فيه. وفي عام 1996 تفاجأ سكان المخيم بمطالبة أحد أبناء منطقة برج البراجنة بالجزء الذي يملكه من الجبانة لإعادتها إليه للبناء فيها، رفض سكان المخيم طلبه فذهب الرجل ولم يعد.