دخلت الأزمة العراقية ـــ السورية في صلب السجال السياسي الداخلي في بغداد، حيث علت الأصوات تطالب حكومة نوري المالكي بالابتعاد عن التصعيد وتركيز جهودها لتحسين علاقاتها بالجوار العربي
بغداد ــ الأخبار
أعلنت بغداد أمس تسليم الوسيط التركي، وزير الخارجية أحمد داوود أوغلو، مجموعة من الأشرطة والصور التي تقول إنها تبيّن تسلل المسلحين من سوريا إلى العراق، في وقت انتقد فيه عدد من السياسيين العراقيين الاتهامات الموجهة إلى دمشق، وعدم التطرق لها خلال الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء نوري المالكي إلى عاصمة الأمويين.
وأعلن مستشار المالكي، حسن السنيد، أمس تسليم الحكومة العراقية لداوود أوغلو مجموعة من الأشرطة والصور التي قال إنها تثبت تسلل المسلحين من سوريا إلى العراق. وأضاف «إن العراق سلم الوسيط التركي أشرطة وتسجيلات واعترافات وصوراً تثبت هذا التورط». وتابع «إن الحكومة العراقية سلمت الحكومة السورية خلال السنوات الثلاث الماضية عدداً كبيراً من الإثباتات التي تبين تسلل الإرهابيين من سوريا، وإن إنكار الجانب السوري لهذه الحقائق وعدم اعترافه بالأدلة العراقية، كمن يحاول أن يغطي الشمس بغربال».
وعن وصف الرئيس السوري بشار الأسد لاتهامات العراق لسوريا بـالـ«لا أخلاقية»، قال السنيد «إننا لا نريد أن نرد بمثل ردود كهذه، إنما لدينا وثائق وأدلّة تثبت حقيقة كلامنا، كما ستكون هناك محكمة دولية، ولها الكلمة الفصل في ذلك».
ولكن الناطق باسم القائمة العراقية الوطنية بزعامة أياد علاوي، رضوان الكليدار، رأى «أن التصعيد الإعلامي ضد سوريا يأتي تغطية لفشل الأجهزة الأمنية»، مضيفاً «أن هذا التصعيد له علاقة أيضاً بالانتخابات البرلمانية، إذ إن الجميع يعرف أن رئيس الوزراء نوري المالكي يركز في الانتخابات المقبلة على نجاحاته في الملف الأمني». وأوضح «أن على الحكومة الابتعاد عن التصعيد الإعلامي غير المبرر مع سوريا».
«التوافق» ترفض الحملة على سوريا: كان الأجدر بالحكومة أن تصعّد ضد إيران
وكشفت الجبهة العراقية للحوار الوطني، التي يترأسها صالح المطلك، عن «إسقاط طائرتي استطلاع إيرانيتين، كانتا تصوران مواقع عسكرية للجيش العراقي، ولدوائر أمنية عراقية. وقالت «إنهما موجودتان حالياً في أحد المواقع العراقية، إلا أنه لم يتم الإعلان عن الحادثة حتى الآن». ووصفت الجبهة تصعيد الحكومة العراقية من حدّة لهجتها ضد سوريا بأنه «غير مبرر وغير منطقي».
وقال الناطق الرسمي باسم الجبهة، محمد تميم الجبوري، «كنا نتمنى من الحكومة، والسلطات الأمنية العراقية، أن تتعامل مع تدخلات دول الجوار بذات المستوى والآلية اللذين تعاملت بهما مع سوريا». وأضاف «إن هناك أدلة تثبت أن إيران أكثر من يتدخل في الشأن العراقي، منها أن جميع الأسلحة والمتفجرات التي تموّل تنظيم القاعدة والمجاميع الخاصة هي من صنع إيراني حديث».
وأكد الناطق باسم «جبهة الحوار الوطني» «إن هذا الموضوع يصبّ باتجاه عزل العراق عن محيطه العربي، والدليل أن علاقة العراق مع الكويت والسعودية وسوريا غير جيدة، وأن هذه الدول أصبحت تتعامل مع العراق بشبه عزلة، وهذا ينعكس سلباً على الدبلوماسية والسياسة العراقية».
من جهته، قال رئيس الجبهة، صالح المطلك، «إن الخاسر الأكبر من تصعيد الأزمة مع سوريا هو العراق». وأوضح «أن الزيارة الأخيرة لرئيس الوزراء نوري المالكي إلى سوريا وصفت بأنها حققت نتائجها وأعطت انطباعاً إيجابياً على تقدم العلاقات، فكيف يتم تصعيد لغة التهديد والوعيد بهذه السرعة في ظل حاجة العراق إلى التعاون لاستتباب الأمن والاستقرار فيه». وأضاف انه «كان الأجدر بالحكومة أن تصعّد من حملتها ضد إيران، وذلك لوجود الآلاف من الأدلة التي تدينها».
على مستوى آخر، أقرّ مجلس الشورى المركزي للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي، انتخاب عمار الحكيم رئيساً للمجلس الأعلى لدورته الحالية بالإجماع، خلفاً لوالده عبد العزيز الحكيم، الذي توفي الأسبوع الماضي. وفور الإعلان عن انتخابه، قال الزعيم الشاب، البالغ من العمر 38 عاماً، أمام كبار قيادات المجلس، «سنعمل جاهدين على أن يحقق المجلس الأعلى الموقع المميز في العملية السياسية بالتعاون مع سائر القوى السياسية الأخرى». وأضاف «أتمنى أن يضم هذا الائتلاف جميع القوى الوطنية. أدعو إلى تشكيل جبهة وطنية واسعة تضم كل القوائم والكتل والائتلافات للقوى الوطنية في البلاد، ومن خلال هذا التماسك بإمكاننا أن ننهض بالعملية السياسية ونواجه التحديات الكبيرة التي تعتري العراق داخلياً وإقليمياً ودولياً». وأكد الحكيم عزمه الانفتاح على المحيط الإقليمي والعربي وكذلك الدولي.