مشاريع استيطانية تستهدف الأحياء العربية لاستكمال تهويد القدسعلي حيدر
عشية الذكرى التاسعة لاندلاع انتفاضة الأقصى، على أثر اقتحام رئيس وزراء الاحتلال الأسبق أرييل شارون الحرم القدسي في عام 2000، شهدت القدس المحتلة أمس تصعيداً إسرائيلياً شمل جانبين: تمثّل الأول في مواجهات بين فلسطينيين ويهود متطرفين داخل باحات المسجد الأقصى وخارجها، فيما بدا الثاني بمثابة استكمال خطط تهويد الأحياء القديمة للمدينة.
ورفعت الشرطة الإسرائيلية درجة التأهب في كل أنحاء إسرائيل، في أعقاب المواجهات التي اندلعت بين قوات الاحتلال ومتظاهرين فلسطينيين في باحة الحرم القدسي والأحياء الفلسطينية المحيطة، تحسباً لامتداد المواجهات إلى مناطق أخرى. وقالت شرطة الاحتلال إن «المواجهات الأولى اندلعت في باحة الحرم القدسي حين هاجم نحو 150 مسلماً مجموعة من المصلين اليهود الذين أرادوا الصلاة في هذا المكان على سبيل الاستفزاز، ورشقوهم بالحجارة»، فما كان منها إلاّ أن أعلنت «إغلاق الحرم القدسي أمام المصلين المسلمين واليهود».
من جهتها، قالت وكالة «معا» الإخبارية إن «عشرات الفلسطينيين، غالبيتهم من الأطفال والنساء، أصيبوا برضوض وحالات اختناق حين اعتدت عليهم الشرطة بالهراوات وقنابل الغاز المسيل للدموع عند باب الأسباط».
تجدر الإشارة إلى أن الاحتلال كان قد فرض طوقاً أمنياً شاملاً على الضفة الغربية منذ منتصف ليل أول من أمس وحتى مساء اليوم، بسبب حلول عيد الغفران اليهودي.
ردود الفعل كانت كثيرة. دعت فصائل وقوى فلسطينية السلطة في رام الله إلى «انتفاضة ثالثة» ووقف اللقاءات والمفاوضات مع الاحتلال الإسرائيلي، فيما رأت مؤسسة الرئاسة أن «اقتحام الأقصى يقضي نهائياً على فرص إحلال السلام».
أما رئيس الحكومة المقالة، إسماعيل هنية، فقد رأى أن «الاحتلال الإسرائيلي يستخدم اللقاءات السياسية والمفاوضات غطاءً لاستباحته المسجد الأقصى في القدس المحتلة».
بدورها، أكدت الجامعة العربية أنها تتابع «بغضب شديد وبقلق بالغ العدوان الصارخ والمبيّت لقوات الاحتلال على المسجد الأقصى والمصلين»، وطالبت «اللجنة الرباعية الدولية ومجلس الأمن بالتدخل الفوري لوقف الانتهاكات».
في هذا الوقت، كشف كتيّب وزعته جمعية «عطيرات كوهانيم» الاستيطانية أخيراً، عن تفاصيل مخطَّط أعدته للاستيلاء على بيوت وعقارات للفلسطينيين في البلدة القديمة. وذكرت صحيفة «هآرتس» أن «الكتيّب جمع تفاصيل متعلقة بنحو 6 منازل في أماكن متفرقة في الحي الإسلامي، تعتزم الجمعية الاستيطانية شراءها. كذلك شمل مخططات توسعية للاستيطان اليهودي خارج الأسواق، في الأحياء المحيطة بالبلدة القديمة في شرق القدس».
وقالت «هآرتس» إن «الجمعية أطلقت على البيوت الفلسطينية التي تخطط لشرائها، أسماءً عبرية، على أن يسكن في هذه البيوت الستة 22 عائلة، ما سيؤدي إلى رفع عدد المستوطنين داخل البلدة القديمة إلى نحو 1000 مستوطن»، موضحة أن «هذا العدد لا يشمل المستوطنين في الحي اليهودي في البلدة القديمة».
وحاول الكتيّب الربط بين عملية شراء المنازل ومواجهة الضغوط الدولية، وقال إنه «في الوقت الذي تخطط فيه الأمم المتحدة ودول العالم لانتزاع القدس والأماكن المقدسة بالقوة من أيادي اليهود، فإن الوجود اليهودي الراسخ والقوي داخل البلدة القديمة يصبح حيوياً وضرورياً بالنسبة إلى قدرتنا في الحفاظ على مركزنا الروحي».
وبحسب «هآرتس»، يتمثل المشروع الأكثر طموحاً الذي يذكره الكتيّب، في «توسيع المستوطنة الصغيرة المسماة كدمات تسيون في قرية أبو ديس، حيث تعتزم الجمعية بناء 300 وحدة سكنية في المرحلة الأولى». ولفتت إلى أن «عملية شراء منازل عربية في القدس تهدف إلى تهويدها والدخول إلى مناطق ليس فيها يهود، ومنع أي إمكان لتقسيم المدينة في حال التوصل إلى اتفاقية سلام».
وفي إطار التضييق على الفلسطينيين في المستوطنات، ذكرت صحيفة «معاريف» أن منشوراً وقع في يد شرطة لواء «يهودا والسامرة»، دعا إلى «عدم السماح للفلسطينيين بقطف الزيتون في عدة مستوطنات، بينها كريات أربع».
وفي غزة، بدت النظرة إلى الميدان غير مطمئنة، إذ توقع مساعد رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، دان هرئيل، أن «تشنّ إسرائيل هجمات جديدة على حركة حماس»، موضحاً أن «هجوم كانون الأول الماضي ليس سوى جولة من بين جولات أخرى».
وكان 17 فلسطينياً قد أصيبوا برصاص قوات الاحتلال أول من أمس، لدى وصول مسيرة تشييع ثلاثة من مقاومي «سرايا القدس»، الذراع العسكرية لحركة الجهاد الإسلامي، إلى مقبرة الشهداء شرق مدينة غزة.