أجمعت كلمتا مصر والسعودية، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، على غياب الرغبة الإسرائيلية في مفاوضات جادّة للتوصل إلى حلّ نهائي للصراع في الشرق الأوسط، في الوقت الذي دعت فيه الولايات المتحدة الدول العربية إلى الإسراع في تطبيع علاقاتها مع الدولة العبرية
تواصلت أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الرابعة والستين على مدى اليومين الماضيين، وتخللتها كلمتان لكل من السعودية، التي رفضت التطبيع مع إسرائيل قبل الانسحاب من الأراضي العربية، ومصر التي شددت على افتقار الاحتلال إلى الإدارة السياسية القادرة على التفاوض البنّاء.
وأكد وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، في كلمته أمام الجمعية العامة، أن بلاده ترفض التطبيع مع إسرائيل قبل الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة وفقاً لمبادرة السلام العربية. وأوضح أن «السلام في الشرق الأوسط لم ولن يتحقق بمحاولة فرض التطبيع على العرب قبل تحقق الانسحاب وقبل إنجاز السلام، وكأن علينا مكأفاة المعتدي على عدوانه في منطق معكوس لا يمتّ إلى الجدية والصدقيّة بأي صلة». وأضاف إن «السلام لن يتحقق من خلال تظاهر إسرائيل بإجراء مفاوضات ثنائية أو متعددة طويلة وغير مجدية، تتطرق إلى كل شيء ما عدا القضايا الأساسية التي تشكل صلب النزاع والسلام المنشود».
وأوضح أن مبادرة السلام العربية، التي كانت السعودية وراء إطلاقها خلال قمة بيروت العربية عام 2002، لا تزال قائمة وتوفر عرضاً جماعياً شاملاً لإنهاء الصراع مع «إسرائيل»، و«الدخول في اتفاق سلام يوفر الأمن والاعتراف والعلاقات الطبيعية لجميع دول المنطقة».
وأبدى الفيصل تشاؤمه من إمكان التوصل إلى حل، متسائلاً «كيف يمكن أن نكون متفائلين إذا كان كل هذا القلق الدولي وكل هذا الإجماع الدولي وكل هذه المساعي الدولية أخفقت حتى الآن في حمل إسرائيل على احترام الالتزامات التي تعهدت بها سابقاً بموجب خريطة الطريق».
من جهته، ألقى وزير الخارجية المصري، أحمد أبو الغيط، كلمة مصر أمام الجمعية العامة، حيث تطرق إلى الوضع في الشرق الأوسط، معتبراً أنه «يتّسم بقدر كبير من التوتر والجنوح إلى المواجهة عن الاستقرار الحقيقي». واتهم إسرائيل بأنها غير صادقة في «تحقيق السلام العادل مع الفلسطينيين»، وبأنها فاقدة «الإرادة السياسية اللازمة للانخراط في مفاوضات جادة ذات صدقيّة لتسوية نهائية للنزاع، تشمل كل عناصره وموضوعاته ومساراته، وتقود إلى قيام الدولة الفلسطينية المستقلة». وتحدث عن الرؤية المصرية الخاصة بالوضع في الشرق الأوسط، داعياً المجموعة الدولية إلى «وضع صيغة للتوصل إلى تسوية نهائية للنزاع». وشدد على ضرورة «التأكد من أن إسرائيل تتعهد بالكف عن أي نشاط استيطاني فى الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فى ذلك القدس الشرقية». ورأى أبو الغيط أن تجميد المستوطنات الإسرائيلية «يجب أن يترافق مع التفاوض لتعزيز ثقة الفلسطينيين حيال النيات الإسرائيلية».
في غضون ذلك، التقت وزيرة الخارجية الأميركية، هيلاري كلينتون، أول من أمس مع وزراء دول مجلس التعاون الخليجي (البحرين والكويت وسلطنة عمان وقطر والسعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة)، إضافةً إلى مصر والأردن والعراق، وبحثت معهم قضايا السلام في الشرق الأوسط وكذلك البرنامج النووي الإيراني وأعمال العنف التي وقعت في العراق واليمن في الآونة الأخيرة.
وقالت كلينتون إنها شعرت بسرور لما سمعته من المسؤولين العرب، رافضةً إعطاء أي توضيحات «لأننا ما زلنا في وسط محاولة دفع بدء المفاوضات قدماً إلى الأمام».
وعقب اللقاء، أصدرت وزارة الخارجية الأميركية بياناً أعلنت فيه أن «المجتمعين أعربوا عن أملهم بحدوث تقدم سريع نحو استئناف المفاوضات بين الإسرائيليين والفلسطينيين»، ورحّبوا بـ«دعوة (الرئيس الأميركي باراك) أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة إلى إعادة إطلاق المفاوضات بدون شروط مسبقة تتناول قضايا المرحلة الدائمة»، بما فيها قضايا الأمن للإسرائيليين والفلسطينيين، واللاجئين والقدس.
بدوره، أكد مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط، جيفري فيلتمان، في مؤتمر صحافي، أن الولايات المتحدة حثت الدول العربية على الإسراع في تطبيع علاقاتها مع إسرائيل، لأن ذلك من شأنه أن «يوفر المناخ الصحيح، لا فقط من أجل عملية المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية بل من أجل التوصل إلى نتائج ناجحة من عملية المفاوضات».
وحثّ فيلتمان بدوره الدول العربية على تقديم دعم سياسي للسلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس، كي تستأنف مفاوضاتها مع إسرائيل، حتى لو لم يُفرض تجميد على بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس المحتلة.
(الأخبار، أ ف ب، يو بي آي، رويترز)