واشنطن وتلّ أبيب تعدّان «صفقة مستوطنات»... وأوباما يقلّص «خطة السـلام الكبرى»
علي حيدر
تجرى مفاوضات سرية بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية، بالتزامن مع تراجع الحديث عن حدة الخلافات بينهما، حول مدة تجميد البناء في المستوطنات وظروف استئنافه، بهدف التوصل إلى صيغة اتفاق يسعى إليها الجانبان، في وقت كشفت فيه تقارير في الدولة العبرية أنّ الولايات المتحدة أبلغت دولة الاحتلال، في الأسبوع الماضي، أن كلاً من قطر وعُمان «مستعدتان لاستئناف العلاقات مع إسرائيل، شرط أن توافق الأخيرة على تجميد أعمال البناء في المستوطنات في الضفة الغربية» المحتلة.
وأوضح الموقع الإلكتروني لـ«يديعوت أحرونوت»، أن دول الخليج تتعرض «لضغوط أميركية بهدف القيام بمبادرات تطبيعية، في مقابل تجميد البناء في المستوطنات». وأشار إلى أن هذه الدول تعرب عن استعدادها لإرساء علاقات رسمية مع تل أبيب «في إطار سلام إقليمي».
يُشار إلى أن مسقط قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع تل أبيب مع انطلاقة انتفاضة الأقصى في عام 2000، كما أغلقت قطر مكتب المصالح الإسرائيلية في الدوحة بعد عدوان «الرصاص المصهور» في كانون الأول 2008.
وعن مساعي حلحلة العقبات التي تعتري العلاقات الأميركية ـــــ الإسرائيلية، لفتت «يديعوت» إلى أن مفاوضات سرية تجرى منذ فترة بين مسؤولين كبار في إداة الرئيس باراك أوباما من جهة، وممثلي رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو «في محاولة لإقرار صيغة لتجميد البناء في المستوطنات». حتى إن الصحيفة جزمت بأنّ الخلاف بين الطرفين بات يقتصر على «مدة تجميد البناء في المستوطنات، والظروف التي تستطيع إسرائيل في ظلها استئنافه».
وممّا جاء في تقرير «يديعوت»، أنه يظهر من «أوراق عمل» تم إعدادها لصنّاع القرار في إسرائيل، قبل لقاء نتنياهو مع المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط، جورج ميتشل، المقرر بعد أسبوعين في لندن، تفيد بأن المسار يتّجه نحو عقد «صفقة مستوطنات» تبلور بين البلدين. ولهذا الغرض سيتوجّه مستشار نتنياهو، المحامي إسحق مولخو، إلى واشنطن لإجراء محادثات مع ميتشل.
كذلك تظهر هذه «الأوراق» أن الأميركيين «يريدون أن تلتزم إسرائيل بوقف البناء في المستوطنات خلال العامين المقبلين، اللذين من المفترض أن يشهدا مفاوضات التسوية الدائمة على المسار الفلسطيني.
غير أن «بيبي» يرفض هذا المطلب، ويتحدث في المقابل عن تعليق للبناء يستمر ثلاثة أشهر فقط، على أن يكون من حق الدولة العبرية، إذا لم يقم العرب بمبادرات تطبيع، بأن تتراجع عن التفاهمات المعقودة مع الأميركيين واستئناف البناء الاستيطاني، بينما يعرب وزير الدفاع إيهود باراك عن استعداده للتجميد لمدة ستة أشهر. وتكمن العقدة، بحسب المصادر نفسها، بواقع أن البيت الأبيض «يرفض إقران التفاهمات بشروط».
ووفق «يديعوت» فإن نتنياهو وباراك يطالبان بأن تتم صياغة كل التفاهمات خطياً، لأن إسرائيل «تعلمت الدرس من عدم احترام إدارة أوباما للتفاهمات السابقة المعقودة مع إدارة جورج بوش».
ويسود أيضاً خلاف بين الطرفين حول تعريف البؤر الاستيطانية، التي تعهّد رئيسا الوزراء الإسرائيليان السابقان، آرييل شارون وإيهود أولمرت، بإزالتها؛ ففيما يتحدث باراك عن إزالة 26 بؤرة، فقد تم بناء نحو أربعين مستوطنة غير قانونية منذ عام 2001.
ووفقاً لتقدير وزراء مطّلعين على تفاصيل الاتصالات مع واشنطن، فسيتمّ، في نهاية المطاف، الاتفاق على «تجميد متقطّع» للاستيطان لمدة ستة أشهر، على أن تتم مواصلة أعمال البناء في الكتل الاستيطانية.

وأوضحت مصادر الصحيفة أن «الخطوات التي تسعى إدارة الرئيس باراك أوباما (الصورة) لتنفيذها بهدف تحريك عملية التفاوض بين إسرائيل والفلسطينيين، قد تم كبحها حتى الآن، لأن لا العرب ولا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد وفّروا للأميركيين الأدوات التي من شأنها أن تتيح استئناف العملية السياسية». وتعليقاً على هذه الأنباء، أشار مصدر أميركي مسؤول إلى أنه «إذا تم التوصل إلى صيغة ما حول المستوطنات، فقد يصبح وارداً أن يجد أوباما وقتاً ليقابل نتنياهو»، انطلاقاً من أنه «لا يوجد في واشنطن وجبات مجانية».
(الأخبار)