مثّلت مواقف نائب رئيس الحكومة موشيه يعلون مؤشراً إلى بداية تبلور معسكر يميني معارض لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو داخل حزبه، وكشفت عما ينتظره في قادم الأيام التي يقف فيها بين الضغوط الأميركية وبين اليمين من داخل حزبه وحكومته
علي حيدر
استدعى رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، أمس، نائبه موشيه يعلون إلى تل أبيب من أجل تقديم توضيحات بشأن مواقفه المعارضة لسياسة الحكومة، وحثّه إياها على رفض طلب الإدارة الأميركية تجميد الاستيطان بشكل كامل في الضفة الغربية، وبشأن مشاركته في احتفال تأييدي لرئيس حركة القيادة اليهودية داخل حزب «الليكود»، اليميني المتطرف موشيه فايغلين.
وكان يعلون، العضو في «السداسية الوزارية»، قد أثار عاصفة من ردود الفعل، في أعقاب المواقف التي أطلقها قبل مشاركته في نشاط احتفالي لمعسكر فايغلين وخلالها، ووجّه خلالها انتقادات شديدة إلى اليسار وإلى حركة «السلام الآن والنخبة المهيمنة»، واصفاً إياها بأنها «فيروس يُلحق أضراراً جسيمة». وأكد أنه لا يخشى الأميركيين «لكن هناك أعضاء في الحكومة يخافون (الرئيس باراك) أوباما، وعلينا أن نقول: كفى».
وشبّه يعلون، الذي يتولى حقيبة الشؤون الاستراتيجية، السلام بأنه «قذارة يلقى على عاتق الجيش مهمة تنظيف آثارها». وقال إن «الساسة يجلبون حمامة السلام وعلى الجيش أن ينظف وراءهم». وغمز يعلون من تأثير الإعلام على رئيس الوزراء. وقال إن «الإعلام الإسرائيلي لديه قوة استطاعت التأثير في رؤساء الوزراء». وأشار إلى أن «النخبة تؤثر في السياسة الإسرائيلية بطريقة مشوّهة». ووجّه انتقادات شديدة اللهجة إلى أصحاب مراكز القوة: أصحاب المال والإعلام، والمحكمة العليا. كما اقترح معاقبة سكان غزة بمنع الماء والكهرباء عنهم، قائلاً «يجب فك الارتباط عن غزة تماماً. لا كهرباء، لا ماء، لا خضار ولا فواكه. لا تزويد للغذاء ولا المال أيضاً».
وكان يعلون قد شارك قبل ذلك بيومين في جولة لليمين المتطرف على مستوطنات الضفة، تعبيراً عن دعمه للمستوطنين وتضامنه معهم، ودعا إلى الاحتفاظ بالبؤر الاستيطانية العشوائية، وإلى إضفاء الصفة القانونية عليها. وقال «إن البؤر الاستيطانية غير القانونية قانونية تماماً»، مضيفاً إن «اليهود يجب أن يسكنوا في كل أرض إسرائيل»، ومعتبراً أن حكم البؤر الاستيطانية كحكم الكيبوتسات.
ووصف مكتب نتنياهو، في بيان له، مواقف يعلون بأنها «غير مقبولة من رئيس الوزراء، لا من حيث الجوهر ولا من حيث الأسلوب، ولا تمثّل موقف الحكومة». كما رأى مسؤولون في «الليكود» أن يعلون «يعدّ الخيار للتنافس على رئاسة المعسكر الوطني، وذلك بعد أقل من سنة من انضمامه إلى الحركة وإلى السياسة».
وهاجم مسؤولو حزب «كديما» «الليكود» بشدة، وقالوا إن «هذا هو الوجه الحقيقي لنتنياهو. فقد حطّم يعلون سياسة ذرّ الرماد في العيون والأوهام التي نثرها نتنياهو، إلى شظايا».
ووصف زعيم حركة «السلام الآن»، ياريف ابونهايمر، مواقف يعلون بأنها «خطيرة وغير مقبولة»، وجزء من «حملة حكومية لمحاولة إسقاط شرعية آراء اليسار في عيون الإسرائيليين».
ونقلت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن نتنياهو قوله في مجالس مغلقة إن كلام يعلون «في مناسبة نظّمها فايغلين، خطير». كما نقلت عن مقرّبين من رئيس الوزراء قولهم إن نتنياهو «يفهم أنه تتبلور في الليكود مجموعة متطرفة تضم موشيه يعلون، تسيبي حوتبيلي وداني دانون، وإنه لو لم تندلع هذه المواجهة الآن، لكانت ستندلع بعد شهرين أو نصف سنة. وإن رئيس الوزراء يعتزم بجدية قيادة خطوة سياسية، وهو ملزم بأن يتعامل باهتمام شديد مع هذه المسألة». وأضافت الصحيفة إن رئيس الوزراء غضب من الشرعية التي منحها يعلون لفايغلين، الذي يحاول رئيس الوزراء طرده من المراكز القيادية للحزب.
وجاءت تصريحات يعلون بعد معلومات نشرتها وسائل إعلام إسرائيلية، عن تعليق طلبات استدراج العروض الحكومية لبناء مساكن في مستوطنات الضفة الغربية والقدس الشرقية حتى مطلع 2010، من دون أي إعلان رسمي عن ذلك، وذكرت التقارير أن هذا الإجراء يطبّق منذ أشهر على الأرض من دون الإعلان عنه.
وفي هذا السياق، أكد وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان، أن «أعمال البناء في المستوطنات مجمّدة عملياً، لكن إسرائيل لن تتحمل وضعاً كهذا وقتاً طويلاً». ونقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة عن ليبرمان قوله، خلال اجتماع مع مراسلي وسائل إعلام روسية، إن «حكومة إسرائيل تنتظر الآن إجراء جولة محادثات أخرى مع الأميركيين»، مشيراً إلى أنه سيشارك في افتتاح أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في شهر أيلول المقبل، وسيلتقي المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل.