تصاعدت حدّة السجال بين السويد وإسرائيل مع دخول رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، على خط الأزمة، مطالباً ستوكهولم بإدانة ما نشرته إحدى صحفها واتهمت فيه الجيش الإسرائيلي بالاتجار بأعضاء من أجساد من يقتلهم من الفلسطينيّين
محمد بدير
وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، التقرير الذي نشرته صحيفة «أفتونبلادت» السويدية وقالت فيه إن الجنود الإسرائيليين يتاجرون بأعضاء أجساد الشهداء الفلسطينيين، بأنه «فرية دم»، معلناً أنه لا يتوقع اعتذاراً عليه من الحكومة السويدية وإنما إدانة له «ولرياح العداء للسامية التي تهب منه».
واستحوذت القضية، التي وصفتها وسائل الإعلام العبرية بأنها «أزمة دبلوماسية»، أمس على جزء كبير من نقاشات الحكومة الإسرائيلية، حيث تبارى الوزراء في التعبير عن مدى استيائهم وشجبهم لما أقدمت عليه الصحيفة السويدية ولموقف حكومة استوكهولم الرافض لتقديم اعتذار أو استنكار ما نشر.
وقال نتنياهو «في عهد حكومة إيهود أولمرت، بُث برنامج ساخر ضد المسيحيين، واستنكر أولمرت الأمر، من دون أن يعتبر ذلك مسّاًَ بحرية التعبير. طوال الوقت أحسنا التعامل مع مثل هذه الأمور، التي تنطوي على هدر الدم وفرية الدم». وتابع «نتوقع أن تتصرف حكومة السويد بالطريقة نفسها».
وأعلن وزير الداخلية إيلي يشاي أنه أمر بتجميد رخص وسمات دخول المراسلين السويديين، الذين يرغبون في العمل داخل إسرائيل، موضحاً أن وزارته سوف تجري فحصاً دقيقاً لكل من يتقدم بطلب بهذا الخصوص.
ولمّح وزير المال، يوفال شطاينتس، إلى عدم الترحيب بالزيارة المزمعة لوزير الخارجية السويدي كارل بلديت إلى إسرائيل الشهر المقبل، قائلاً «إن من هو غير مستعد للتحفظ من فرية دم كهذه، قد لا يكون مرغوباً به في إسرائيل»، مضيفاً «لا يمكن حكومة السويد أن تبقى لامبالية، فثمة أزمة وإلى أن تتعاطى السويد بطريقة مختلفة، فإن إسرائيل لا يمكنها تجاهل مظهر اللاسامية هذا».
وكان مستشار الأمن القومي الإسرائيلي، عوزي أراد، قد أجرى مساء السبت اتصالاً هاتفياً بوزير الخارجية السويدي، طالبه فيه باسم نتنياهو إصدار الحكومة السويدية إدانة رسمية وحاسمة «للتقرير الكاذب». وفي أعقاب المكالمة، بادر بلديت إلى نشر مقالة على صحفته الشخصية على الإنترنت شجب فيها اللاسامية عموماً. ودعا إلى تعزيز العلاقات مع إسرائيل، رافضاً في الوقت نفسه إدانة تقرير «أفتونبلادت»، معتبراً أن «حرية التعبير وحرية الصحافة قيمتان جوهريتان جداً في الدستور السويدي».
ولم تكتف إسرائيل بما كتبه رئيس الدبلوماسية السويدية. وذكرت صحيفة «هآرتس» أن وزارة الخارجية الإسرائيلية وصفت مقالة بلديت بأنها «خطوة في الاتجاه الصحيح»، إلا أنها أوضحت أن الأمر غير كاف وأن إسرائيل تتوقع شجباً قاطعاً.
إلا أن رئيس الوزراء السويدي، فريدريك راينفيلدت، أعلن أنه ليس في نية بلاده الاعتذار على ما نُشر أو شجبه. وقال «إن أحداً لا يمكنه أن يطلب من حكومة السويد انتهاك دستورها. الحكومة لا تتدخل بأي شكل في اعتبارات وسائل الإعلام ولا تحاول التأثير عليها، ولا تتصور اتخاذ رقابة مهما كانت ضد الصحافة».
في المقابل، نشرت صحيفة «افتونبلاديت»، أمس، تحقيقاً جديداً عن سرقة الأعضاء. وقام اثنان من صحافييها بتحقيق في بلدة في الضفة الغربية حصلوا خلاله على معلومات من والدة بلال غانم وشقيقه، الشاب الفلسطيني الذي كان في الـ 19 من العمر عندما قتله جنود إسرائيليون قبل 17 سنة للاشتباه في أنه كان من قادة الانتفاضة الأولى. وأكدت صديقة غانم، والدة بلال، أنه في 13 أيار 1992 نقل الجنود جثة بلال «داخل كيس أسود وقد اقتلعت كل أسنانه. وكانت الجثة تحمل جرحاً من الحلق حتى البطن، وقد أعيدت خياطته بطريقة سيئة».