رغم الحديث عن اتفاق أميركي ــ إسرائيلي على تجميد مؤقت للاستيطان، إلا أن عمليات الكشف عن مخطّطات استيطانية جديدة لا تزال جارية على قدم وساق
علي حيدر
ذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية أن الحركة الاستيطانية التهويدية «إلعاد» قدمت لبلدية القدس مخططاً يشمل بناء 104 وحدات سكنية ومرافق عامة، في حي رأس العمود في الجزء الشرقي من المدينة المحتلة. ويهدف المخطط، بحسب التقارير نفسها، إلى وصْل الحي الجديد، «معاليه دايفيد»، بحي استيطاني قائم وهو «معاليه زيتيم»، عبر جسر، ليشكلا معاً الحي الاستيطاني الأكبر في القدس الشرقية.
وفي حال ربط الحيين، ستنشأ في قلب حي رأس العمود، الذي يضم 14 ألف فلسطيني، مستوطنة يهودية يبلغ عدد سكانها أكثر من ألف نسمة. وهو ما يطرح تساؤلات عن الموقف الأميركي من عملية البناء في الوقت الذي تتواصل فيه المباحثات بين الإدارة الأميركية والحكومة الإسرائيلية حول تجميد البناء في المستوطنات.
وتمهيداً لعملية البناء الجديد، سيتم هدم مباني مركز الشرطة ومبانٍ أخرى في المنطقة وتشييد مكانها 7 مبان متعددة الطبقات تتسع لإيواء 104 عائلات. وأوضحت «هآرتس» أن القائمين على المشروع الاستيطاني يعتزمون بناء شقق فاخرة، وبركة سباحة في منطقة معروفة بأنها «كانتري كلاب»، وناد ومكتبة وموقف سيارات ضخم وكنيس وحضانات أطفال. وأضافت الصحيفة أن «تقديرات بلدية القدس تفيد بأن المخطط سيخضع للتعديل، وعليه فقد تتم الموافقة على بناء عدد أقل من الوحدات السكنية، وخصوصاً أن قسم الهندسة في البلدية رفض المخطط».
ونقلت «هآرتس» عن بلدية القدس قولها إنها لا تسارع إلى تنفيذ الخطة، بل «العكس هو الصحيح، فقد بحثت الطواقم المهنية في البلدية الخطة، ولم يتم التصديق عليها لأنها لا تناسب سياسة التخطيط البلدي في هذه المنطقة».
في هذه الأثناء، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مصادر في مكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو قولها إن مساعدي رئيس الحكومة، يتسحاق مولخو ومايك هرتسوغ، اللذين عادا من محادثات أجرياها في واشنطن الأسبوع المنصرم، توصلا إلى تسوية تقضي بأن تجمد إسرائيل أعمال البناء في المستوطنات بصورة مؤقتة، في مقابل تسهيلات أميركية تسمح لتل أبيب بمواصلة أعمال بناء في المستوطنات التي تم البدء فيها، وتنفيذ دول عربية خطوات باتجاه تطبيع العلاقات مع الدولة العبرية.
كذلك أطلع المبعوثان الهيئة الوزارية «السداسية» يوم الخميس الماضي على «التسوية» التي ستسمح لإسرائيل بمواصلة أعمال بناء في 2500 وحدة سكنية جديدة في المستوطنة، في مقابل تجميد الاستيطان بعد ذلك بصورة مؤقتة وسط جدل حول مدة التجميد، حيث يصرّ نتنياهو على أن تكون لثلاثة شهور، فيما يوافق وزير الدفاع إيهود باراك على ستة شهور.

على الأغلب سيتفق نتنياهو وميتشل خلال لقائهما غداً «على ألا يتّفقا»

غير أن صحيفة «يديعوت أحرونوت» نقلت أمس عن مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة المستوى تقديرها عدم التوصل إلى اتفاق خلال لقاء نتنياهو مع المبعوث الأميركي الخاص إلى الشرق الأوسط جورج ميتشل في لندن يوم غد الثلاثاء. وشددت الصحيفة على أنه تبيّن من تقرير مبعوثي رئيس الحكومة أمام اجتماع «السداسية» أن «الفجوات في توجهات الجانبين لا تزال كبيرة وغير قابلة للجسر».
كذلك نقلت الصحيفة عن مصدر سياسي رفيع المستوى قوله إن الولايات المتحدة وإسرائيل قريبتان من التوصل إلى تفاهمات غير خطية تقضي بالتصرف من خلال ضبط النفس بكل ما يتعلق بمسألة استمرار البناء في مستوطنات الضفة الغربية. وقدر المصدر نفسه أنه «على الأغلب سيتفقان (نتنياهو وميتشل) على ألا يتفقا».
من جهة أخرى، كشف تقرير لحركة «السلام الآن» في إسرائيل أنه تم خلال النصف الأول من العام الجاري، البدء ببناء 600 وحدة سكنية في مستوطنات الضفة الغربية، بينها 96 في البؤر الاستيطانية. وأشار التقرير إلى أن 35 في المئة من تلك الوحدات أقيمت شرق الجدار. كما أن نصف البؤر الاستيطانية التي تعهد وزير الدفاع إيهود باراك بإخلائها والبالغة 23 بؤرة استيطانية شهدت أعمال بناء.
يذكر أن وزير الإسكان الإسرائيلي أريئيل أتياس كان قد أعلن الأسبوع الماضي أن وزارته لم تنشر أي مناقصة لتنفيذ أعمال بناء في المستوطنات منذ تأليف الحكومة الجديدة برئاسة بنيامين نتنياهو في 31 آذار الماضي. لكن سكرتير حركة «السلام الآن»، ياريف أوبنهايمر، قال لصحيفة «هآرتس» إنه «ليس هناك أي سبب يجعل المستوطنين يقلقون، فالواقع الميداني يثبت أنه حتى من دون نشر مناقصات رسمية بالإمكان دفع العشرات من مخططات البناء التي تشمل مئات الوحدات السكنية، وحكومة نتنياهو أيضاً لم توقف أي مشروع بناء وتسمح للمستوطنين بمواصلة أعمال البناء».