واشنطن تفاوض دولاً عربية للحصول على بوادر «حسن نية» تجاه تل أبيبعلي حيدر
طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، خلال لقاء عقده مع سفراء دول الاتحاد الاوروبي أمس، الفلسطينيين والدول العربية بخطوات تجاه تل أبيب في مقابل تجميد الاستيطان، مبرراً ذلك بالقول «إن الكثير من الإسرائيليين مستعدون لتقديم تنازلات عديدة إلى الفلسطينيين لكن ثمة أمر واحد ليسوا مستعدين له، وهو أن يكونوا مغفلين».
وبالتناغم مع موقف نتنياهو، أعرب وزير الدفاع ايهود باراك، خلال محادثاته في واشنطن، عن استعداد إسرائيل للنظر في تجميد مؤقت للبناء في المستوطنات شريطة أن يتوازي ذلك مع خطوات تطبيعية من جانب الدول العربية تجاه إسرائيل. كما عرض باراك سلسلة من الشروط على الفلسطينيين بالقول إن «إسرائيل تتوقع خطوات مقابلة من الفلسطينيين، بينها تعهد بتجديد المفاوضات بشأن التسوية الدائمة، مع التعبير عن استعدادهم للاعتراف بإسرائيل كدولة للشعب اليهودي، وبأن تفضي المفاوضات إلى نهاية النزاع، ونهاية كل مطالب الفلسطينيين من إسرائيل. إضافةً إلى دولة فلسطينية منزوعة السلاح».
وذكرت صحيفة «هآرتس» أن باراك، الذي عاد أول من أمس إلى تل أبيب، بحث مع المبعوث الأميركي جورج ميتشل في واشنطن «بلورة صفقة شاملة تقوم إسرائيل بموجبها بخطوات ذات مغزى لكبح البناء في المستوطنات». وأضاف وزير الدفاع، بحسب «هآرتس»، إن «أي خطوة في المستوطنات ستنفّذ فقط إذا حصلت إسرائيل على ضمانات بأن تقوم الدول العربية بخطوات مماثلة من جانبها للتقدم نحو تجديد المفاوضات السياسية الرامية للتوصل إلى تسوية إقليمية شاملة». واستثنى باراك من هذا التجميد 2000 وحدة سكنية قيد الإنشاء.
وأضاف باراك إن نتنياهو تعهد عدم بناء مستوطنات جديدة، موضحاً أن نقطة الخلاف الرئيسية مع الولايات المتحدة هي «ماذا سيجري بشأن المباني التي هي قيد الإنشاء الآن».
وذكرت «هآرتس» أن ميتشل أبلغ باراك قبل دقائق من إقلاع طائرته أن الرئيس الأميركي باراك أوباما عبّر عن رضاه عن المباحثات.
وفي مقابلة مع محطة تلفزيون «فوكس نيوز»، قال إيهود باراك إن تجميد البناء «جزء من قضية أوسع كثيراً (هي) ما إذا كنا معاً مع الولايات المتحدة وجيراننا الفلسطينيين والعرب يمكننا إطلاق مبادرة سلام أصلية يقودها رئيس الولايات المتحدة». وأضاف «إذا كان سيجري إطلاق مبادرة سلام كبرى فقد نفكر في نوع من التجميد الفعّال لأي مبان جديدة لفترة زمنية محدودة».
وفي خطوة قد تعكس تقدماً ما في المباحثات الأميركية ـــــ الإسرائيلية، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن ميتشل سيزور تل أبيب بعد أسبوعين لمواصلة المباحثات مع المسؤولين الإسرائيليين. وأوضح مصدر سياسي إسرائيلي أنه حتى لو لم يتوصل ميتشل إلى اتفاق مع نتنياهو في موضوع الاستيطان، فإنها ستؤدي إلى مزيد من التقليص في الفجوات بين الجانبين. وأضاف إنه من الممكن أن يطلب نتنياهو التوصل إلى اتفاق نهائي في الموضوع من خلال لقاء مع أوباما في واشنطن خلال الشهرين المقبلين.
في المقابل، نقلت «هآرتس» عن مصدر رفيع المستوى في البيت الأبيض الأميركي قوله إن «محادثات الإدارة الأميركية مع دول عربية لا تزال مستمرة بهدف الحصول على بوادر نية حسنة تجاه إسرائيل ونحن نأمل أن نرى نتائج ذلك قريباً». وفي السياق، أكد نائب وزير الخارجية، داني ايالون، للإذاعة الإسرائيلية، «لا يمكن مطالبة إسرائيل بتسديد دفعة فورية وكاملة فيما الطرف الآخر غير مستعد للقيام بأي خطوة»، مضيفاً «من الواضح أن تجميداً تاماً للاستيطان لن يقابل بفتح سفارة للسعودية في إسرائيل، ولذلك ينبغي أن يجري كل شيء في إطار إقليمي».
من جهة أخرى، نقلت صحيفة «جيروزاليم بوست» عن عضو الكونغرس الأميركي روبرت واكسلر قوله إن إسرائيل لن تخسر شيئاً بموافقتها على تجميد مؤقت للبناء في المستوطنات، لكنها في المقابل قد تربح كل شيء بما في ذلك التطبيع مع العرب. ورأى أنه من الممكن الاتفاق على هذا الأمر بين إسرائيل والولايات المتحدة خلال الأسابيع المقبلة، لافتاً إلى أن إدارة أوباما «قدمت مطالب متساوية، إن لم تكن أكثر، إلى العالم العربي في إطار بدء العملية (التطبيع) والمفاوضات». وقال إن «المطالب المقدمة إلى العالم العربي: السعودية ودول الخليج وشمال أفريقيا العربية أساسية في خطوات التطبيع»، موضحاً أن «ما جرى بحثه (مع الدول العربية) هو مكاتب تجارية، وعلاقات اقتصادية مباشرة، وتبادلات ثقافية وتعليمية، وحقوق طيران للخطوط الإسرائيلية».
إلى ذلك، توقع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، روبرت سيري، أن تقدم دول عربية مهمة على خطوات تطبيعية مع إسرائيل إذا قامت الأخيرة بتجميد الاستيطان كلياً في الضفة الغربية. وقال، في مقابلة مع صحيفة «هآرتس»، إن هذه الدول «ستسمح بفتح مكاتب تمثيل للمصالح الإسرائيلية فيها كما ستسمح للطائرات الإسرائيلية بعبور أجوائها».