شكك رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، في وجود خطة أميركية واضحة المعالم، وفي فرص نجاح الجهود الأميركية لحث دول عربية على تنفيذ خطوات تطبيع تجاه إسرائيل، واتهم الإدارة الأميركية بالسعي إلى الدخول في مشادة معه من خلال مطالبتها بتجميد الاستيطان
مهدي السيد
ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن بنيامين نتنياهو عبّر في الأيام الماضية عن شكوك كبيرة حيال قدرة الإدارة الأميركية على دفع دول عربية مثل السعودية لتنفيذ خطوات تطبيع تجاه إسرائيل في مقابل تجميد الاستيطان. ورأى أن هذه الخطة الأميركية ليست قابلة للتنفيذ، واستنتج أن الإدارة تسير باتجاه الصدام معه.
وأضافت الصحيفة أن نتنياهو سأل وفداً من أعضاء الكونغرس الأميركي، زار إسرائيل أخيراً، عن تفاصيل الخطة الأميركية قائلاً: «هل تعرفون ما هي خطة الإدارة؟ وهل لديهم خطة تشمل بداية ونهاية؟ وما الذي تريد الإدارة تحقيقه؟».
لكن على الرغم من شكوك نتنياهو، تبدو الإدارة الأميركية مصممة على المضي قدماً في «خطتها»، التي لم يعترف بها نتنياهو، وهذا ما يمكن استخلاصه على الأقل من مواقف وتصريحات المسؤولين الأميركيين، ومن البيان الذي صدر في ختام اللقاء الذي جمع وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك مع المبعوث الأميركي الخاص للشرق الأوسط جورج ميتشل في لندن أول من أمس، وعممته وزارة الخارجية الإسرائيلية.
فقد نقلت «يديعوت» عن مصدر مقرب من المحادثات قوله إن «الولايات المتحدة لن تقبل المطلب الإسرائيلي للاعتراف بإسرائيل دولةً يهودية في شرط مسبق للمفاوضات، كذلك سيوضح ميتشل لنتنياهو خلال لقائه به في الأسبوع المقبل أن الولايات المتحدة يمكنها أن تحقق خطوات تطبيع تجاه إسرائيل من جانب دول عربية، فقط إذا ما جمدت إسرائيل المستوطنات مسبقاً».
وجاء في البيان الذي صدر في ختام اللقاء أن «باراك وميتشل أكدا مجدداً التزامهما الهدف المشترك، ألا وهو إحلال السلام الإقليمي بين إسرائيل والفلسطينيين وسوريا ولبنان، والخطوات الواجب اتخاذها لتحقيق هذه الغاية». وأضاف: «تشمل هذه الخطوات إجراءات يجب على الفلسطينيين اتخاذها في المجال الأمني وفي مجال وقف التحريض وإجراءات تتخذها الدول العربية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل وإجراءات تتخذها إسرائيل لتسهيل حركة العبور والتنقل في الضفة الغربية وفي مجال الاستيطان».
في هذه الأثناء، يستمر الخلاف الأميركي ـــــ الإسرائيلي على مسألة تجميد الاستيطان، إذ نقلت الإذاعة الإسرائيلية العامة عن المسؤولين الإسرائيليين قولهم، إنه «لا مؤشرات حتى الآن تدلّ على أن الأميركيين اقتربوا من الموقف الإسرائيلي بخصوص المستوطنات، وهم يواصلون المطالبة بوقف أعمال البناء فيها».
وجاءت أقوال المسؤولين الإسرائيليين في ختام اجتماع لهيئة «السداسية الوزارية»، التي بحثت نتائج المحادثات التي أجراها باراك مع ميتشل. وقد استمع الوزراء الإسرائيليون إلى تقرير بشأن هذه المحادثات قدّمه باراك.
وكانت تقارير إعلامية إسرائيلية قد تحدثت عن أن باراك وعد ميتشل بأن تخلي إسرائيل 23 بؤرة استيطانية «في غضون أسابيع أو أشهر، لا سنين»، وتعهد أنه ما دام وزيراً للدفاع، فإن إسرائيل لن تنفذ بناءً في المستوطنات غير ذاك الذي يُبنى لاحتياجات النمو الطبيعي.
في موازاة ذلك، تستمر حملات الضغوط الداخلية في إسرائيل لمواجهة المطالب الأميركية، وآخرها جاء من داخل «الليكود»، حيث ناشد 12 عضو كنيست، بينهم وزيران (جلعاد أردان ويولي أدلشتاين) ونائبا وزير (جيلا جمليئيل وأيوب قرة) نتنياهو «الحفاظ على التزامه تجاه جمهور الناخبين ومواصلة البناء في المستوطنات».
ففي رسالة بادرت إليها عضو الكنيست تسيبي حوتبيلي، على خلفية الأنباء التي قالت إنه تجري بلورة اتفاق لتجميد مؤقت للبناء في أجزاء من مناطق الضفة الغربية، أشار الوزراء وأعضاء الكنيست إلى أن «حركة الليكود خطت على علمها على مدى كل السنين ـــــ بلو في الحملة الانتخابية الأخيرة أيضاً ـــــ أنها ستسمح بالتطور الطبيعي في بلدات (مستوطنات) يهودا والسامرة (الضفة الغربية)». وأضافوا: «نحن نؤيد سياستك الثابتة في موضوع البناء من حيث وجوب السماح للمستوطنين في البلدات المعترف بها في يهودا والسامرة بالنموّ والتطور». كذلك يذكّر الوزراء وأعضاء الكنيست نتنياهو بما قاله في شهر أيار في جلسة لجنة الخارجية والأمن، التي جاء فيها أنه «لا يمكن قبول الموقف الذي يمنع النمو الطبيعي. هناك مطالب لا يجب الموافقة عليها».