«منظمة التحرير» تتوعّده بالعقاب: تصريحات هستيريّة من اختراع خيال مريضيبدو أن صراع القوى داخل حركة «فتح»، مع اقتراب انعقاد مؤتمرها السادس وسط جدال مستمر بين الداخل والخارج، قد دخل ذروة التأزم، وذلك على خلفية كشف رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير فاروق القدومي، وثائق تظهر تورط الرئيس محمود عباس باغتيال ياسر عرفات
وقع الحدّ داخل حركة «فتح»، رغم أنه لا يزال يأخذ طابع الانشقاق المتأزم إلى أقصى درجة. وبات بالإمكان القول إن تصريحات رئيس الدائرة السياسية في منظمة التحرير الفلسطينية فاروق القدومي، في عمّان الأحد الماضي، فتحت الباب أمام سجالات سياسية داخل «فتح»، قد لا تنتهي في القريب العاجل. القدومي أفرج عن وثائق تعود إلى عام 2003، تكشف «تآمر» الرئيس الفلسطيني محمود عباس والنائب محمد دحلان مع الاحتلال، لقتل الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات. وثائق تأخرت سنوات عن الظهور، إلاّ أنها دخلت في سياق الحرب الدائرة داخل «فتح» على النفوذ بين الداخل والخارجاللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير وصفت اتهامات أبو اللطف لأبو مازن بأنها «هستيرية». وقالت، في بيان، إنه في إطار «سعي القدومي إلى تعطيل انعقاد المؤتمر السادس لفتح، أدلى بتصريحات هستيرية خلال زيارته إلى العاصمة الأردنية عمّان قبل يومين»، مشيرة إلى أن «هذه التصريحات احتوت على مزاعم ضد رئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وآخرين، لا تعدو كونها من اختراع خيال مريض ولمسؤول فقد كل مقومات الاتزان السياسي والنفسي، وخصوصاً الاتهامات بالتآمر على حياة زعيمها الراحل القائد الكبير الشهيد عرفات». وأضاف البيان أنه «لو كان عند القدومي وثائق صحيحة بشأن مثل تلك الاتهامات الخطيرة، لكان من الأجدر به أن يكشفها قبل 5 سنوات».
وطالبت اللجنة التنفيذية القدومي «بالتراجع والاعتذار العلني عن مثل هذه الأقوال التي تصبّ في خدمة خطط أعداء الشعب الفلسطيني والمتآمرين على وحدته». وأشارت إلى أنها «ستدرس في أول اجتماع لها هذا السلوك غير المسبوق من القدومي، لاتخاذ الإجراءات السياسية والتنظيمية وكذلك القانونية بحقه، إذ لا يمكن السكوت عن مثل هذه المزاعم».
أما النائب دحلان، فردّ على اتهامات القدومي قائلاً إنه «كلام لا يستحق الرد. يبدو أن تقدم القدومي في السن وراء هذا الكلام». إلاّ أنه عاد وأوضح أنه «اتفق وأبو مازن على أن يتولى هو (الأخير) الرد».
بالعودة إلى يوم الأحد الماضي، الذي شهد تصريحات القدومي من دون أن تتناقلها الصحف الفلسطينية التابعة بغالبيتها لـ«فتح»، وصف أبو اللطف أبو مازن بـ«المنشق عن فتح»، مضيفاً أنه «مستبد بتصرفاته الانفرادية، سعياً إلى اقتناص الألقاب، والاستيلاء على السلطة». واتهم أبو مازن ودحلان بالمشاركة في مؤامرة «هدفت إلى اغتيال الرئيس الفلسطيني عرفات، وعدد من قيادات حماس». وقال إن «عرفات أودع لديه قبل وفاته، محضر اجتماع سري جمع عباس ودحلان، مع رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل شارون، وضباط من الاستخبارات الأميركية، خُطِّط فيه لاغتيال عرفات وقيادات أخرى من فصائل المقاومة الفلسطينية».
وبحسب نسخة موجزة عن المحضر تلاها القدومي، قال شارون لعباس ودحلان إنه «يجب العمل على قتل كل القادة العسكريين والسياسيين لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وحركة الجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين وكتائب شهداء الأقصى التابعة لحركة فتح». وأضاف أنه «يجب أن تكون الخطوة الأولى قتل عرفات مسموماً، فأنا لا أريد إبعاده إلا إذا كانت هناك ضمانات من الدولة المعنية أن تضعه في الإقامة الجبرية، وإلا فإن عرفات سيعود ليعيش في الطائرة».
أما عباس، فرد بحسب المصدر نفسه، «إن مات عرفات قبل أن نتمكن من السيطرة على الأرض، وعلى كل المؤسسات، فتح وكتائب الأقصى، فإننا قد نواجه مصاعب كبيرة»، مقترحاً «إمرار المخططات الإسرائيلية عبر عرفات نفسه بدفعه إلى الموافقة على تصفيات قيادات المقاومة».
من جهته، قال دحلان لشارون بحسب المحضر، إنه «وضع أخطر قادة حماس والجهاد وكتائب الأقصى تحت المراقبة. ولو طلبت مني الآن أخطر خمسة أشخاص، فإني أستطيع أن أحدد لكم أماكنهم بدقة»، مضيفاً أنه «يعمل على اختراق صفوف التنظيمات الفلسطينية». وتوجه بالحديث إلى شارون أن «عوامل النجاح أصبحت بأيدينا، وعرفات أصبح يفقد سيطرته على الأمور شيئاً فشيئاً».
وعزا القدومي هدفه من وراء الإعلان عن محضر الاجتماع الآن، إلى «تحذير الفصائل الوطنية مما يحاك ضدها، وذلك بعد التأكد من مضمون ما ورد فيه، ومحاولة إجراء عملية فرز داخل فتح بعدما ضمت في صفوفها أشخاصاً لا يتمتعون بالشروط والصفات الكاملة لعضوية الحركة»، واصفاً إياهم «بالدخلاء الهادفين إلى اختراق الحركة». كذلك ندد بقرار عقد المؤتمر السادس لـ«فتح» في مدينة بيت لحم «في حضن الاحتلال الإسرائيلي، وعلى مرأى من رجاله وأعوانه»، وتساءل: «لماذا هذا الإصرار على عقده في الأراضي الفلسطينية المحتلة؟ هل ليتحكم البعض به وبنتائجه؟ أم لهدم فتح ووصمها بالإذعان لتنقلب إلى حزب سياسي محلي في ظل وصاية إسرائيلية؟».
(الأخبار، يو بي آي)