تعكف الإدارة الأميركية على بلورة مبادرة سياسية تُعلَن قريباً، تتضمن جدولاً زمنياً «ملزماً» لإنهاء المفاوضات بين إسرائيل والفلسطينيين، من دون الخوض في تفاصيل القضايا الخلافية
علي حيدر
ذكرت صحيفة «هآرتس»، أمس، أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيعلن في الفترة القريبة مبادرة سياسية تهدف إلى دفع مسيرة السلام في الشرق الأوسط، وتنطوي على وضع جدول زمني ملزم لإدارة المفاوضات حول القضايا الجوهرية المتصلة باتفاق الوضع النهائي والتوقيع على الاتفاق. ونقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي، مشارك في المحادثات بين الولايات المتحدة وإسرائيل والسلطة الفلسطينية والدول العربية المعتدلة، قوله إن الإدارة الأميركية «عاكفة في هذه الأيام على بلورة المبادرة، لكنها ستخرج إلى أرض الواقع بعد تسوية مشكلة المستوطنات ومبادرة الدول العربية تجاه إسرائيل».
وتهدف المبادرة، بحسب «هآرتس»، إلى دفع المفاوضات بين إسرائيل والسلطة القابعة في حالة جمود منذ ستة أشهر. لكنها لن تتناول تفاصيل المفاوضات، ولن تقدم معايير لحل القضايا الجوهرية، لكن ستعالج إطار المحادثات.

المبادرة لا تتطرق إلى تفاصيل قضايا الوضع النهائي وتسلّم بحل وسط للاستيطان
وأشار الدبلوماسي إلى أن «الولايات المتحدة تراجعت عن مواقفها الصارمة بشأن البناء في المستوطنات، وباتت على استعداد للتوصل إلى حل وسط»، موضحاً أن «ما دفع الإدارة إلى تغيير موقفها هو إدراكها أن إسرائيل لن توافق على تجميد تام للبناء في المستوطنات،» وأن «التجميد المطلق غير منطقي والأميركيين فهموا ذلك وهذا ببساطة غير عملي. أضف إلى اقتناعهم بأنّ من غير الممكن تجميد نحو 2500 مبنى في طور البناء».
ويضيف الدبلوماسي: «بناءً على ذلك، يحاول (المبعوث جورج) ميتشل إيجاد صيغة تتعلق بهذه الأبنية». كذلك نبع تغيير الموقف الأميركي أيضاً، بحسب ما يورد الدبلوماسي، من رفض الدول العربية المعتدلة، وفي مقدمتها السعودية، القيام بمبادرة تطبيع نوعية تجاه إسرائيل.
وأوضح الدبلوماسي أيضاً أن الحل الوسط سيتضمن بلورة قاعدة معطيات مشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة تسمح بمتابعة لصيقة للبناء والتأكد من أنها تجري في الحد الأدنى.
وفي هذا السياق، تعمل الإدارة على بلورة بديل لتجميد الاستيطان، يتمثل بـ«رزمة واسعة» تقوم إسرائيل بناءً عليها بخطوات بناء ثقة مع الفلسطينيين والعرب، ما يهمّش مسألة تجميد الاستيطان. ويلفت الدبلوماسي إلى أن خطوات بناء الثقة يجب أن تتعاطى مع قضايا ذات أهمية بالنسبة إلى الفلسطينيين، ويوجد الكثير منها. ويضيف: «يجب بناء رزمة تشمل خطوات كافية لبناء الثقة، وهذا ما يسعى ميتشل إلى القيام به في زيارته القريبة إلى إسرائيل».
ويضيف الدبلوماسي أن المشكلة الرئيسية تكمن في عدم الثقة المطلقة للعالم العربي برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وأضاف أن «العرب لا يثقون بنتنياهو، ويعتقدون أنه سيخدعهم وخاصة في مجال الاستيطان». ويتابع قائلاً إن «العرب يريدون السلام، وهم جادون. لكنهم ينظرون إلى خطاب نتنياهو على نحو سلبي جداً ولا يثقون به».
ويتابع الدبلوماسي قائلاً إنه إلى جانب المسألة الفلسطينية هناك إمكان لتجديد المفاوضات على المسار السوري. ويلفت إلى أن نائب ميتشل والمسؤول عن الملف السوري في طاقمه، فريد هوف، استطلع الموضوع في الأيام الأخيرة في لقاءاته في إسرائيل مع وزير الدفاع إيهود باراك، ونائب وزير الخارجية داني أيالون، ومستشار الأمن القومي عوزي أراد. وأكد أن الولايات المتحدة معنية بتجديد المفاوضات على المسار السوري في مرحلة ما، لكن ليس على حساب المسار الفلسطيني. ويرى أن «تجديد المفاوضات على المسار السوري يؤثر إيجاباً على المسار الفلسطيني»، وأن نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني أيالون قال لهوف إن إسرائيل «مستعدة للبدء بمفاوضات مباشرة مع سوريا، لكن فقط بدون أي شروط مسبقة». وأضاف أن «سوريا لا تستطيع التحدث عن سلام من جهة أولى، ومن الجهة الأخرى تحضّ على الحرب عبر حماس وحزب الله وتقيم علاقة مع إيران».
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «هآرتس» أن الرئيس الأميركي باراك أوباما عبّر عن خيبة أمله من زعماء الدول العربية ومن قيادة السلطة الفلسطينية، لكونهم لا يؤيدون المسيرة السلمية التي يحاول دفعها إلى الأمام كما كان يتوقع منهم. وأضافت أن أوباما قال لزعماء يهود، خلال لقائه بهم يوم الاثنين الماضي: «توجهت برسائل إلى زعماء الدول العربية ودعوتهم إلى تأييد السلام وإظهار ذلك من خلال القيام ببادرات طيبة من جهتهم. ولأسفي وجدت عندهم نقصاً في الشجاعة. ووجدت أيضاً أن قادة الفلسطينيين لا يظهرون حساً قيادياً».
وأشار أوباما إلى أنه يمارس «ضغطاً شديداً» على الجانب العربي. وعبّر عن أسفه لأن «وسائل الإعلام تضخّم موضوع الجدالات التي هي في الواقع داخل العائلة بين الولايات المتحدة وإسرائيل».