Strong>7 آلاف طلب حتى نهاية 2009... ونقص الكادر يؤخّر بتّ الملفاتتنتظر المؤسسة العامة للإسكان نهاية العام الجاري لتعلن عدداً قياسياً في القروض السكنية، يصل إلى 7 آلاف قرض منجز، 60 في المئة منها طلبات للفئات الشابة بهدف الزواج. وفيما يتطور عمل المؤسسة تطوراً تصاعدياً، أصبح النقص في عديد الكادرات الإدارية والمالية معوِّقاً أساسياً يحتاج إلى حلّ

رشا أبو زكي
«بدنا نتجوّز»، سبب مشهور جداً في لبنان يدفع سامر طحطوح ولارا إلى الانتظار بهدوء أمام صندوق المؤسسة العامة للإسكان في بيروت لتقديم طلب قرض سكني، فقد عقدا خطبتهما منذ 3 سنوات، ووجدا بعد بحث مضنٍ منزلاً بـ 100 ألف دولار في جونيه، «وسعر المنزل ليس بقليل، وخصوصاً أن دخلنا الإجمالي لا يتعدى 1500 دولار» يقول سامر، الذي يشير إلى «كدسة» من الأوراق اللازمة لطلب الإسكان، التي استغرق تجميعها أكثر من 4 أشهر... الثنائي الذي يشكو الغلاء الفاحش في أسعار العقارات، استطاع كالشاب مصباح زين الدين التحايل على الوضع الاقتصادي والاجتماعي المرهق في لبنان، فزين الدين يدفع 250 دولاراً كل شهر بدل إيجار لمنزله، لذلك آثر التوجه إلى مؤسسة الإسكان «بحيث أدفع الـ250 دولاراً قسطاً شهرياً بدلاً من الإيجار، وأضمن أنني سأتملك المنزل، ولو بعد 20 عاماً»... إلا أن هاتين الحالتين ليستا وحيدتين، فالقاعة تعجّ بنحو 30 شاباً لا تتعدى أعمار أكبرهم 35 عاماً، وكلهم يسعون إلى الفوز بطلب الإسكان تمهيداً للارتباط الزوجي!
هذا المشهد يتكرر كل يوم، فتتكدس طلبات القروض السكنية في المؤسسة، و60% من هذه الطلبات تعود إلى الفئة الشابة، كما يؤكد رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للإسكان بالإنابة عبد الله حيدر لـ«الأخبار». فعدد الطلبات سجل رقماً قياسياً هذا العام ليصل إلى 4107 طلبات حتى تموز الحالي، إضافة إلى مئات الطلبات الإضافية التي تتزايد يوماً بعد يوم، ما دفع المؤسسة إلى إعلان إقفال أبواب مركزها الرئيسي في بيروت والمكاتب الفرعية في المحافظات أمام طالبي القروض الجديدة في الفترة الممتدة من 20 تموز إلى 3 آب المقبل، ليسهل عليها بتُّ مئات الطلبات، وإنجاز نحو 700 اتفاقية نهائية جديدة تراكمت لديها بفعل تدفّق المواطنين غير المسبوق إلى مكاتب المؤسسة، في مقابل النقص الكبير في الكادر الإداري والمالي لديها بسبب توقف الدولة عن التوظيف في القطاع العام منذ عام 2004!

توقعات بـ 7 آلاف طلب في 2009!

فعلى الرغم من أن الأزمة المالية تتمدد في الاقتصادات العالمية، وتضرب القطاعات، وخصوصاً العقارية، إلا أن لبنان يشهد ارتفاعاً في الطلب على القروض السكنية. فحتى يوم الأربعاء الماضي، وصل عدد الطلبات المقدمة إلى المؤسسة إلى 4107 طلبات، بينها 3592 طلباً حصلت على موافقة من المصارف التجارية ومن مجلس إدارة المؤسسة، وقد أُنجزت 2621 اتفاقية نهائية حتى الآن قيمتها 267 مليار ليرة. أما في العام الماضي، فقد وصل عدد الاتفاقيات النهائية إلى 6400 اتفاقية، وفي عام 2007 أُنجز نحو 5600 اتفاقية، وفي عام 2006 نحو 3500 اتفاقية، فيما كان عدد الاتفاقيات المنجزة في عام 2000 لا يتعدى 1500 اتفاقية. ويتوقع حيدر أن يصل عدد الاتفاقيات النهائية المنجزة هذا العام إلى 7 آلاف اتفاقية. ويؤكد حيدر أن المؤسسة لن تقوم بأية إجراءات لكبح تطور عدد الطلبات، مشيراً إلى أن حجم القروض لن يتعدى 7 آلاف طلب بالكثير، خلال السنوات المقبلة.
ويشرح حيدر أن الأزمة المالية العالمية لم تؤثر قطّ على قروض الإسكان، لأن المؤسسة تتوجه إلى الفئات الاجتماعية المتوسطة والفقيرة، وطالبو القروض في المؤسسة هم من موظفي القطاعين العام والخاص أو أصحاب مهن حرة صغيرة، وهذه الشريحة لم تتأثر مباشرة بالأزمة المالية العالمية. أما اللافت، فهو أن نسبة عدم إيفاء الأقساط الشهرية تصل إلى 0,85%، وهي نسبة ضئيلة جداً لها أسباب عديدة، أهمها حرص المواطنين، وخصوصاً ذوي الدخل المحدود على سمعتهم، وعلى استمرار تملكهم للمنزل بسبب حاجتهم إليه، وكذلك وجود جهتين تدققان في الطلبات، وهي المؤسسة العامة للإسكان، وكذلك المصارف التجارية.

حوافز وتسهيلات

وتؤدي معاناة الشباب اللبناني من تقلص فرص العمل وعدم قدرتهم على تملك المنازل عبر الدفع الفوري، دوراً أساسياً في زيادة عدد طلبات الإسكان، إذ تبلغ نسبة الشباب الطالبين قروض الإسكان حوالى 60% من العدد الإجمالي للمقترضين، ويوضح حيدر أن المؤسسة تغطي حوالى ثلث حالات الزواج السنوية المسجلة في دوائر الأحوال الشخصية المقدرة ما بين 22 ألفاً و25 ألف حالة زواج. كذلك تغطي القروض كل المناطق اللبنانية، ما عدا القرى التي لا يتوافر فيها مسوحات للأراضي.
ويعود سبب ارتفاع عدد الطلبات، وفق حيدر، إلى نجاح البرنامج في الأساس، وخصوصاً لجهة التسهيلات التي تقدمها المؤسسة، ومنها آلية الاقتراض، إذ إن المصارف توفر مبلغاً يعادل ما بين 60% و 80% من قيمة تخمين المنزل. وعلى المواطن أن يدفع الفرق بين ثمن المنزل وقيمة القرض الذي حصل عليه من المصرف بعد اقتطاع 10% من قيمة القرض وإيداعه في حساب المؤسسة العامة للإسكان وديعةً لمصلحة المواطن. ويضاف إلى ذلك قبول الطلبات من دون أي رسم أو مقابل. ويُعفى المواطن الذي يستفيد من برنامج القرض السكني التابع للمؤسسة من رسوم التسجيل، إذ تلتزم بدفعه المؤسسة، ورسوم الفراغ والتأمين المتعلّقة بالمنزل المنوي شراؤه، ورسم الطابع المالي المستحق على العقود والمستندات والمعاملات المتعلّقة بشراء المنزل، وكذلك تدفع المؤسسة الفائدة المستحقة بدلاً من المواطن لحين تسديده مبلغ القرض الأساسي للمصرف. ومن جهة أخرى، فإن تطور عدد الطلبات يعود إلى التسهيلات التي قدمها مصرف لبنان من حيث إعفاء المصارف التجارية من 60% من الاحتياط الإلزامي مقابل القروض المقدمة للمؤسسة.
إلا أن النمو الذي تشهده طلبات السكن تقابلها إشكالات داخل المؤسسة، إذ يقول حيدر إنه يوجد نقص في الجهاز الإداري والمالي يعوق تطور المشروع وتوسعه. إذ تقاعد عدد كبير من الموظفين، وخصوصاً من الكادرات الأساسية في المؤسسة، ومنهم رئيس مجلس الإدارة ورئيس المصلحة الإدارية والمدير العام بالإنابة... ويشرح حيدر قائلاً: «لن نجعل الوقت يمرّ على الملفات لكي لا يخسر المواطنون وعود البيع بسبب تأخر إنجاز ملفاتهم، وخصوصاً أن هؤلاء ارتبطوا مع المالكين من خلال وعود البيع ببنود جزائية».


80 مواطن

هو عدد المقترضين عبر المؤسسة العامة للإسكان الذين تضررت منازلهم خلال حرب تموز، وقد جدولت المؤسسة أقساطهم لـ 18 شهراً، وجددت الجدولة لمدة سنة للمقترضين الذين لم تُنجز أبنيتهم حتى الآن، إلى أن يصبح باستطاعتهم دفع الأقساط المستحقة عليهم


تلويح بعرض المنازل في المزاد العلني